يوميات «مقهور» في الضاحية الجنوبية‏

الضاحية الجنوبية
الضاحية الجنوبية تعج بالفلتان على أنواعه وبالحرمان من الضروريات كالمياه والكهرباء، أما العصابات والمافيات على أنواعها فهي محميّة من قوى الامر الواقع وابناء العشائر. فكيف يمضي ابن الضاحية الجنوبية يومه في ظل هذا الوضع الميؤوس منه؟

أنا الموقّع أدناه قاطن في منطقة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية منذ أكثر من ثلاثين عاماً.

اقرأ أيضاً: الضاحية الجنوبية: عملة يا نصرالله

أستيقظ في السادسة صباحاً، ليس لأنّي نشيط معاذ الله، ولا لأني بائع خضار أو سائق تاكسي، فأنا محرّر في موقع الكتروني اخباري ودوامي يبتدأ عند الساعة العاشرة صباحاً، ولكن أستيقظ فقط وبكل بساطة لأن الكهرباء تكون قد انقطعت، وتوقفت معها “المروحة” وأصبح البيت كالفُرن لهيبه كالحميم، استيقظ لأن وظيفتي لا تسمح لي بالاشتراك “بالموتور” ودخول عالم مافيات الموتورات مع بدل الاشتراك الذي يبلغ 100$ فقط لا غير قابل للزيادة.

واليوم، قمت سريعاً “عصرت التيشيرت” ورميتها داخل الغسالة الممتلئة على آخرها، وخلعت ملابسي كلها، ودخلت إلى الحمّام لأغتسل من العرق، كي يبدو منظري مقبولا في العمل وخارجه. دخلت الحمّام وفتحت “الدوش” فكانت الطامة الكبرى… لا يوجد مياه، تذكرت أن المياه مقطوعة منذ عشرة أيام متتالية. وبحسب الشائعات التي ترنو على مسامعي فإن المياه تقطع بطلب مباشر من مافيات “الصهاريج” المياه، حقهم فهم يريدون أن يسترزقوا. خرجت حزيناً من الحمّام، ولكني غسلت وجهي ويدي من مياه الشرب ولبست ثيابي وخرجت.

الضاحية الجنوبية

العيشة في الضاحية الجنوبية لم تعد تطاق، وأنا الذي تربيت وترعرعت فيها وأحن وأحبها كثيراً، ولكن للأسباب التالية وبشكل مبدأي الكهرباء والمياه المقطوعة باستمرار، ناهيك عن فوضى السلاح العلني، النشل، السرقات، المخدّرات والهيروين وحبوب المخدّرات، والمشاكل اليومية والتي يذهب ضحيتها مواطنون في بعض الأحيان أو يجرحون بسبب مشكل هنا أو هناك. إضافة إلى مشكلة النفايات. والأهم من ذلك كلّه لم تعد مطمئناً بخروج أولادك للشارع، فبتّ مضطراً لإبقائهم في المنزل للحفاظ على حياتهم من رصاصة طائشة لابن عشيرة أو حزب تزوج أحد أقاربه أو تجنّز.

اقرأ أيضاً: مين هيّ ضاحية بيروت الجنوبية وشو تاريخها؟ (1)

والحالة هذه، التي وصلت إليها الضاحية، يسأل عنها المواطن من المسؤول؟ طبعاً الدولة. ولكن إذا لم يكن مسموحاً للدولة بالدخول على من تقع المسؤولية. فالنشل والسرقة والمخدرات وجرحى المشاكل، وتسعيرات المولدات، ومافيات المياه وإطلاق الرصاص، لا تستدعي دخول الدولة. أما إذا كان هناك من جريمة مروّعة فيسمح للدولة بالدخول لأخذ البصمات فقط لا غير. فمن المسؤول برأيكم في ظل هيمنة حزب على هذه الضاحية الجنوبية؟!

 

السابق
الثوار يعلنون بدء المرحلة الثانية من معركة فك الحصار…
التالي
خريطة جديدة توضح النقاط في حلب والتقدم