الصوت صوت نصرالله، والنص نص طهران

هجوم نصرالله على السعوديين دليل على أزمته سواء في سوريا ام في لبنان.

يجلس نصرالله في خندق (هيي، صدق أنهم يعرفون أين تختبيء، ومتى تخرج وتدخل). ويتبين له بانه لم يعد ذي صلة. فقد فقدت تهديداته على اسرائيل حجمها. وهو يتلقى التحذيرات، والان تحت اسم ليبرمان، الا يجرب استفزازنا. ولم يعد سرا بان قدرة المناورة العسكرية لحزب الله محدودة. فالحرس الثوري من طهران يمسكون به من مسافة قصيرة بالضبط مثلما يمسكون ببشار. وحتى في داخل المنظمة يثور جدال حول “التوابيت”: كم شابا آخر سيجندون بالقوة لحرب البقاء في سوريا. وفي صالونات بيروت اصبح نصرالله شخصية مكروهة. ومن يستمع الى السياسيين، التجار والاكاديميين والاعلاميين، سيتلقى وابلا من الشتائم عن “السيد” الذي يمنعهم من ان يختاروا لانفسهم رئيسا وان يتصرفوا كدولة عادية.
شيء ما غريب يجري على طول الحدود المفتوحة بين سوريا ولبنان. من الجانب الشرقي يتواصل هرب المدنيين الذين يتعرضون للقصف. في الاتجاه المعاكس، في ذات المسار، تسافر الشاحنات التي تنقل مقاتلي حزب الله لتعزيز جيش الاسد. ثمانية مخيمات لاجئين سوريين، نصف مليون طفل، نساء ومعوقين، يثقلون على اقتصاد لبنان.
هذه الايام كان يفترض أن تكون ذروة ازدهار السياحة في شواطيء جونيا. غير أن حركة السياح العرب، مصدر دخل هائل، تتوقف دفعة واحدة. وبسبب الخصومة مع ايران، اوقعت السعودية على لبنان عقوبة جماعية واوقفت تبرعات بالمليارات. وفي نظر ستة دول عربية فان حزب الله هو منظمة ارهابية، وبسبب المخزون الكبير من الصواريخ التي يحتفظ بها يتوجب ضبط نصرالله كي لا يجن جنونه.
في هجومه الساخر اول أمس على الاسرة المالكة السعودية، “التي تعطي اسرائيل التطبيع بالمجان”، بدا نصرالله كبعوضة تحاول لذع فيل. فبعد التقارير عن لقاءات الجنرال أنور عشقي السعودي في القدس، ارسل نصرالله ليتحدث على لسان آيات الله من طهران. هذا ليس “تطبيعا”، هذا هو الميل الجديد الذي يجعل اسرائيل والسعودية لا تخفيان بعد اليوم. وبالاساس هذه هي القناة التي تثير جنون الايرانيين: السعودية – مصر- الاردن – المغرب – امارتين في الخليج واسرائيل.

إقرأ أيضاً: نصرالله : بعد حلب مكة
ومن أجل اكمال الصورة ينبغي الانتباه الى الكلمة النادرة التي القاها جون بيرنان، رئيس السي.اي.ايه، الذي قدر في نهاية الاسبوع بان سوريا لن تبقى دولة واحدة حين سيطير الاسد. وفي المدى الفوري هذا يعني ان ليس للاسد موعدا لانتهاء النفاد وانهم لم ينجوا في اعداد خليفة له. أما في المدى البعيد فان سوريا ستتسبب بوجع رأس غير قليل لكل من له صلة بالامر حين ستتفكك الى ثلاثة أو أربعة كانتونات.
أما بيان الانفصال المفاجيء لمنظمة جبهة النصرة عن القاعدة فيثير غضب نصرالله أيضا. فقد بدأ يظهر ازدحام في الميليشيات التي تقاتل في سوريا. داعش من جهة، الجيش السوري الحر، الجيش السوري مع حزب الله والحرس الثوري، والان الجولاني يؤسس “النصرة” غامضة المخططات. ويحتمل أن يكون هذا التنكر مجرد عملية تشويش، والجولاني سيواصل الحفاظ على علاقة خفية مع القاعدة. ويحتمل بالتأكيد أن تكون “النصرة” تلقت توصية استخبارية من منظمة معينة جدا بان تبدأ بالتخطيط لليوم التالي لبشار.

إقرأ أيضاً: موقف نصرالله من السعودية ..كلمة سواء مع الشيطان
البيت الابيض لا يشتري هذا التحول بسهولة. فقد أعلن ناطق رسمي بان هذا لا يزال قيد الدراسة دون أن يرفض فكرة ان ينضم مقاتلون محليون الى التحالف الامريكي ضد داعش. واذا ما استعرضوا العضلات في الميدان، واذا اضاف فك الارتباط عن القاعدة الى تفكك المنظمة الام في افغانستان، واذا ساهمت اسرائيل بالمعلومات التي تملكها عن الجولاني – نصرالله والاسد يؤكد انه “عميل للموساد” – فستضاف “النصرة” باسمهم الجديد الى خريطة الطريق لتصميم وجه سوريا الجديدة.

السابق
قطع اوتستراد الراموسة في حلب مع بدء إقتحام الحمدانية
التالي
كاتبة إسرائيلية: على ماذا يدل هجوم نصر الله على السعودية؟