مشاريع دولية تنهض والجامعة العربية تتلاشى

الجامعة العربية
لن يتمكن أحد من ردع الإسلاميين عن إنشاء ولو يوتوبياً دولتهم الإسلامية. أما المقاتلون الشيعة فيتنقلون براحة تامة بين حدود لبنان وسوريا والعراق، وقد ظهرت «دول شيعية» جديدة، تتمتع بكيان خاص وتركيبة فريدة.

تحدث امين عام الجامعة الدول العربية أحمد ابو الغيط عن مشاعره الحزينة بالنسبة لما يحدث بالدول العربية فـ«الأمل هو لم شمل العرب سويًا ومنع الانقسام والتشرذم. إن الدولة الوطنية فى العالم العربى تضيع، ونريد سايكس بيكو جديدة يضعه العرب. هناك سايكس بيكو جديدة يحاول البعض رسمه للشرق الأوسط».

يستوحى من كلام ابو الغيط، انه يستحيل على احد توقع التاريخ الذي ستتوقف عنده  الفوضى التي إجتاحت الشرق الأوسط.

حتى ان الحدود التي وضعها السيد سايكس والسيد بيكو باتت مكشوفة وتمسك بها جيوش رسمية وغير رسمية. إن الذين لم يتمكنوا من ردع الفوضى المتولدة عن الحرب السورية، لن يتمكنوا أيضاً من ردع تزحزح الحدود، وستذهب آمال أحمد أبو الغيط مع الرياح.

ليس بمقدور أبو الغيط منع أكراد سوريا عن مد يدهم إلى إخوتهم في تركيا. لقد مضى خمس أيام على الإنقلاب التركي الفاشل ولا يزال أردوغان يجنح نحو فرض مزيد من القيود الأمنية للجم أعدائه، وبث الرعب في نفوس معارضيه، وهو ما قد يرفع حظوظ الأكراد لدفع الجيش التركي مجدداً إلى معركة محتدمة في المناطق الكردية.

لقد مضى قرن على نجاح «وحدة» الأراضي التركية. غير ان وحدة الأراضي لا تعني بقاءها سالمة من الإعتداءات. إن بمقدور الجيش التركي الحالي ردع مشروع الحكم الذاتي للأكراد وتشتيت قوتهم، ولكن لن يمنع الأكراد من القيام باعمال إنتقامية جديدة .

سايكس بيكو

أعطى وعد بولفور فلسطين لليهود الذين تمكنوا من بسط سيطرتهم عليها بعد قرار الأمم المتحدة عام 1948 بتسليم فلسطين لهم. ولكن لم تَثبت حدود إسرائيل، في إشارة حقيقية إلى ان سايكس بيكو ليس جامداً كما يتوهمه أبو الغيط.

فتحركت أركانه الأساسية يوم إنسحب الإسرائيلون من قطاع غزة. وللآن، مستمر في التذبذب عبر إصرار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على توسيع نقاط المستوطنات الإسرائيلية داخل الضفة الغربية.

نشأت أجيال عربية على كتب تاريخ تخصص فصول طويلة لعرض الكيفية التي جرى بها تقسيم بلدانهم على يد فرنسا وبريطانيا. لم تكن هذه الحصص الدراسية مخصصة لمناقشة خريطة عام 1948، أو للإستماع إلى ما يفكر به الطلاب نحوها.

إقرأ أيضاً: اوطان لن ينقذها الاّ سايكس بيكو

كان على الطلاب حفظها  عن ظهر قلب. وبحسب الدرس الأول الذي يتكلم عن تشكل الدول العربية بعد الحرب العالمية الثانية فإن سايكس بيكو هو وريث دولٍ رحلت عنها جحافل السلطنة العثمانية. وتم فصل المناطق المنتدبة مباشرة من قبل فرنسا عن الاخرى المنتدبة من قبل بريطانيا عبر «منطقة عربية» خاضعة لـ«تأثير» فرنسا وبريطانيا.

إستطاع «سايكس بيكو» الإمساك بزمام الوضع إلى اللحظة التي أعلن بها عن نشوء إقليم كردستان العراق أبان الإحتلال الأميركي للعراق. وحالياً، على الأميركيين والروس التأكد أن محاولة تقسيم سوريا بينهما ستبوء بالفشل عاجلاً أم أجلاً، وسيعيد كرة الثلج إلى التدحرج مجدداً، فتزيل معها ما تبقى من صلابة للحدود الدولية بالإضافة إلى الدفع بأبي الغيط نحو المزيد من الحسرة.

إقرأ أيضاً: سايكس بيكو: هل سيعيد التاريخ نفسه؟

بعد قرابة الثمانين عام على تأسيسها تصر جامعة الدول العربية على بعث المزيد من الخيبات في نفوس الشعوب العربية. ثمانون عام لم يستفد العرب منها بشيء، إلا بكفكفة دموع الويلات العربية.

إن طاولة التسوية السورية ستأخذ روسيا إلى المكان الذي يُفضح به حلمها الكبير بالسيطرة على أوكرانيا وستقر أميركا بخلق شرق أوسط جديد فوق جثة الدول العربية العزيزة على قلب أبو الغيط.

في السابق قال الصحافي والمحلل السياسي سعد محيو أن «الدول العربية ليست أكثر من وجبة طعام على مائدة التسويات المقبلة»، ومن المؤكد بأن السيد محيو كان يفكر ملياً بسايكس بيكو

السابق
السعودية: لعبة «بوكيمون» محرّمة‏
التالي
ما هو المرض الذي أفصح عنه الإعلامي غسان بن جدو؟