الجولاني و«لعبة» فك الإرتباط عن القاعدة

أبو محمد الجولاني
بعد أن شاخ تنظيم القاعدة وانحسر وجوده في منطقتنا العربية - الإسلامية إلى بقايا في اليمن وبعض المناطق في شبه الجزيرة العربية وشمال أفريقيا، وإقتصر وجوده في بلاد الشام على جبهة النصرة، كان من الطبيعي أن تعمد الأخيرة على فك إرتباطها بالقاعدة، لأن داعش الذي سبق وانشق عن هذا التنظيم بقيادة البغدادي بدأ يتقدم على غيره بإتجاه العنف الذي لا عودة عنه، في حين أن الجولاني يبدو أنه اختار ان يسلك طريقاً اخر دبلوماسي على أمل ان يعترف به المجتمع الدولي.

لم ينحسر نفوذ جبهة النصرة في بلاد الشام بعد آلاف الغارات من طائرات التحالف الدولي والطائرات الروسية على معاقلها في سوريا. لكن وبسبب اصرار المجتمع الدولي شرقا وغربا على محاربة الارهاب الجهادي، دفع جبهة النصرة إلى إستبدال إسمها أمس وبلسان زعيمها أبو محمد الجولاني وتحويلها إلى «جبهة فتح الشام».

ان الحتمية الوحيدة المستنتجة بعد عقود من إرسال الطائرات والجيوش لقتل الإرهابيين هو إزدياد اسماء الجبهات المصنفة إرهابياً وإرتفع عدد المقاتلين في صفوفها وديمومة غرق أميركا وروسيا في عدّة مستنقعات في المنطقة العربية الاسلامية التي نجحت فيها تلك التنظيمات المتطرفة في استقطاب أنصار وجعل البلدان التي تمركزت فيها خرابا.

لم يرقّ للإدارة الأميركية مشهد إعلان أبو محمد الجولاني فك إرتباط مقاتليه بالقاعدة، ليخرج البيت الابيض قائلاً أن إستبدال الإسم لن يزيل الجبهة عن لائحة الإرهاب وأنه سيراقب أعمالها ولكن من المؤكد أن الجولاني نجح في طرق الساحة السياسية معززاً فرص تواجده في التسوية السورية عبر محاولته الأولى لإعادة بناء تنظيمه وفق الشروط التي تفضلها أميركا.

كذلك، أعلنت موسكو ليلة الأمس عن إستيائها من سياسة أميركا المحفزة للإرهابيين كي يعيدوا تنظيم صفوفهم. ثم أعلنت بعد ساعات على لسان نائب وزير خارجيتها عن تحديد موعد للتباحث مع أميركا لإستكمال استهداف مواقع جنود أبو محمد الجولاني.

تظهر روسيا إندفاعا قويا لمحاربة الارهاب ولو على طريقتها بتدمير كل شيء في سوريا أثناء ضربها لقواعد المنظمات المصنفة ارهابيا وغير المصنّفة منها. ومن غير الوارد توقف الطائرات الروسية عن إستخدام “العنف المفرط” حسبما وصفته المنظمات الدولية التي تعنى بحقوق الانسان وقوانين الحروب، فهي ستستمر بدك معاقل جبهة “فتح الشام” وريثة جبهة النصرة والتي ستطال كالعادة المدنيين السوريين أيضاً.

اميركا وروسيا

لن يتوقف طموح القاعدة عن الإستثمار مجدداً في سوريا عبر رجل جديد يخلف أبو محمد الجولاني وذلك بعد إعلان الأخير وقف العمل الجهادي براية النصرة وانتقاله للعمل بمفرده دون دعم القاعدة. فالنصرة مازالت جسداً ينتظر من يملأه بالروح والمقاتلين المندفعين لنشر الإسلام حول العالم. مما يضع اميركا وروسيا المتعاونتان على مكافحة الإرهاب بمواجهة مع عقلية جديدة تعتمدها التنظيمات الإرهابية وعنوانها العريض النشوء في حضن القاعدة ثم «فك الإرتباط» عنها.

وفي إتصال أجراه موقع جنوبية مع الصحافي والمحلل السياسي سعد محيو رأى أن «النصرة ادركت مدى العبء الملقى علىسعد محيو كاهلها بسبب الغارات الجوية التي تستهدف مواقعها بإستمرار ويأتي فك الإرتباط عن القاعدة بمظهر ودي بحت».

ويلفت محيو، ان” القاعدة تتسم بالقدرة على المرونة بعكس داعش، فالقاعدة تتعلم من تجاربها السابقة كيف تجد حلولا لها أثناء المأزق، وفك الإرتباط بالنصرة يدل على وجود محاولة لخلق تسوية جدية بين الأطراف المتنازعة في سوريا.

وأكد محيو على «إنكشاف محاولة القاعدة لخداع أميركا. ولكن الأميركيين سيراقبون سلوك جبهة فتح الشام الداخلي، لأن هموم الإدارة الحالية هي ردع الجبهة عن توسيع نشاطها ليطال اهداف خارجية».

اقرأ أيضاً: لن نبرّئ الاسلام من «الارهاب» مجدّدا!

إذن هذه هي الحسابات الأميركية بالنسبة للانعطافة الأخيرة التي يحاول الجولاني وجماعته تسويقها، فهمها الأول هو عدم تطوير قدراتها العسكرية باتجاه الخارج، ولكن روسيا تعتبر تحركاتهم الداخلية تهديداً مباشر على الجيش النظام السوري الذي جاءت لإنقاذه.

السابق
اغتصاب قاصر جديدة في طرابلس وبحضور والدتها
التالي
هل ينجح أردوغان في السيطرة على الجيش أم يلقى مصير مرسي؟