السيد محمد حسن الأمين: لا شرعية للحروب الابتدائية في الإسلام

في حديثه عن الحروب وشرعيتها يقول سماحة العلامة المفكر الاسلامي السيد محمد حسن الأمين ان الحرب الهجومية التي تقوم تحت هاجس التوسع والاستبداد وجلب الغنائم هي في نظرنا حرب غير مشروعة على الإطلاق.

يحفل تاريخ المسلمين في بعض مراحله بحروب شبه هجومية، أو هجومية بالكامل وذلك عندما أصبح المسلمون أمة قوية، وأصبح السلاطين والحكام يطمحون إلى مزيد من التوسع وإقامة أمبرطورية إسلامية واسعة النطاق، وقد حصل شيء من هذا في العصر الأموي عندما تحوّلت الخلافة إلى ملك عضود كما هو مشار إليه في أحاديث منسوبة إلى الرسول الأعظم(ص).

اقرأ أيضاً: هل يفاوض الغرب الحركات الإرهابية؟

وتعليقا يقول السيد الأمين “إن في النص القرآني ما هو واضح كل الوضوح في أن التزام الدين الإسلامي لا يمكن تحقيقه بواسطة الإكراه، حيث “لا إكراه في الدين”، وقد يتساءل إلى لابعض حول البعض الفتوحات الإسلامية الشرعية التي ابتدأها المسلمون في مواجهة الأمبراطورية الفارسية والرومانية فهل مثل هذه الفتوحات لا تعدّ حروباً هجومية؟

الجواب على ذلك هو أن الإسلام يمنح نفسه كما كل الدعوات الإصلاحية، حق عرض عقيدته على جميع الأمم والشعوب، وذلك بهدف إيصال الدعوة الإسلامية إلى من يجب أن تصل إليهم ولكنهم لايقاتلهم إذا هم رفضوا الدخول في الإسلام ولا يجوز لهم ذلك، نعم إن الجائز هو الدفاع عن حق الإسلام في نشر الدعوة، لذلك لم تكن مع الشعوب الحروب وإنما كانت في وجه الحكام الملوك الذين يمنعون بغير حق حرية المسلمين في عرض دعوتهم على تلك الشعوب وهذا في جوهره ليس حرباً ابتدائية، ولكنها حرب دفاع عن حق المسلمين في إيصال مبادئ الإسلام إلى الشعوب التي لم تصلها عقيدة الإسلام ومبادؤه”.

وبالنسبة للكيان الصهيوني يؤكد السيد الأمين انه”لا يمكن أن تكون الحرب معه إلا حرباً دفاعية حتى في حالة توقف الصهاينة عن شنّ الحروب علينا، فإن العدوان الصهيوني هو قائم ومتجسد في اغتصاب أرض العرب والمسلمين وشعب فلسطيني. ومن هنا كانت نظرية المقاومة كردّ على قيام الكيان الصهيوني، فهي الوسيلة الحكيمة والفاعلة في الذهاب نحو تحرير فلسطين، وذلك لأن موازين القوى على مستوى الجيوش وامتلاك عناصر الاحتضان الغربي الأميركي وحتى الروس للكيان الصهيوني لا تجد في العرب كأنظمة ما يعادل قوة العدو، فضلاً عن أن الأنظمة العربية لم تفكر ولم تبادر لبناء شكل من أشكال التنسيق العسكري الذي يجعل من الجيوش العربية جيشاً واحداً يمكن من الدخول في حرب تحرير ناجحة تعتبر شكلاً مشروعاً من أشكال الدفاع عن الحق الفلسطيني والعربي والإسلامي استرداد أرض فلسطين المحتلة”.

الحروب الاسلامية

وعن الوضع الحالي بالنسبة لموازين القوى والانشقاقات يرى السيد الأمين “في المرحلة الراهنة من تاريخ هذا الصراع فإنه لا يمكننا أن نتجاهل صوراً فادحة من صور الانشقاق والتنافس ولاصراع المزري داخل البنية العربية وخصوصاً طغيان الطابع الديني والمذهبي بصورة خاصة لهذا الصراع والذي ربما لم يشهد تاريخ العروبة والإسلام مثيلاً له من حيث الحجم والاتساع، الأمر الذي يدفع إلى التشاؤم وإلى الشعور بأن القضية الفلسطينية المقدسة لم تعد تمتلك هذه القدسية الضرورية، وبات الانتصار على الخصم الداخل لدى كل مذهب من المذاهب أكثر اهمية من القضية الفلسطينية برمتها، لذلك فإنني أعتقد بأن مقاومة مثل هذه الحروب باتت بنظري تتخذ الأهمية القصوى وهي في الوقت نفسه شرط أساسي من شروط إحياء المقاومة لهذه الحروب الداخلية التي تنذر بتفتيت المنطقة إلى شعوب وقبائل، متنازعة ومتصارعة تكون أحد نتائجها المأساوية تكريس الشرعية التي يبحث عنها العدو ويريد انتزاعها من الأمة العربية والإسلامية كلها”.

وعن ظاهرة العداء ضدّ المسلمين في العالم يبدي السيد الأمين أسفه قائلا: ” أشير بكل حزن وأسف لتمادي ادعاءات تحرَّض على المزيد من العداء والتناقض بين المذاهب المختلفة، ولعلّ ظاهرة فادحة تتمثل في كيان حركة داعش وغيرها من الفصائل المشابهة باتت أكثر قدرة على تكريس خطابها المذهبي وتشريع سلوكها الإجرامي وبالتالي إيفالها في تعزيز نظرة العالم غير الإسلامي، تلك النظرة الظالمة التي تصنف المسلمين والإسلام نفسه بوصفه مادة الإرهاب الذي يجب على العالم أن يتصدى له وأن يأخذ هذا التصدي شكل الهجوم على الدين الإسلامي واعتباره المصدر الأساسي لقيام مثل هذه الحركات، ولا يكفي بالنسبة لنا القول ورفع الصوت في تصريحاتنا ومواقفنا بأن سلوك داعش وأخواتها لا يمثل الإسلام، والإسلام بريء منه براءة كاملة.فهذا ما يقع على عاتق الأمة وحكوماتها وأجهزتها التربوية، وقبل هذا وبعده، يقع على رجال الدين من كل الأديان والمذاهب، فليس من الظالم أو الافتراء على بعض رجال الدين إذا قلنا إنهم يسهلون مع كل أسف في نشر وعي عنصري ومذهبي ويشجعون على مزيد من الانشقاقات المذهبية في بلادنا”.

اقرأ أيضاً: السيد محمد حسن الأمين: بعض المسلمين يعانون من فصام في بلاد الغرب

ومن اجل ازالة الاحتقان المذهبي توجه السيد الامين الى قيادة حزب الله خاتما انه “لا يمكن أن نقرأ سلوك المقاومة الإسلامية المتمثلة بدرجة أساسية في حزب الله عبر توجيه سلاح هذه المقاومة وطاقتها رجالها إلى الحرب القائمة في سوريا، ففضلاً عن كون ما يجري في سوريا كان في ابتدائه ثورة مشروعة من قبل الشعب على نظامه السياسي الذي لا يختلف عن نظام صدام أو نظام معمر القذافي، أي أنه لا يملك ،هذا النظام، أية شرعية سوى شرعية القهر والغلبة، أقول فضلاً عن ذلك، فإن الانخراط الكبير الذي تمارسه هذه المقاومة الإسلامية في القتال داخل سوريا، مهما تكن أهدافه ومبرراته، يؤثر سلبا على مقاومة العدو الصهيوني، وإنا إذ أتوجه إلى الأخوة في حزب الله بإعادة النظر في سلوكهم هذا، أقول أن ما يسمى بمنظمات إرهابية داخل سوريا رغم موافقتنا على أنها منظمات خطيرة، ولكن مواجهتها داخل سوريا ليس واجباً حصرياً على المقاومة الوطينية والإسلامية، فإذا كانت الذريعة والحجة التي يستخدمها منطق حزب الله هو أن هذه الحرب هي حرب استباقية لمنع هذه التنظيمات الإرهابية من الدخول إلى لبنان، أقول بأن هذه الذريعة ليست منطقية، وأن لبنان يستطيع بالجيش وبالمقاومة وبكل الفصائل العسكرية التي تملكها الدولة أن يقوم بحماية الوطن اذا ما أراد أولئك التكفيريون الهجوم على لبنان.

 

السابق
وزيرة الثقافة الاسرائيلية تهاجم برنامج بث عن الشاعر محمود درويش
التالي
بأي حق وتحت أيّ اسم وأيّ عقيدة أو أيّ اسلام يذبح هذا الطفل السوري؟