ما هي أبعاد استبعاد أسعد حردان عن رئاسة «القومي السوري»؟

أصدر المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي أمس بيانا أشاد فيه باحترام الدستور الحزبي والالتزام بقرار المحكمة الحزبية بقبول الطعن وعدم التجديد لرئيسه النائب والوزير السابق أسعد حردان. هذا القرار اعتبر انتصارًا لحركة 8 تموز المعارضة لتعديل الدستور وانتخاب حردان لولاية ثالثة، غير ان ما حدث يطرح عدة أسئلة حول من يقف خلف هذا القرار "الجريء" الذي اتخذ لوضع حدّ لهيمنة الرجل الأقوى في الحزب على منفذياته طيلة السنوات الماضية.

لم يمرّ شهرا على انتخاب الأمين أسعد حردان رئيساً للحزب السوري القومي الاجتماعي بعد تعديل الدستور والسماح له بالترشح لولاية ثالثة، حتّى صدر قرار المحكمة الحزبية وافقت فيه بالإجماع على الطعن المقدم امامها الرافض للتمديد لحردان لولاية ثالثة في رئاسة الحزب.

قرار المحكمة جاء بعد قراءة هادئة خاصة بعد أن بلغ الحزب القومي شفير الانشقاق بسبب إستمرار هيمنة حردان على منصب الرئاسة طيلة الولايات السابقة، الأمر الذي دفع المجلس الأعلى لـ«الحزب السوري القومي الاجتماعي» أمس إلى الاجتماع الذي أعلن «إلتزامه بقرار المحكمة الحزبية قبول الطعن، وحدد المجلس 5 آب 2016 موعداً لانتخاب رئيس».

اقرأ أيضاً: حقائق ومعلومات بالأرقام تفضح فسادا في «ملف النفط»

ونوّه المجلس الأعلى بموقف رئيس الحزب أسعد حردان، الذي «سيمارس واجباته ومسؤولياته عضواً منتخباً في المجلس الأعلى، مؤكداً التزامه قرار المؤسسات الحزبية»، إلاّ أنّه اعترض «على عقد المحكمة جلساتها خارج مركز الحزب خلافاً للنص الدستوري». وذكّر بأن قرار المحكمة «لا يشكل سابقة في تاريخ الحزب، فقد أبطلت المحكمة الحزبية انتخاب الأمين الراحل عبدالله سعاده رئيساً للحزب، الذي بدوره التزم بقرار المؤسسة وتم انتخاب رئيس آخر للحزب». ودعا المجلس الأعلى «السوريين القوميين الاجتماعيين إلى التمسك بمؤسسات الحزب».

وفي هذا السياق رفض عضو المجلس الأعلى في الحزب القومي السوري الإجتماعي قاسم صالح في حديث لـ«جنوبية» أن تكون حركة الاعتراض التي أطلق عليها حركة “8 تموز” التي حصلت داخل الحزب تتعلق بشخص حردان، بل ان اعضاء الحركة قرروا «الانتفاض» على تعديل دستور الحزب، التي تمّ إعلانه منذ 10 أيام من أمام ضريح المؤسس أنطون سعادة.

وأضاف صالح «انتشر في الوسائل الاعلامية أنّه تمّ تعديل دستور الحزب القومي الاجتماعي، وهذا غير صحيح، إنّما ما حصل فعلاّ هو تعديل البند الخامس من المادة 13 التي تنصّ على أنّه يحق لرئيس الحزب أن ينتخب لولايتين متتاليتين كل ولاية لأربع سنوات، أمّا التعديل الذي طعن به فقد نصّ على أنّ رئيس الحزب يحق له التمديد لولاية اضافية ولمرة واحدة، وذلك بسبب الظروف الاستثنائية التي تمرّ بها المنطقة، والتي تحتاج إلى تدابير استثنائية، خصوصًا مع مشاركة الحزب القومي في الحرب على الارهاب في سوريا..إذًا هناك مسائل عديدة حكمت لاتخاذ قرار التعديل».

الحزب القومي السوري

وتابع صالح «إلاّ أنّ قرار التعديل لم يرق لبعض القوميين، فقدّم أحد أعضاء المجلس الأعلى طعنا أمام المحكمة الحزبية التي تبتّ بالقضايا التي تمسّ بالدستور الحزبي. وبعد دراسة هادئة للطعن أصدرت المحكمة قرارًا بابطال التعديل وبالتالي الانتخابات الاخيرة التي فاز فيها حردان أصبحت ملغاة، وعليه يجب اعادتها.

هذا القرار تمّ قراءته أمس في المجلس اجتماع المجلس الأعلى ومناقشته، وصدر قرار الالتزام بقرار المحكمة، وهذا دليل أنّ الحزب القومي هو حزب مؤسسات وليس أشخاص، يحتكم إلى الدستور والقوانين».

وشدّد صالح أنّ «الحركة الاعتراضية على التعديل خلفيتها عدم تقبل مخالفة الأصول في تعديل البند الخامس، ومخالفة الأصول الدستورية التي يعتمد عليها الحزب وهي الدسمقراطية وتداول السلطة».

وقبل صدور قرار المجلس الأعلى كان حردان قد أصدر بيانًا قال فيه أنّ أسباب قبوله التجديد هي «الظروف الدقيقة والحساسة، وخوض الحزب مواجهة كبيرة ضد الإرهاب، وحرص مؤسسات الحزب على انجاز الاستحقاقات الداخلية، وفقاً للمهل المنصوص عليها في الدستور». واعتبر أن حصوله «على أعلى نسبة أصوات، أي 87 في المئة من أصوات أعضاء المجلس القومي، كان إستفتاءً على الإدارة الصحيحة التي تولاها مدى دورتين متتاليتين»، مضيفا إنه عبر عن عدم رغبته في اجراء تعديل دستوري يتيح له تولي رئاسة الحزب لولاية ثالثة.

اقرأ أيضاً: الفقراء في لبنان يزدادون فقرا… والحدّ الأدنى الى هبوط!

وفي النهاية وبعد ان اطيح بخالد حدادة عن الأمانة العامة للحزب الشيوعي اللبناني، تبدو ازاحة أسعد حردان عن رئاسة الحزب القومي كإجراء آخر بدأ باتخاذه معسكر 8 آذار لإعادة هيكلة تنظيماته اليسارية والقومية المنضوية في حلف الممانعة، وذلك بعد ان أخذت اهتراءاتها التظيمية تشكل عبئا ماليا وأمنيا واجتماعيا على الجهات الإقليمية الداعمة لهذا المعسكر، والتي بدأت بتطوير مواجهاتها وتوسيعها لتشمل أراض ودولا جديدة في منطقتنا المضطربة.

السابق
ناشطون يحتفلون ببراءة الإسلام من عملية ميونخ
التالي
قراءة في مستقبل الشرق الأوسط الجديد بين دول لامركزية، إتحادات فدرالية أو كونفدرالية