المرجع الدستوي ادمون رزق يفند طرح مجلس الشيوخ ويحسمه

ادمون رزق

خرجت طاولة الحوار بمفاجأة اشبه بالساحر الذي يُخرِج الارنب من اكمامه كأنما وجد الحل السحري للوضع بطرح موضوع مجلس الشيوخ. وعلى ما يبدو انها لم تجد حرجا في ابقاء التصنيف الطائفي في المجلسين كليهما مما يعتبر خارج اتفاق الطائف.

ولذلك توجهنا الى المرجع الدستوري والقانوني الذي كان من ابرز المشاركين في اتفاق الطائف والذي انشأ مع بضعة عشر من راعي الطائف لقاء الوثيقة والدستور، الوزير والنائب السابق ادمون رزق الذي اشار للكلمة اونلاين الى ان فكرة انشاء مجلس للشيوخ انطلقت بالتوازي مع فكرة الغاء الطائفية السياسية، وعندما عدلنا الدستور عام ١٩٩٠ وضعنا في المادة ٢٢ الجديدة النص الآتي: ” مع انتخاب اول مجلس نواب على اساس وطني لا طائفي … يستحدث مجلس للشيوخ تتمثل فيه جميع العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته في القضايا المصيرية.”

يومها يضيف رزق لم نعدّد ما هي القضايا المصيرية بل وضعنا نصّاً يمكن تأويله بالشمولية المطلقة وعدنا في المادة ٩٥ فأوردنا الاطار الذي تجرى فيه التحولات لتطوير النظام. فأوردنا الاتي: ” على مجلس النواب المنتخب على اساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيين اتخاذ الاجراءات الملائمة لتحقيق الغاء الطائفية السياسية وفق خطة مرحلية، وتشكيل هيئة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية تضم، بالاضافة الى رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء، شخصيات سياسية وفكرية واجتماعية.

مهمة الهيئة دراسة واقتراح الطرق الكفيلة بالغاء الطائفية وتقديمها الى مجلسي النواب والوزراء ومتابعة تنفيذ الخطة المرحلية وتضمنت المادة ٩٥ الفقرة الآتية: ” تتمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة وتعتمد الكفاءة والاختصاص.. من دون تخصيص اي وظيفة لاي طائفة، مع التقيد بمبدأي الكفاءة والاختصاص.”

يتحصل من ذلك يقول رزق ان انشاء مجلس الشيوخ مرتبط مرحليا بمرحلة انتخاب مجلس نيابي وطني وذلك بالتسلسل بعد انشاء الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية المفترض ان يكون تمّ ابتداء من 1992.

والمنهجية المفترض اتبعاها هي تأليف الهيئة الوطنية التي تضم شخصيات سياسية وفكرية واجتماعية اي مؤهلة لاقتراح الطرق الكفيلة بالغاء الطائفية. لذلك فالغاء الطائفية في شكل اساسي يقول رزق هو الشرط الالزامي لالغاء الطائفية السياسية مما يعني الانتقال من المرحلة الطائفية الى المرحلة العلمانية اي الى حالة المواطَنة المتحررة من التصنيفات المذهبية والدينية. وبكل تأكيد ان اتفاق الطائف كما شرحنا عشرات المرات يضيف رزق قد هدف الى الغاء الطائفية من خلال الارتقاء الى الثقافة المدنية ولم يتوخّ ابدا الغاء الطوائف بصفتها مكونات ثقافية للكيان التعددي الموحد.

لذلك لا يمكن طرح موضوع انشاء مجلس الشيوخ، وفقا لاتفاق الطائف، قبل انشاء الهيئة العليا المنصوصة في المادة 95 من الدستور والغاء الطائفية برمتها ومن اساسها ليتسنّى تجاوز الطائفية السياسية.

ويضيف رزق ان الطرح الاستباقي لانشاء مجلس الشيوخ الذي جرى في جلسات الحوار لا علاقة له بالمبدأ الذي انطلق منه مؤتمر الطائف واعتمدته وثيقة الوفاق الوطني هو العبور من الحالة الطائفية الى الحالة العلمانية التي تتجلى في المواطنة بمعزل عن التصنيفات والفرز دينيا ومذهبيا.

ان طرح التجديد برأي رزق هو اخراج سياسي يهدف الى تسوية مرحلية لا الى حل اي انه يتوخى امرار الوقت بدلا من ايجاد السبل الضامنة لمستقبل الوطن كأنما هي مساومة على صفقة يتم بموجبها القبول بانتاج سلطة غير متوازنة مع ترضية باعطاء الطوائف القدرة المباشرة على انتاج مجلس شيوخ على اساس فئوي مذهبي بحيث ان كل مذهب او طائفة يتقوقع لانتخاب ممثليه فيصبح مجلس الشيوخ نوعا من مجلس للطوائف وليس هذا ابدا ما قصده اتفاق الطائف.

إقرأ أيضاً: «مجلس الشيوخ» جديد حوار الطرشان… ما هي صلاحياته؟

ان المسألة وفق رزق ترتدي طابع البحث عن المخارج وعن الاخراج بنوع من التمويه والايهام كأنما الترضية الظاهرية هي نوع من التعويض المبطن ليس على جماهير الطوائف والمذاهب وانما على المرجعيات القابضة والمنتحلة للصفة.

ان اتفاق الطائف واضح وصريح وقد حرصنا يقول رزق على ان لا يكون فيه مجال للالتباس. كذلك فان نص الدستور لا يقبل اجتهادات. فاذا كان ثمة مقترحات للخروج من المأزق فلتُنسب الى اصحابها دون التذرع باتفاق الطائف لانه منها برّاء.

لقد توخينا، يقول رزق من مؤتمر الطائف ووثيقة الوفاق الحفاظ على النموذج اللبناني الحضاري الوحيد في هذا الشرق الذي يعترف بالمواطن والانسان، وقد اجترحنا اعجوبة لامرار فقرة التزام “الاعلان العالمي لحقوق الانسان” ويعرف جميع الزملاء، بدءاً بدولة الرئيس الحسيني من فعل ذلك وكيف تمّ.

لذلك فان اتفاق الطائف هو اتفاق الجمهورية اللبنانية السيدة الحرة المستقلة وهو اتفاق المساواة في المواطَنة الذي يحتّم العبور الى الدولة المدنية المكتملة المواصفات حيث لا يبقى اثر لأي تشكيل ديني في السياسة اي لا يجوز ان يكون على الساحة السياسية اي تشكيل ديني مذهبي مع الاحترام الوافر والمطلق للحرية الدينية وممارسة الشعائر ولكن مع الفصل الكامل والتام بين الدين والدولة انطلاقا من مبدأ ما لقيصر لقيصر وما لله لله.

إقرأ أيضاً: العربة أمام الحصان…. «مجلس الشيوخ» مثالاً

ويبقى ان طاولة الحوار المنعقدة بكل جدارة يقول رزق يجب ان تنطلق من مبدأ تطبيق الدستور واتفاق الطائف نصا وروحا وليس من التفتيش عن المخارج والالهاءات للالتفاف على الانجاز التاريخي.

ان لبنان يضيف رزق يحتاج الى من يعرفه ويؤمن به ويحبه لا الى من يتلاعب به ويغامر به. فلبنان بحاجة الى انقاذ لا الى مزيد من الهروب الى الامام لكسب الوقت لان الاستحقاقات المداهمة لن ترحم ابدا. الجميع يطالب بالطائف والجميع يصر على الدستور اذاً هاتوا برهانكن إن كنتم صادقين يختم رزق قائلا.

(الكلمة اون لاين)

السابق
إشكال في لاسا سببه اعتراضات الشيج العيتاوي
التالي
ترامب يهاجم مهاجرين مسلمين ويصفهم بـ«الحيوانات»