الإعلام اللبناني والاغتصاب: كل شيء يهون في سبيل السبق

عند انتشار خبر اغتصاب ثلاثة شبان فتاة قاصرة شمال لبنان، الإثنين، هرع بعض الصحافيين لاستغلال مأساة الضحية وانتهاك خصوصيّتها. فبدأوا بالبحث عن الاسم الثلاثي للفتاة وعنوان سكنها وعمل أقربائها، لينشروا تلك المعلومات، ضاربين بعرض الحائط انتهاك الخصوصية الشخصية وحماية الضحية. كما بحثوا، أيضاً، عن صور الشبان المتهمين، فنشروها من دون تغطية وجوههم.

هكذا، أصبحت الجريمة جريمتين: تبدأ بقيام الشبان الثلاثة بالتناوب على اغتصاب الفتاة القاصرة لمدة شهرين، ولا تنتهي بجريمة الإعلام اللبناني، الذي بادر إلى نشر أخبار مغلوطة عن الضحيّة وعائلتها، وعدم حمايتها، بل استغلال المأساة في الحصول على “ترافيك” ومشاهدات أكبر.

ونشرت قناة MTV الاسم الثلاثي للفتاة في مواجزها الإخبارية والعديد من المعلومات عنها وعن عائلتها (التي لا تهم المشاهد). ووقعت عدة مواقع إلكترونيّة، أبرزها “الكلمة أونلاين” بفخ “السكوب الفضائحي”، ونشر معلومات عن الفتاة وعائلتها أغلبها كانت مغلوطة. فأدخلت بعض المواقع الإلكترونية جد الفتاة الى المستشفى، ومن ثم قتلته في اليوم الثاني، من دون التأكد من صحة المعلومات التي ترد إليهم -فالسكوب والترافيك أهم من ذلك-.

ونشرت صحيفة “الجمهورية” مقالاً بعنوان “اغتصِبْني جنسياً ولا تغتصبْني إعلامياً”، في إطار محاولة الكاتب للحديث عن الخروقات والتجاوزات الإعلاميّة التي حصلت في تغطية القضيّة، لتأتي النتيجة على شاكلة “بدل ما يكحّلها، عماها”.

وأجرت قناة “الجديد” تقريراً أوضحت فيه المعلومات المغلوطة، وتحدثت إلى الضحية وعائلتها،  لكنها اختارت عنواناً له على مواقع التواصل الاجتماعي “فتاة الزاهرية تروي للجديد… هكذا أغتصبتُ!”.
وقالت الفتاة إن أحد الشباب استدرجها ثم أجبرها على إقامة علاقة معه، وهددها بقتل جدها إن لم تفعل كذلك مع أصدقائه أيضاً. كما قام بتصويرها وتهديدها بالصور. فيما تحدث الطبيب الشرعي في التقرير عن فظاعة ما حصل لها.

https://www.youtube.com/watch?v=ug15j8U-xHY

كما تضامن ناشطون مع الضحية، فأعاد العشرات فيديو نشرته جمعية كفى “لتحديد السن الأدنى للزواج” وبيان نشرته على صفحة “فيسبوك” جاء فيه: “بعض التغطيات الإعلامية لاغتصاب ابنة الـ16 عاماً في منطقة قريبة من طرابلس صادمة ومقلقة إذ كشفت عن تفاصيل تشير بوضوح إلى هويّة الضحية، وهويّات أشخاص آخرين، وبعضها فضح اسم الضحية الكامل”.

إقرأ أيضاً: هكذا تعرضت الفتاة المغتصبة في طرابلس لإعتداء جديد

وأضاف البيان “من أبسط المبادئ التي يجب اتّباعها هي احترام الضحية وإرادتها وعدم الإفصاح عمّا يهدّد خصوصيتها وسلامتها الجسدية والنفسية. من غير المقبول أن تكون قصص الضحايا مساحة سبق وإثارة. يكفي الإضاءة على المسألة وإعطاؤها الحيّز الواسع والجدّي الذي تستحقه، من دون مسابقة الضحية وأقاربها على قصتهم، ومن دون إعادة إحياء المشهد الذي وجدت الضحية نفسها فيه والتسبّب لها بمعاناة ومخاطر إضافية. تخيّلوا فقط أن تسمع اسمها وما جرى لها مباشرةً على الهواء”، متابعاً “بالطبع ثقافة الاغتصاب لا تُحارَب بالصمت، لكنها لا تُحارَب بالكلام الذي يحترف محو الضحايا وانتهاك خصوصياتهم، وخاصّة ضحايا الاعتداءات الجنسية”.

وهاجم عدد من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، الإعلام الذي وقع بفخ الابتذال والإثارة الفارغة. كما أطلقت مجموعة “ميديا هاشتاغ” وسم #صحافة_العار، الذي تفاعل معه الآلاف من اللبنانيين، وغدا الوسم الأكثر انتشاراً في لبنان بعد أن وصل متفاعلوه إلى 300 ألف شخص.

إقرأ أيضاً: مغتصب خامس يظهر في قضية الفتاة القاصر…فمن هو؟‏

وغرد الناشط عماد بزي: الإعلامي الذي يضحي بمصير بلد بأكمل لأجل حظوة عند زعيم حزب أو طائفة، لن يتوانى عن التضحية بحياة فتاة ضحية اغتصاب لأجل سكووب”.

وكتبت الصحافية نسرين مرعب: “إذا الفتاة اغتصبت بالجسد… فكتير منا مغتصب بالأخلاق والمبادئ ‫#‏صحافة_العار”، أما طارق أبو صالح :”‫#‏صحافة_العار بلبنان بتكتب الأحرف الأولى من أسامي المجرمين بس بتشهر بالضحايا بالاسم الثلاثي!” وكتبت لارا صقر: “حتى السكوب الإعلامي الو حدود “أخلاقية” ومش المفروض يكون على حساب كرامات الناس”.

كما تضامن ناشطون مع الضحية، فأعاد العشرات فيديو نشرته جمعية كفى “لتحديد السن الأدنى للزواج” وبيان نشرته على صفحة “فيسبوك” جاء فيه: “بعض التغطيات الإعلامية لاغتصاب ابنة الـ16 عاماً في منطقة قريبة من طرابلس صادمة ومقلقة إذ كشفت عن تفاصيل تشير بوضوح إلى هويّة الضحية، وهويّات أشخاص آخرين، وبعضها فضح اسم الضحية الكامل”.
وأضاف البيان “من أبسط المبادئ التي يجب اتّباعها هي احترام الضحية وإرادتها وعدم الإفصاح عمّا يهدّد خصوصيتها وسلامتها الجسدية والنفسية. من غير المقبول أن تكون قصص الضحايا مساحة سبق وإثارة. يكفي الإضاءة على المسألة وإعطاؤها الحيّز الواسع والجدّي الذي تستحقه، من دون مسابقة الضحية وأقاربها على قصتهم، ومن دون إعادة إحياء المشهد الذي وجدت الضحية نفسها فيه والتسبّب لها بمعاناة ومخاطر إضافية. تخيّلوا فقط أن تسمع اسمها وما جرى لها مباشرةً على الهواء”، متابعاً “بالطبع ثقافة الاغتصاب لا تُحارَب بالصمت، لكنها لا تُحارَب بالكلام الذي يحترف محو الضحايا وانتهاك خصوصياتهم، وخاصّة ضحايا الاعتداءات الجنسية”.

(العربي الجديد)

السابق
حكاية ضحى وآلاء وإسراء.. 94 و95 و96% !
التالي
مجتهد يفجر فضيحة سعودية مدوية