السيد محمد حسن الأمين: مفهوم الخلافة الإسلامية… ليس إسلاميا!

بعد الانقلاب الفاشل في تركيا، عاد شعارا العلمانية والخلافة الاسلامية للبروز مجددا، وذلك بعد ان شن الرئيس التركي حملة تطهير عسكرية ادارية في بلاده ضدّ من حاولوا الانقلاب على الديموقراطية من عسكريين حاولوا العودة ببلادهم الى الوراء.

يتهم خصوم أردوغان الرئيس التركي انه يحاول ان يعيد المجد العثماني لبلاده والخلافة الاسلامية فيها، وبرأي العلامة المفكر الاسلامي السيد محمد حسن الأمين “أن مفهوم الخلافة الإسلامية ليس فريضة إسلامية ولم يتعرّض الرسول(ص) إلى مصطلح الخلافة، فهذا المصطلح قد نشأ بعد وفاة النبي(ص) وهو صيغة سياسية أو ارتضاها المسلمون في حينها رغم خلافهم المشهور على تعيين الخليفة الذي كان ترجمة لتعبير الرسول(ص)،” من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه”، وربما كان تعبير الخلافة في حينها تعبيراً موفّقاً غير أنه ليس تعبيراً حصرياً أو بالأحرى ليس فرضاً من الفروض الدينية، وإن كان المجتمع الإسلامي يومذاك بحاجة إلى قيادة، غير أنّ الإسلام لم يشرّع، أو لم يتضمن تشريعات دقيقة لصورة الحكومة أو السلطة في عالم الإسلام، وكل ما في الأمر أن في الشريعة قيماً وفرائض عامة يستنتج منها وجوب عدالة السلطة والتزامها بالرعاية لقضايا في المسلمين ومصالحهم، الأمر الذي يعني في نظرنا أن صيغة الخلافة بحدّ ذاتها ليست الصيغة الحصرية للسلطة في الاجتماع الإسلامي، ولكنها مع ذلك استمرّت صيغة معمولاً بها في القرون التالية لوفاة النبيّ وصولاً إلى ما قبل مئة عام تقريباً عند انهيار السلطنة العثمانية والتي كان يعتبر فيها السلطان بمثابة امتداد لعصور الخلافة الإسلامية”.

اقرأ أيضاً: السيد محمد حسن الأمين: لا شرعية للحروب الابتدائية في الإسلام

ويتابع السيد الامين انه “على ضوء هذه الرؤية نستنتج من ذلك أن استعادة قوّة الإسلام وحضارته، أو لنقل أن التجديد الحضاري للعمل الإسلامي ليس مرهوناً باستعادة الخلافة، وأن المسلمين مطالبون باختيار أشكال متعددة ومختلفة من السلطة، بل أكثر من ذلك، فإن صيغة الخلافة كما عرفها التاريخ الإسلامي لم تعد صالحة لعصرنا الراهن، وفي ضوء هذا فإن أحلام بعض الأحزاب الإسلامية في عودة الخلافة ومعها أحلام تركيا أو السلطة هي أحلام “يوتوبيه” خيالية لا تعكس سوى رغبة في العودة إلى عالم تستحيل عودته فمهما تتوفر من قوى للأحزاب الإسلامية الداعية لإعادة الخلافة، ومهما تتوفر من قوة وإمكانات لتركيا، فإن حلم استعادة الخلافة لم يعد ممكناً، فضلاً عن كونه، لم يعد الصيغة الحكيمة لاسترجاع مجد الإسلام.”

جند الخلافة

ولكن هل يعني ذلك ان عودة الاسلام الى تركيا هو عامل سلبي؟ ينفي السيد الامين ذلك ويبرز “أن الأمر الذي لا بد من التنويه الإيجابي بشأنه هو أن ثمّة اتجاهاً واضحاً لدى قطاعات كبيرة من شعب تركيا لاستعادة هوية يعتبرها هذا القطاع هوية مغتصبة وذلك عندما تمّت الإطاحة بالخلافة الإسلامية على يد أتاتورك، الذي لم يكتف بذلك، بل حوّل تركيا بالقوة الى مجتمع ودولة باتجاه العلمنة الكاملة التي شكلت وتشكل عدواناً على هوية تاريخية وحضارية لشعب تركيا وهي هوية الإسلام.
فإذا كان هناك من يقود مثل هذا الاتجاه، وكانت له الإمكانات السلطوية التي تسمح له بتعزيز نظرية استعادة الهوية الإسلامية للشعب التركي فإن هذا في نظرنا يشكل عاملاً إيجابياً حتى عندما تكون سلطة هذا الحاكم وأنصاره تلتزم “علمانية الدولة”، بوصفها دولة حديثة وديموقراطية كذلك”.

ويوضح السيد الأمين رأيه القديم في هذا الشأن قائلا “إن لي في كثير من المقالات موقفاً واضحاً في تأييد “علمانية الدولة” واعتبارها هي الصيغة الأكثر ملاءمة للاجتماع الإسلامي بالمقارنة مع صيغة الدولة الدينية، ومن المعلوم أن ثمة نوعين من العلمانية، يعرفهما عالمنا الحديث أحداهما العلمانية المعادية للدين ومثلها الدول الشيوعية، والعلمانية التي لا تعادي الدين ولكنها تفصل بين السلطة السياسية والسلطات الدينية. وهذا شكل من أشكال العلمانية الذي يتناسب مع اجتماعنا الإسلامي”.

ويقول السيد الامين لمن يتعصب للدولة الدينية “نذكرهم أن تاريخ المسلمين السياسي بأغلب حقبة، كان المسلمون فيه يخضعون للدولة الدينية، وإذا عدنا إلى هذا التاريخ، لوجدنا أن السلطة بإسم الدين كانت وبالاً على الدين وعلى السياسة معاً”.

وحول المحاولة الانقلابية الفاشلة التي حصلت في تركيا، يلفت السيد الامين انه “إذا كان لا بدّ من إبداء رأي في شرعية الانقلابات ذات الطابع العسكري، فإنه من المعلوم وهذا ما بحثناه وقررناه كثيراً وتكراراً، أنه لا شرعية لانقلاب يقوم على قاعدة “القهر والغلبة”، وهي طبيعة الانقلابات العسكرية واستفاداً إلى هذا الموقف، فليس بوسعي إلاّ أن أدين محاولة الانقلاب العسكري الذي حصل في تركيا.

اقرأ أيضاً: السيد محمد حسن الأمين: الصراع هو بين إرهاب الاسلاميين وإرهاب السلطات

كما لا بد لي من القول أن منهجاً حكيماً يمكن أن يهتدي إليه الرئيس أردوغان ومن يمثّل ويقضي بالعمل على استعادة الهوية المصادرة لشعب تركيا، وأعني بها الهوية الإسلامية حتى مع بقاء الدولة علمانية، فليس من الغلو القول بأن تركيا إذ ذاك تغدو نموذجاً لبقيّة الشعوب المسلمة، دون ان يعني ذلك أننا نؤيّد طموحاً تركياً لاستعادة السلطنة العثمانية البائدة”.

السابق
بالفيديو.. طائرة الاستطلاع التي أسقطها الثوار
التالي
رولا يموت.. إلى المحكمة