حزب الله وروسيا وإيران: محور المكابرة في سورية

"ثلاثية الحوار" انتهت ولا رئاسة في الأفق... الأولوية للملفات الإقليمية وحزب الله تجاوز العقوبات وسلّم بتقسيم سوريا.

العجز هو الحصيلة الأبرز لما خرجت به “ثلاثية الحوار”. فلا قدرة على التسوية ولا حماسة لخوض المواجهة. الاستسلام للانتظار هو المشترك بين معظم المشاركين. على أنّ العجز، عبر انتظار أو استجداء إشارة اقليمية من هنا أو هناك، يظهر عبر استنزاف الدولة ومؤسساتها، لا بل يمكن ملاحظة أنّ من يبدو قادراً على التعطيل وعلى منع إجراء انتخابات رئاسية، ضعيف، وفي حال من الاستنزاف، لكن المكابرة هي الوسيلة المعتمدة من مختلف القوى.

ليس هناك من يستطيع الإدعاء أنّه يحقق مكاسب سياسية أو شعبية أو اقتصادية. مختلف أطراف الصراع على طاولة الحوار تعاني من أزمات وحال انكفاء وتراجع في الشارع. لكن هذا التراجع والانكفاء، الذي كشفت جوانب أساسية منه الإنتخابات البلدية إذ اظهرت تراجع جاذبية قوى السلطة لدى جمهورها، أظهرت أيضاً أنّ ليس لدى هذه القوى ما تفعله من أجل وقف التراجع، سوى مكافحة أيّ خيارات سياسية أو اجتماعية بديلة… حتى لو كانت ظواهر من المجتمع المدني.

الحوار

ثقل أزمات المنطقة على لبنان ليس خافياُ: من أحداث اليمن وتداعياتها على العلاقة بين لبنان ودول الخليج، وصولاً إلى الأحداث السورية التي تستنزف كل أطراف الصراع في سورية. الثابت أنّ أحداً لن ينتصر في سورية، لكن أحداً لن يخرج قوياً من هذه الحرب المستمرة إلى أجل غير مسمى. الاستنزاف هو النتيجة الأبرز. الإمساك بكل سورية لم يعد حتى حلماً لدى الأطراف المتصارعة. نائب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم أشار إلى التقسيم كاحتمال مرجح في مسار الأحداث الجارية، وهي إشارة إلى استحالة تحقيق النظام وحلفائه انتصاراً يعيد الرئيس بشار الأسد رئيساً فعلياً لكل سورية.

في المقابل تبدو طرفة مقولة أنّ حزب الله اكتسب مهارات الجيوش في قتاله داخل سورية، بحسب ما تروج بعض الصحف الإسرائيلية في سياق تأكيد أنّ حزب الله أصبح أقوى ممّا كان عليه قبل الحرب السورية. ربما اسرائيل، التي تراقب وتتابع عكس هذه الحقيقة التي وصل إليها حزب الله، تدرك أنّ الحرب السورية كانت الحل المثالي بالنسبة إليها لظاهرة حزب الله. بل حتى السبيل لإحداث اختراق سياسي واستراتيجي في المشهد السوري، عبر موسكو وواشنطن، وفي المشهد العربي، عبر الإتصالات العلنية مع معظم الدول العربية. وهي تستثمر حجم الشروخ الذي أحدثته الحرب السورية وغيرها لإبعاد نفسها عن الخطر لعقود. هذا ما تقوله الوقائع من الاستنزاف إلى الأحقاد المذهبية والطائفية إلى الشروخ التي تتعمق بين مكونات شعوب المنطقة. فيما المكابرة والاستنزاف سيدا الموقف في سورية وفي لبنان أيضاً.

اقرأ أيضاً: معركة حلب قلبت الموازين: صفعة لروسيا وتحرير مؤتمر جنيف

كذلك يحتفي حزب الله، على ما خلص إليه الشيخ قاسم في حديثه لوكالة “رويترز” اول امس، بأنّ العقوبات الاميركية كانت هامشية في تأثيرها. فحزب الله، على ما قال قاسم، ليس لديه استثمارات ولا يعتمد على البنوك في معاملاته المالية. لكن تجاوز حزب الله سيف العقوبات بحرفة ومرونة، على ما يبدو، لا يقلل من شأن الأسئلة المتصلة بقدرة لبنان على تحمل الاستنزاف والمكابرة. الحرب السورية وغرق حزب الله في رمالها بلا أفق وطني لبناني، بات باباً مفتوحاً على مزيد من القتال والدمار. فإيران التي بذلت في سورية الدماء والمال لن تقدم على تسوية تؤدي إلى خسارة حضورها الاستراتيجي في هذا البلد، فيما القوى الدولية ليست مستعجلة لإنهاء الحرب قبل إنهاك الجميع، أو المزيد من الإستنزاف الذي يزيد من طواعية مختلف الأطراف الإقليمية للحلول الدولية في وقت ما.

إقرأ أيضاً: الشيخ قاسم يعترف بصعوبة معركة حلب ولا يستبعد تقسيم سوريا!

الجميع لا يريد التسوية إمّا لإعتقاده أنّ التسوية لا تناسبه أو بسبب المكابرة التي تمنع الأطراف الإقليمية المؤثرة من التسليم بموازين القوى التي تتأسس على ميزانها التسويات. طاولة الحوار اللبنانية عكست غياب الاستعداد اللبناني لإنجاز متطلبات الانتقال إلى وضع طبيعي على المستوى الدستوري، وأظهرت أنّ المواجهة الإقليمية والحسابات اللبنانية المرتبطة بها هي أقوى من كل دعوة إلى الحلحلة… لا بل أنّ الانتقال إلى وضع دستوري أفضل في لبنان شبه مستحيل إن لم يكن مستحيلاً بين أطراف عاجزة حتى عن لجم التدهور والتصدع في داخلها، فكيف على مستوى الوطن والدولة.

السابق
اشتباكات في حي الشراونة بعلبك بين آل زعيتر وآل وهبي
التالي
إعتداء بالضرب والسكاكين في مباراة لكرة القدم في النبطية