تفجير «نيس» هل يفرض على أوروبا الفصل بين الإرهاب والاستبداد؟

بالدماء، لوث الإرهاب العيد الوطني الفرنسي، شاحنة تحمل لواء الإسلام دهست الأبرياء دون أن يرف لسائقها جفن، فرنسا التي كانت تتعافى من هجمات إرهابية تعرضت لها مؤخراً، لم يرد لها التطرف المدار والموجه استخباراتياً أن تزيح شبح الهجمات الإرهابية عن مواطنيها.

84 شخصاً، وعشرات الجرحى، عيد دموي لن يمحى من ذاكرة الفرنسيين ليس لفظاعة العدد فحسب، وإنّما لفظاعة الأسلوب المعتمد في العملية الإرهابية.
هجمة تفرض من جديد الاسئلة حول الارهاب الديني وتعيد الاسلام لدائرة الإرهاب في الوعي الفرنسي وتطرح أسئلة عديدة عن التوقيت، وعن تنظيم أعمال “تنظيم داعش” بمناسبات محددة وتطورات سياسية معينة، لتصب في خدمة مشاريع انظمة الاستبداد في العالم العربي وعلى راسها النظام السوري وبقائه.
الصحافي والمحلل السياسي مصطفى فحص أكدّ لـ”جنوبية”، أنّ “توقيت العمل الإرهابي سياسي بامتياز، له جزئية فرنسية ولكن جزئيته الأساسية هي كل ما تفعله داعش من الأعمال المريبة والتي تثير الشكوك”.

مصطفى فحصوأضاف “دائماً توقيتات داعش سورية ومرتبطة بوضع الأسد والمفاوضات حول سوريا، ففي اللحظة التي يلتقي بها وزير الخارجية الأمريكي بالرئيس الروسي ويتم الاتفاق على ولادة صيغة جديدة للعلاقات الروسية – الامريكية في سوريا خارج السياق العالمي والمفاهيم الأوروبية والمصالح المشتركة والبحر المتوسط، تأتي هذه العملية وكأنّها دعم للموقف الروسي الذي يقترب منه الموقف الأمريكي وهو الأولوية لداعش الأن ولنمحو فكرة الأسد، ومن بعدها يتم إعادة تعويم النظام والأسد كشركاء في محاربة الإرهاب، وفرض هذه الصيغة”.
ولفت فحص “الفرنسيون بالتحديد هم من يتمسكون اوروبياً بصيغة الأسد وداعش، بينما الروس والأمريكان عبر الروس يريدان اسقاط هذه المعادلة، وهذا التوقيت المريب الدائم لداعش، المستفيد منه دائماً النظام السوري وحلفاؤه”.

وأشار أنّ “المستفيد الأوّل من هذه الأعمال الإرهابية هم دعاة اليمين في أوروبا، والمستفيد الأساسي من اليمين الأوروبي هم دعاة الدول القومية أو النزعات القومية والتي في أساسها وجوهرها الروسية الجديدة القامعة، القائمة على النزعة السلافية الروسية والتي تعادي المهاجرين وتغذي هذا الموقف عند الأوروبيين، لذلك نلاحظ صعود الأحزاب اليمينية”.

اقرأ أيضاً: «شاحنة الموت» في نيس.. هذه أبرز الحقائق التي تم التوصل إليها

وفيما يتعلق بدور الإسلام في تعزيز هذه الصورة أوضح فحص أنّ “كل الإسلاميين المهاجرين هم أمام خيارات، إذ ليس بإمكانهم أن يأتوا من بلادهم وأن يسكنوا في أوروبا كمقيمين متصلين بكل التراث والموروثات، هي أزمة دمج واندماج، أزمة الأوروبيين بخطئهم في كيفية الاندماج وأزمة المسلمين أنّهم قرروا من الأصل أن لا يندمجوا، فأصبح هذا الانفصام لدى الشخص المسلم في أوروبا وأتت ردة الفعل عند الأوروبي والذي أثاره عدم قدرة المسلم على الاندماج”.

بدوره أشار عضو هيئة العلماء المسلمين الشيخ نبيل رحيم لـ”جنوبية”، أنّ “ما حدث في مدينة نيس الفرنسية هو عمل إرهابي بامتياز، وأصوات المشايخ السلفية إن كانت على مستوى لبنان أو على مستوى العالم الإسلامي تدين هذه الأعمال وتنتقدها، حتى عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ولاسيما العلماء الكبار من السعودية دائماً ما يستنكروها”.

نيس فرنسا

وعن ربط ثقافة الإرهاب بالإسلام السلفي، أوضح أنّ “هذا الأمر يتحمله طرفان، الطرف الأوّل، بعض وسائل الإعلام المرتبطة بجهات خارجية قد تكون من الخصوم تحاول ربط هذه الأعمال بالحالة السلفية، أما الطرف الثاني وهو عبارة عن سبب داخلي فبعض الشباب الذين ينفذون هذه الأعمال هم محسوبون بالأصل على جهات سلفية”.

إقرأ أيضاً: هجوم نيس الإرهابي: أسئلة صعبة تبحث عن الحقائق والدوافع

وفيما يتعلق بصورة الاسلام السلفي المنتشرة متطرفة بين اسلاميي الغرب وعن الحلول المطروحة لمعالجتها، تأسف الشيخ رحيم معلقاً أنّ “الجهد في هذا المجال ضعيف فالحالة السلفية عبارة عن مدارس متعددة ومختلفة بينها، والخلط سيبقى بين هذه الأعمال والساحة السلفية”.

وإن كان هناك من بين هذه المدارس السلفية المتعددة من يؤيد هذه الأعمال الإرهابية أكد أنّ “المدارس السلفية المعتبرة جميعها تدين هذه الأعمال”.

السابق
بالصورة والتفاصيل: هذا هو منفذ هجوم «نيس»
التالي
لماذا أطلق المشنوق سراح 17 سجيناً وسجينة؟!