احداث «نيس» الفرنسية والجنوح نحو حروب عالمية

يقول الصحافي المختص بالشؤون الدولية مصطفى فحص «أن العالم بحاجة إلى إدارة أميركية جديدة لا تنكفيء عن المشاكل التي تعصف في أوروبا والشرق الأوسط كما إدارة أوباما ولا تندفع نحو الحروب كما إدارة بوش».

إن الصورة مرعبة جداً بعد طريقة الإعدام الجديدة التي إبتدعتها داعش في فرنسا.

لم تكن الوسيلة على هيئة حرق المساجين وهم مكبلين، ولا رمياً من مكان شاهق. لقد إختارت الدولة الإسلامية إعدام ما يزيد عن 84 فرنسياً دهساً تحت عجلات الشاحنة. وأظهرت التسجيلات كيف يتلوى بعض الفرنسيين من الألم، إلى جانبهم جثث قُتِلَت سحلاً والكثير من برك الدم.

في الأشهر الماضية أصدر المتحدث بإسم التنظيم تسجيلاً صوتياً دعا فيه إلى «بذل الجهد في قتل أي أمريكي أو فرنسي، أو أي من حلفائهم، فإن عجز المرء عن العبوة أو الرصاصة، فليستفرد بالكافر، فيرجمه بالحجارة، أو بنحره بسكين، أو يقذفه من شاهق، أو يدعسه بسيارة».

تحدث مصطفى فحص عن تطور ملحوظ في الفكر الإرهابي «فمشهد ‘نيس’ يشبه كثيراً عملية 11 أيلول يوم دمر الإرهابيون برجي التجارة العالمي في أميركا. ولكن بعد مضي أكثر من عقد على 11 أيلول بدأنا نكتشف أن أساليب مكافحة الارهاب ما زالت فاشلة».

المحلل السياسي مصطفى فحص
المحلل السياسي مصطفى فحص

وهذا ما حصل فعلاً في فرنسا حين عجزت عن ردع الأعمال الإرهابية وعن وضع خطط أمنية تمنع وصول شرارة الإرهاب إلى أراضيها التي من المفترض أنها محصنة.

لم تتمكن الشرطة الفرنسية من التنبؤ بمجزرة «نيس»، فعاد وتكرر مشهد «شارلي هيبدو» ولكن هذه المرة سقط عدد ضحايا يفوق العدد الذي سقط بعملية هيبدو بكثير.

وأمام مشهد «الحرب على الإرهاب» المنتشر في العالم أكد فحص على «إزدياد خطورة هذا النوع من الحروب. فما يحصل في منطقة الشرق الأوسط أسبابه عدم ملامسة الدوافع الرئيسية للإرهاب، كاللاعدالة الدولية تجاه القضية الفلسطينية بالإضافة إلى تراجع من بيدهم قرار السلم والحرب عن لعب الأدوار الجادة بهدف إيجاد حل عادل للقضية السورية.

إن المجتمع الدولي بدأ يدفع ثمن تراخيه في حل مشاكل الشرق الأوسط، ولإهماله النقطة الأساسية بأن شعوب المنطقة يحتاجون إلى الديمقراطية والعدالة بعد شعورهم باليأس والظلم المتراكم تاريخياً».

بعد حادثة دهس الفرنسيين في نيس، إستدعى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند المزيد من العسكر لمحاربة الإرهاب. لقد تحدث هولند في تصريحه الأول بعد المجزرة عن تجهيز عشرة الاف جندي فرنسي بهدف نشرهم داخل أماكن معينة في فرنسا.

اقرأ أيضاً: «شاحنة الموت» في نيس.. هذه أبرز الحقائق التي تم التوصل إليها

وقالت الشرطة الفرنسية أن منفذ عملية نيس يعود بالاصول إلى تونس ويبلغ من العمر 31 عاماً.

على مدى الأعوام السالفة إكتسب نظام زين العابدين بن علي الرضا من قبل حكومات فرنسا. وكان زين العابدين بن علي على علاقة متينة مع الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، وقد ساهمت حكومة شيراك بتدريب الأمن التونسي على كيفية تعذيب المعتقلين السياسيين والمتهمين بالإرهاب داخل المعتقلات التونسية، إذ لطالما إهتمت فرنسا بسياسة الدول ولم تهتم بتطلعات الشعب التونسي.

«تأتي تركيبة المصالح الدولية في المرتبة الأولى بالنسبة إلى الدول الكبرى، في الوقت الذي لم يعترف احد بمصالح العرب» يقول فحص.

إقرأ أيضاً: تفجير «نيس» هل يفرض على أوروبا الفصل بين الإرهاب والاستبداد؟

وأضاف، «خريطة سايكس بيكو بدأت تنهار. تسعى إيران وأميركا وإسرائيل إلى تقسيم جديد للشرق الأوسط في الوقت الذي تحاول كل من روسيا وتركيا والدول العربية إلى منع حصول ذلك».

إن إستقرار أوروبا على المحك وبات مكلف جداً الإستمرار بالنهج التقليدي في محاربة الإرهاب المتصاعد داخل الشرق الاوسط.

برأي فحص “ستعمل الإدارة الأميركية الجديدة على لجم حلم بوتين بالتوسع. كذلك عليها قراءة المستجدات الطارئة على أوروبا خصوصاً بعد عودة الأفكار القوميات إليها. فأي تقاعس من قبل الإدارة الجديدة عن أداء هذه الأدوار سيكون إنذارا حقيقيا لإندلاع حروب عالمية مصغرة.”

السابق
هكذا حاولوا اغتيال اردوغان!
التالي
تعرّف على الاسم الذي أطلقه الانقلابيون على أنفسهم!