العميد ابراهيم للأسير: هنا رب العدالة، هنا رب المحاكمات

أحمد الأسير

دخل أحمد الأسير الى قاعة المحكمة ببطء شديد وكأن المرض قد أعياه وبدأ يفرض حالته على جسده النحيل. دخل بعباءته البيضاء المعتادة وقبعته التي بالكاد تُغطي نصف دائرة رأسه مع نظرات عابسة اراد من خلالها ربما، التأكيد على انه ليس راضياً عن كل ما يجري معه وان الظلم قد طاله، وقد رافقه الى قوس المحكمة عدد من العسكريين الذين التفوا حوله وصولاً الى المكان المخصص للاستجواب. وبصوت ضعيف ووجه شاحب معطوفين على جسد هزيل، بدأ الأسير بالكلام، وهو الذي يتقن فن الاشارة بيديه اثناء كلامه والذي استمده منذ زمن خطاباته يوم كان خطيب وإمام جامع <بلال بن رباح> في صيدا ومن زمن تحريض الناس على حزب الله والدعوة للوقوف بوجه الظالم. وجه كلامه بداية الى هيئة المحكمة من خلال سؤال: <يا حضرة القاضي، كيف يكون عندي جهوزية للمثول امامكم ووضعي الصحي يتدهور يوماً بعد يوم بسبب الظروف المعيشية في سجن الريحانية؟>، وليؤكد تدهور صحته والوضع المزري الذي يعيشه في السجن، خلع الشيخ عباءته ليكشف عن صدره ثم قال للعميد ابراهيم: <أرأيت يا حضرة القاضي؟ وزني أصبح اقل من ستين كيلو، لا يسمحون لي بالخروج من الزنزانة الصغيرة جداً إلا مرتين في الاسبوع>.

ثم عاد بعد ذلك مجدداً الى بداية معارك عبرا حيث قال: <قدمنا اخباراً اثبتنا فيه ان الطرف الذي بدأ بالمعارك هو عدد من الاشخاص الذين يضعون اشارات صفراء وهم من اختلقوا المعركة وليس نحن وهناك تسجيلات وأدلة أخرى توضح هذا الأمر، فيا ليتكم تأخذون بها>.

إقرأ أيضاً: من هي الشخصية المرموقة التي عذبت الشيخ أحمد الأسير؟ ومن تلاعب بسير التحقيقات؟

في تلك اللحظة قاطعه رئيس المحكمة العميد ابراهيم بالقول: <سيُسمح لك بقول كل ما تريده لكن المحاكمة لم تبدأ بعد، وكل ما نريده الآن هو ان نعرف إن كنت جاهزاً للمحاكمة>، فأجابه الأسير:<سيادة العميد انا لست جاهزاً لا نفسياً ولا جسدياً>، عندها قرر ابراهيم تأجيل جلسة الأسير مع باقي موقوفي عبرا المرتبطين معه بالملف إلى السادس من أيلول/ سبتمبر المقبل.
<هنا ربّ العدالة>
بعد إعلان قرار التأجيل، سادت حالة من الهرج والمرج في جهة المحامين الذين رفضوا التأجيل، والذين استهجنوا ربط مصير موكليهم بمصير الأسير وفريق الدفاع الخاص به. وأكد المحامون ان للأسير طلبات ونحن لدينا طلبات، فهناك ثلاثون موقوفاً مصيرهم مرتبط بمصير الأسير وفريق الدفاع الخاص به يؤجل مرة بعد أخرى، لا يمكننا القبول بذلك، وطالبوا بفصل ملف الأسير للمرة الثانية وجعله في ملف منفرد عن باقي الموقوفين. في لحظتها أوضح العميد ابراهيم ان قرار التأجيل هو بسبب عدم جهوزية الأسير للمحاكمة وليس لأن فريق الدفاع طلب ذلك، عندئذٍ قال فريق الدفاع عن الشيخ الأسير: <نحن نريد ضمانات للعدالة>، لكن ما ان وصل هذا الكلام الى مسامع ابراهيم حتى انتفض صارخاً: <عليك ان تعرف كيف تستخدم مصطلحاتك، هنا رب العدالة، هنا رب المحاكمات، أعرف ماذا تقول لنا، نحن نحترم الدستور وانت من لا يحترمه>.

إقرأ أيضاً: القضية ليست أحمد الاسير .. إنّها قضية «طائفة»

بعد دقائق من الهرج والمرج داخل قاعة المحكمة والتي تخللها احاديث جانبية بين هيئة المحكمة انفسهم وايضاً بين المحامين، عاد وانتقل النقاش بين فريق الدفاع عن الاسير وباقي المحامين الذين طالبوا بعدم المماطلة بهذا الملف، فشددوا على ضرورة فصل الملفات عن بعضها. فعاد وأعلن العميد ابراهيم تأجيل الجلسة إلى السادس من أيلول/ سبتمبر، فتم اخراج الأسير من قاعة المحكمة وعاد الهدوء إلى القاعة. لكن يبقى القول والتأكيد بأن الخروج من سجن <الريحانية> والانتقال إلى سجن آخر يبقى الطلب الوحيد الذي يرافق الاسير في كافة محاكماته، وهنا يسأل البعض: هل من دافع غير الحجج الصحية وراء هذه المطالب، أم أن طلب النقل هذا هو لتحسين الحالة الصحية للأسير؟

(علي الحسيني – الأفكار)

السابق
ليلة في العراء… مقابل 200 دولار!
التالي
يارا…حذفت صورتها «البشعة»!