طرد إيلي الحاج والهجوم على نديم قطيش: من يحصر المستقبل في زاوية سنية؟

عوامل رفض الآخر أصبحت واضحة المعالم داخل البنية التنظيمية لتيار المستقبل الذي يتجه بشكل ممنهج نحو الالتصاق حصراً بالهوية السنية، فيرفض اليساريين، والعلمانيين، كما يتعرَض عند أوّل موقف يعارضه لكل من المسيحيين والشيعة بحملات مذهبية واسعة تطالب بإقصائهم عن المؤسسة.

هذا النموذج المنغلق حزبياً لتيار المستقبل، والذاهب نحو الصفة الدينية، تجلّى واضحاً من خلال الحملات المتتالية التي يقودها موظفوه وناشطوه ضد أيّ موظف أو موالٍ لا يتقاطع معهم بالرأي.

ليحمل المستقبليون عبر صفحات السوشيل ميديا لواء الدفاع عن قداسة الدين وقداسة التبعية ضد أيّ متعدٍّ وإن كان من هذه المؤسسة، وليسوّقوا لحملات التشهير، والتجريح، والإهانة، بترند عنوانه “طرد من لا يشبهنا”.
المستقبل التيار المعتدل الوطني (كما أسسه الشهيد رفيق الحريري وكما يؤكد الرئيس سعد الحريري)، أخطأ ثلاثاً في المرحلة الأخيرة، ولأنّ الصمت “شيطانٌ”، ولأنّه لا يسمح لتيار وطني أن يتخذ التعصب طريقاً، والدينية هوية، لا بدّ من استعراض نقاطٍ كان خيراً له أن يترفع عنها.

ديانا مقلدفعناصر هذا التيار لم يعودوا منضبطين، وإنّما أصبحوا بين صفحات السوشيال ميديا فاعلين حدّ السلبية فخرج الانقسام إلى العلن، ليعكس بكثير من الأحيان ديكتاتورية منغلقة، أوّل من شملتهم هذه الموجة المستحدثة، هي الإعلامية ديانا المقلد.

المقلد بالرغم من تاريخها في هذه المؤسسة، إلا أنّ ديمقراطيتها لم تلتقِ والحزبية المخنوقة من شحّ المال، فدعم الإعلامية للائحة بيروت مدينتي في الانتخابات البلدية وإعلان حنينها لبيروت القديمة ترجم من المستقبليين بعدم الوفاء، ليصدر عن ناشطي وبعض موظفي المستقبل هاشتاغ “حلو الوفا”، مرتبطاً بانتقادات لم تترفع عن الشتائم!

ايلي الحاجأما ثاني “ترند”، استخدمه المستقبليون فكان لواء الدين والأسلمة، ومحاسبة الصحافي ايلي الحاج على ما دوّنه فيسبوكياً، هذا التيار الذي تضامن يوماً ما مع جريدة شارلي ايبدو ضد الأعمال الإرهابية التي استهدفتها بسبب رسوم مسيئة للنبي، حاكم الحاج فيسبوكياً، ولم يكتفِ بذلك بل أنهى عقده ممّا يعني أنّ قراراً تنظيمياً قد أيّد هذه الحملة التي أكدّت وصرّحت أنّ تيار المستقبل تيار اسلامي يحظر على العاملين به المس بالمقدسات.

“الترند” الثالث، هو ما ضجّت به مواقع التواصل يوم أمس ضد الإعلامي نديم قطيش على خلفية تغريدة لا تعدو كونها مزحة وإن كانت قاب قوسين “سمجة”، وعلى موقفه من أردوغان ومن حكمه.
تغريدة، كشفت الجمهور المتابع لقطيش أولاً، فتحوّل الكثير من المصفقين لشتّامين، والسخرية أنّ شتيمتهم (برأيهم) مبررة لأنّ نديم قد بدأ بالشتم!
كما أظهرت وجهاً أخراً لتيار المستقبل، فتضامن مع أردوغان “السني”، ومُنح نديم صفة الشيعية.
نديم قطيش لم يكن صائباً بما كتبه من شتيمة، والمزحة كانت زلّة، ولكن ما قام به وجوه التيار كان أكثر خطيئة، فلم يستذكروا مواقف قطيش من الحزب ولا الفاتورة التي دفعها، بل أصبحوا في مكان ما وجهاً من وجوه الممانعة.

نديم قطيشمقاربة سريعة، بين شتائم هؤلاء والتي تتهم قطيش “بالقبض”، وتشكك بمصداقيته وبمواقفه وتكيل إليه الصفات المعيبة، وبين ما توّصفه به قوى الممانعة عند كل انتقاد منه لنصر الله ولحلفائه، تحيلنا لنتيجة أنّ خطاب الاثنين متساوٍ.

إقرأ أيضاً: إيلي الحاج سيدخل الجنة بلا عذاب!

“ترند” قطيش ما زال فعالاً حتى اللحظة، وجوه بارزة في المستقبل تغذي هذه الحملة وتصطاد في خطيئة نديم.
مصادر متابعة تلفت لـ”جنوبية”، أنّ بعض المنتقدين هم من الأسماء التي طالب المستقبليون من الجمهور بتجميد دورها، لتجد بما كتبه قطيش فرصةً لإعادة التمركز”.

ببساطة، إحباط تيار المستقبل أصبح صورة علنية، والمعارك الالكترونية التي يخوضها مع دائرته لا تنعكس إلاً سلباً، أحد الناشطات علقت على سجال (مستقبل – قطيش) بـ” يا شماتة الحزب فينا”.
عبارة تختصر الواقع، قطيش وإن أخطأ، إلا أنّه ما زال المحارب الإعلامي الأوّل لحزب الله والمصوّب الدائم ضدّ كل زلاته، وما زال يدفع فاتورة دعمه للثورة السورية ولخيار الشعب.
نديم قطيش ليس داعماً للبوط العسكري كما يحاول البعض أن يرسخ، موقفه الرافض للانقلاب العسكري في مصر خير دليل.

إقرأ أيضاً:«بيروتنا» ….مسألة ديانا مقلّد

تغريدات قطيش واضحة، لم يؤيد الانقلاب، انتقد أردوغان وعارضه… الشتيمة نتحفظ عنها، أما حرية الخيار السياسي فهي حق لنديم ومحاسبته عليها يضعنا ويضع تيار المستقبل في ماعون الأحزاب الشمولية!

أخيراً، لا بدّ للمستقبل من أن يستعيد عافيته، الحزبية المنغلقة تجعل منه صورة لحزب الله ولكن بلا سلاح، تيار العلم والثقافة والوطنية، يجب ألاّ ينجر لدرك اللغة المذهبية ولا الحسابات الطائفية، هموم الوطن أكبر من تغريدة ومغامرات حزب الله لا تواجه باستهداف نديم وسابقيه، على القضية أن تعود والوجهة السياسية أن تتضح، أو…. على المستقبل السلام.
ولعلّ الأزمة المالية وضياع البوصلة السياسة الجامعة هما اللذان دفعا بعض الموظفين لحمل لواء الغيرة على الدين، في مرحلة لم يعد من قضية جامعة يرسخها المستقبل في حاضنته.

السابق
كيف تصف اسرائيل الرجل الذي افشل الانقلاب في تركيا؟
التالي
أبو فاعور: وزارة الصحة جاهزة لإطلاق العمل بمستشفى شبعا في اقرب وقت