قزي يفجّر قنبلة زيادة الأجور إلى مليون و200 ألف ولكن «حين تسمح الظروف»

عندما طرح وزير العمل سجعان قزي أخيراً تصحيح الحد الأدنى للأجور ليصل الى مليون و200 الف ليرة، لم يهلّل الاتحاد العمالي والنقابات العمالية الأخرى للطرح كما كان متوقعاً، فيما عضت الهيئات الاقتصادية على الجرح وكتمت غيظها في انتظار موقف موحّد لأركانها الذي سيترجم وفق المصادر مقاطعة لجنة المؤشر التي دعا اليها قزي في 9 آب الجاري.
يدرك قزي أن القدرة الاقتصادية ضعيفة والقدرة الشرائية أضعف. فأرباب العمل والعمال يعيشون أزمتين في وقت واحد، والصراع بينهما هو بين حقين، والعجز يعطّل إحقاقهما. إذ يقول: “إن الأزمات المتعددة والمتفاقمة ويا للأسف، لا تسمح بإجراء إصلاح حقيقي في الأجور والرواتب. وفي المقابل نرى العمال والموظفين، وخصوصاً ذوي المداخيل المحدودة، غير قادرين على جبه أعباء الحياة الشخصية والعائلية والصحية والتربوية”.
ويدرك أيضاً أننا نعيش في لبنان بين البطالة والهجرة. ومصدر البطالة في لبنان هو غياب فرص عمل بسبب الأزمة الاقتصادية من جهة، وبسبب مزاحمة اللاجئين والمهاجرين السوريين للبنانيين في كل القطاعات من جهة أخرى. ولكن تبيّن له أخيراً ومن خلال حركة “طلبات إجازات عمل للأجانب” بأنه أضيف إلى اسباب الهجرة سبب جديد هو عدم اكتفاء اللبناني بالأجور اللبنانية المتدنية. وأكثر… يعتبر قزي أنه “عبثاً نحاول ضرب الفساد في إدارات الدولة وغيرها ما لم نحسّن الوضع المعيشي للناس”. إذ برأيه “لا نستطيع أن نقول للجائع لماذا سرقت رغيفاً وللمريض لماذا سرقت دواء وللمرتجف لماذا سرقت رداء. وحتى لا يفهم من كلامه انه يبرّر الفساد أو يبرئ الفاسد، يوضح: “أشير إلى الواقع وأرشد إلى المدخل الحقيقي لمعالجته وهو: اعطِ الإنسانَ حاجته تهبط تلقائياً نسبة الفساد والرشوة”.

اقرا ايضًا: الفقراء في لبنان يزدادون فقرا… والحدّ الأدنى الى هبوط!
أمام هذا الواقع، كان لا بدّ لقزي أن يطلق “فكرة تحسين الأجر الأدنى للعامل والموظف اللبناني حين تسمح الظروف بذلك وليس اليوم أو غداً. كل ما قلته بأننا مدعوون، دولة وهيئات اقتصادية واتحادات عمالية، إلى التفكير في إعادة النظر بالحد الأدنى للأجور لأن نسبة ارتفاع الأسعار باتت لا تسمح للعامل أو الموظف أن يعيش دون المليون و200 ألف ليرة”. والرقم الذي اقترحه قزي “هو هدف مستقبلي وليس رقماً حتميّاً وآنيّاً. علماً أن تحسين الأجر يتم من خلال الحوار الثلاثي وحين تسمح الأوضاع الاقتصادية والمالية وحين يعاد بناء الدولة. لكن ثمة من يريد ألا يسمح بتحسين وضع العامل لا اليوم ولا غداً، علماً أن غالبية رؤساء القطاعات المصرفية والصناعية شخصيات وطنية وتتمتع بحسّ إنساني”.
وإذ يشرح البعد الزمني لفكرة تحسين الأجور انطلاقاً من أن رفع الحد الأدنى الآن إلى مليون أو مليون و200 ألف ليرة سيزيد البطالة في البلاد، يستعين بالتجربة السويسرية ليؤكد نظريته “لقد صوّت الشعب السويسري بأكثرية 73% ضد رفع الحد الأدنى للأجور إلى مستوى 4 آلاف فرنك فرنسي حرصاً على عدم رفع نسبة البطالة التي هي 3,7% فقط، أما في لبنان فهي 25% تقريباً. ولكن حين نتحدث عن مثل هذه الدول يجب أن نعرف أن الحد الأدنى هناك هو حد موضوعي يكفي العاملين عموماً، وليس كما هي الحال في لبنان إذ يصرف العامل والموظف راتبه قبل أن يقبضه”.
وفي إطار التحسينات المباشرة للأجر في لبنان، يقترح قزي “زيادة ساعات العمل في القطاع العام التي تبلغ 32 ساعة فقط، واحترام المؤشر الدوري لكي تأتي الزيادات منتظمة وقليلة، عوض انتظار سنوات فيُطالب العمال والموظفون بزيادات تبلغ ضعف الأجر أحياناً. وفي مقابل ذلك لا بدّ من تخفيف الضرائب المباشرة على رجال الأعمال وخصوصاً الصناعيين وتوفير الحماية الوطنية”.

(النهار)

السابق
مناورات عسكرية لجيش العدو الاسرائيلي داخل مزارع شبعا
التالي
ما بعد الموصل وحلب