الانفراج اللبناني المغيّب بين «حلب» وتصعيد مرتقب لـ «نصر الله»

مجلس النواب

خلافاً للانطباعات المتسرّعة التي عكستْها وسائل إعلامية داخلية وعربية مختلفة في الأيام الأخيرة، لم تتّضح بعد الانعكاسات اللبنانية المرتقبة للتطوّرات الميدانية الجارية في مدينة حلب السورية على رغم حالة الرصد الواسعة لهذه التطورات في لبنان.

واذ لا يمكن إغفال الأثَر المرتقب لتَقدُّم فصائل المعارضة على واقع «حزب الله» الذي ينخرط بقوّة في معارك حلب وسواها، فإن ما يسترعي انتباه المراقبين ان التريّث يبدو سيّد الساحة اللبنانية راهناً في انتظار مسارٍ أكثر وضوحاً للتطوّرات الميدانية، بدليل غياب المواقف والتعليقات السياسية ذات الوزن الثقيل عن هذا الحدَث في اللحظة الراهنة على الأقلّ.

وفي هذا السياق، تبدي أوساط بارزة في فريق 14 آذار عبر «الراي» وجهة نظرٍ بالغة الحذر حيال تداعيات التطورات الحلبية من منطلق تسليط الضوء على موقف «حزب الله». وفي رأيها ان مجمل المؤشرات لا يوحي بأن ثمة حسْماً كاملاً في حلب ولو تَقدّمت المعارضة، لأن ما يجري هناك هو انعكاس للصراعات والتفاهمات والتوازنات الدولية والاقليمية سواء بسواء، مما يعني ان الحسْم صعب أقلّه بالكامل ولو ان كفة المعارضة رجحت بشكل لافت في الأيام الأخيرة.

وتبعاَ لذلك لا تتوقع الاوساط أيّ تبديل ايجابي في موقف «حزب الله» من الأزمة الداخلية ولا سيما منها في الملف الرئاسي من منطلق ان الحزب يرهن الأزمة الرئاسية لمجريات الصراع الاقليمي الذي يتورّط في ساحاته. فاذا حصلت مكاسب ميدانية لمصلحته كما جرى قبل اسبوعين مع سيطرة النظام السوري على طريق الكاستيلو (في حلب) يغدو موقف الحزب متشدداً من كل مشاريع الحلحلة الداخلية، واذا بدأتْ معالم تراجع النظام ومعه قوات الحزب المنخرطة في القتال كما يحصل الآن، فان الخشية تصبح أكبر من ان تكون ردة فعله الداخلية بمزيدٍ من التأزيم للإيحاء بامتلاكه دائماً ورقة الحلّ والربْط وفق شروطه.

وتعتقد الأوساط نفسها ان واقع الأزمة الرئاسية كما مجمل الواقع اللبناني أصيب راهناً بـ «سكتة دماغية» ظرفية، من دون اي أفقٍ واضحٍ لإنعاش التحركات التي من شأنها ان تعيد الجهود السياسية الى محاولات البحث الجدي عن مخارج للأزمة. فالمرشح الى رئاسة الجمهورية زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون ومعه داعمه الأساسي «حزب الله» سمعا الكلام الحاسم من كتلة «المستقبل» بعدم إمكان قبول الرئيس سعد الحريري بترشيح عون وانتخابه رغم الرهانات المتصاعدة لـ «التيار الحر» على الأزمة المالية الخانقة التي تحاصر الحريري جراء أزمة شركة «اوجيه» في المملكة العربية السعودية والتي اتخذت طابعاً دراماتيكيا في الآونة الأخيرة.

إقرأ أيضاً: الحريري وأوهام السلطة

وتقول هذه الاوساط انه رغم كل التفسيرات والتقديرات الخاطئة التي وقع فيها الفريق المراهن على «استقتال» الحريري للعودة رئيساً للحكومة من خلال قبوله بانتخاب عون، فان تعمُّد الحريري عقْد اجتماعٍ لكتلته قبل مغادرته بيروت الاسبوع الماضي واتخاذ موقف حاسم من التمسُّك بترشيح زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية، بدا بمثابة رسالة قوية الى أصحاب الرهانات على الأوضاع الخاصة بالحريري ودعوة واضحة اليهم للكفّ عن الأوهام.

وجاء الكلام الذي أطلقه رئيس «كتلة المستقبل» فؤاد السنيورة بعد الجلسة 43 لانتخاب رئيس للجمهورية والتي لم يتوافر نصابها اول من امس ليؤكد المؤكد لجهة استمرار ثبات الحريري حتى إشعار آخر على خيار فرنجية، مع عرْض «حيثيات» متقدّمة لعدم السير بعون على قاعدة عدم إلزامية وصول مَن يمثل الأكثر في طائفته إلى الموقع المخصص لهذه الطائفة في حال لم يحصل توافق عليه، معتبراً وفق هذا المنطق انه «اذا كان هناك من احد على اساس انه مسمى من طائفته، فالأجدى في موقع رئاسة الحكومة هو سعد الحريري وليس تمام سلام وايضاً الاجدى أن يتولى رئاسة مجلس النواب (رئيس كتلة نواب حزب الله) الاخ محمد رعد وليس الرئيس نبيه بري». ورغم ان السنيورة سارع الى اصدار بيان توضيح واعتذار من بري وسلام «لأن كلامي فسر أو فًهم خارج سياقه»، معرباً عن «تقديره ومحبته الشخصية للرئيسين بري وسلام للدورالوطني الكبير الذي يقوم به كل منهما»، فان هذا لم يقوّض جوهر الموقف الذي عبّر عنه لجهة مقاربة الملابسات التي تحوط امكان سير «المستقبل» بعون رئيساً.

ومن هنا تعتبر الأوساط البارزة عيْنها ان موقف «المستقبل» قد يرتّب مزيداً من التصلّب لدى الفريق الآخر، ربما تكون معالمه الاولى لدى الفريق العوني في افتعال أزمة جديدة حول التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي في القريب العاجل.

ولذا سيكون من المهمّ انتظار مجريات المعارك الجارية في حلب ومضمون الكلمة التي سيلقيها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله السبت المقبل من بنت جبيل والتي لا تستبعد الأوساط ان تنطوي على مزيد من التصعيد السياسي تعويضاً عن انتكاساتٍ في الميدان السوري سترتدّ على الواقع السياسي الداخلي.

إقرأ أيضاً: معركة حلب في الميزان: قبضة أمنية في لبنان وقلق كردي

وكان بارزاً في هذا السياق استباق بري، الذي التقى امس وزير الخارجية جبران باسيل، الجولة الجديدة من الحوار الوطني في 5 سبتمبر المقبل بمواصلة رفْع سقف التحذيرات من عدم السير بالسلّة المتكاملة للحلّ او ما يُعرف بـ «الدوحة اللبنانية»: «فإذا لم يحصل تفاهم على السلة على ان ننتخب الرئيس اولاً، فإننا ذاهبون الى قانون الستين (للانتخابات النيابية) الذي يرفضه كل الشعب اللبناني، واذا عدنا اليه ولا احد يريده، ماذا نفعل عندما نصل الى الانتخابات النيابية بعد اشهر قليلة؟ لا مجلس نيابياً ولا رئيس للمجلس، لا حكومة ولا رئيس للحكومة، وفوق ذلك كله لا رئيس للجمهورية، اي نذهب الى الفراغ الشامل الذي يقودنا الى الفوضى، وربما الى حرب أهلية، مَن يدري؟».

ومساء، أعلن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق خلال مشاركته في افتتاح «المجلس الاغترابي اللبناني للأعمال» في بيروت، أن هناك إجماع لبناني على عدم توطين أو تجنيس النازحين السوريين في لبنان.

(الراي)

السابق
ووتش: إعدامات السنة بإيران وصمة عار
التالي
بالفيديو: «ABC» تقطع البث عن خطاب ترامب والسبب.. كلينتون!