10 سنوات على حرب تموز: إسرائيل تريد بقاء سلاح حزب الله

لبنان الطرف الخاسر في حرب تموز، حزب الله اكتسب شرعية سلاحه والانغماس في الحرب السورية دون محاسبة أما اسرائيل فضمنت الأمن على حدودها الشمالية دون أيّ عمليات أمنية.

يمكن أن تنظم قصائد كثيرة في صمود الناس وفي تضامنها ضد العدوان الإسرائيلي خلال عدوان تموز 2006. كما يمكن كتابة المقالات عن البطولات التي قدمّها مقاتلو حزب الله ضد هذا العدوان في أكثر من موقعة مشهودة. ولا ننسى أنّ هذه الحرب، التي نشبت إثر قيام مقاتلو حزب الله بأسر جنديين اسرائيليين على الحدود الجنوبية اللبنانية، لم تنتهِ بعد 33 يوماً بتحقيق اسرائيل لأهدافها العسكرية، لكنّها أظهرت قدرة لتنظيم حزب الله على الصمود.

هذه حرب من الحروب مع العدو جرت قبل عشر سنوات، وهي وفرت لطرفي المواجهة، أي اسرائيل وحزب الله، تحقيق مصالحهما. فإسرائيل ضمنت إلى حدّ كبير الأمن على حدودها الشمالية. وهذا ما تُظهره الوقائع خلال السنوات العشر الماضية. رغم بعض مناوشات لم تخل بالاتفاق الذي كرّسه القرار الدولي 1701.كما ضمنت هذه الحرب في المقابل لحزب الله الاحتفاظ بسلاحه.

في المقابل كانت الدولة اللبنانية هي الطرف المهزوم. الدولة التي كان اللبنانيون يتطلعون إلى قيامتها الحقيقية مع خروج الوصاية السورية إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005. إذ كان مشهد ما بعد الخروج السوري استثنائياً لجهة تبلور ملامح وحدة لبنانية أساسها السيادة وقيامة دولة القانون والمؤسسات. وقد تلقّى هذا المشروع هزيمته النوعية في هذه الحرب. إذ وفّرت الحرب، والخطاب السياسي الذي واكبها ونبع منها في الداخل اللبناني، فرصاً إضافية لتقويض مؤسسات الدولة، لحساب مشروع الدويلة، إذ انتهت حرب تموز إلى بروز قوة حزب الله أمنياً وعسكرياً على حساب الدولة ومؤسساتها التي ازدادت ضعفاً واستشرت في بنيتها المحاصصة.

حرب تموز

لقد فرض السلاح، خارج سلاح الشرعية، بقاءه من خلال معادلة كان الطرفان الإسرائيلي وحزب الله يحاميان عنها ولا يزالان. حماية فعلية للحدود الاسرائيلية من أيّ عملية مقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، في مقابل بقاء سلاح حزب الله، الذي انتقلت وظيفته بعد الحرب نحو الداخل اللبناني. بحيث تحوّل هذا السلاح إلى وسيلة لحماية بقاء سلاح الحزب وسياساته الإقليمية من جهة، واستخدامه كعنصر استقواء داخلي نجح إلى حدّ بعيد في فرط نتائج الإنتخابات النيابية عام 2009. تلك الإنتخابات التي فازت بها قوى 14 آذار لكن من دون أن تستطيع ترجمة هذا الفوز سياسياً. ومعادلة 7 أيار 2008، التي كانت عنوان التلويح بالسلاح من قبل حزب الله تجاه الداخل اللبناني، بدا أنّها اقوى من الانتخابات النيابية ونتائجها.

إقرأ أيضاً: في الذكرى العاشرة لآخر حروب حزب الله مع اسرائيل

جاءت الثورة السورية لتكشف كم أنّ سياسة حزب الله خرجت تماماً من الحسابات اللبنانية الوطنية ومن شروط الدولة، لتنتقل بالكامل إلى تنفيذ السياسات الإقليمية التي يفترضها نظام المصالح الإيراني في سورية والمنطقة. ولعلّ اندفاعة حزب الله نحو الدفاع عن نظام الأسد بالسلاح والدم، أظهر كم أنّ الدولة اللبنانية لم يعد لها أيّ قدرة على لجم هذا الخروج على سيادتها ومن داخلها. إذ لا يمكن، فيما نقارب قتال حزب الله في سورية، أن نفصل بين نتائج حرب تموز التي استنزفت الدولة سيادياً وسياسياً، وبين انتصار حزب الله. هذا الذي أتاحت له الحرب بقاء سلاحه وتحوله إلى عنصرٍ محوري أساسه استقرار الحدود الشمالية لإسرائيل.

إقرأ أيضاً: عقد على حرب تموز..اين اصبحت المقاومة ووجهتها؟

لا نريد الذهاب إلى أنّ اسرائيل تريد بقاء سلاح حزب الله الإستراتيجي، لكنّها بالتأكيد ليست متضررة منه. لا سيما أنّ هذه الطاقة الأمنية والعسكرية لدى الحزب تصرف في الصراعات الداخلية اللبنانية وتستنزف في الحروب الأهلية العربية، من دون أن يخلَّ ذلك بتاتاً بالهدوء والاستقرار على الحدود بين لبنان واسرائيل. حتى في سورية أمكن لاسرائيل فرض معادلة حماية حدودها. وهذا ما يكشفه عدم وقوع ايّ خطأ عسكري من أيّ جهة ممانعة تجاه اسرائيل. بل الثابت أنّ أكثر المناطق استقراراً في سورية اليوم هي المناطق القريبة من الحدود مع اسرائيل.

اسرائيل عموماً، وفي خطاب الممانعة على وجه الخصوص، تريد محيطها العربي دويلات مذاهب وطوائف، والممانعة أفضل من يسير على هذا المنوال من لبنان إلى سورية فالعراق واليمن.

السابق
إيران الخميني.. أفضل النماذج الإيرانية لأميركا
التالي
بالفيديو.. برج البراجنة: استقال من حزب الله فأطلقوا الرصاص داخل الحسينية