تقرير تشيلكوت أدان الحرب على العراق…وبلير لم يعتذر

بين أزمة بريطانيا وخروجها من الاتحاد الأوروبي وحداد العراق على الانفجار الإرهابي الأخير الذي لا تزال تبعاته مستمرة حتى اللحظة، صدر تقرير تشيلكوت من لندن الذي أظهر أنّ الحرب على العراق لم تكن إلاّ عدوانًا غير مستند إلى أدلة كما زعم المعتدون.

سقطت بغداد ومعها نظام صدام حسين بعدما شنّ التّحالف الأمريكي – البريطاني بغطاءٍ من مجلس الأمن حربًا على العراق عام 2003، لتغرق بعدها بلاد ما بين النهرين في جحيم الحرب المذهبية والطائفية إضافة إلى تفشي وباء المتشددين والإرهابيين، وسقوط مئات الآلاف من القتلى والجرحى. هذا عدا التطهير المذهبي والعرقي الذي انتهجته الأطراف المتنازعة والذي أدّى إلى تهجير العراقيين وخصوصًا الأقليات. إضافةً إلى الهدر في الموارد النّفطية، وبروز طبقة من الحكام الفاسدين أمعنت في سرقة المقدّرات العراقية وثرواته… اليوم بعد ثلاثة عشر عاما صدر التقرير البريطاني عن غزو العراق الذي أظهر أنّ هذا الغزو استند إلى أدلّة «قانونية غير ثابتة» أي أنّ الحرب على العراق كانت «خطيئة».

إقرأ ايضاً: بالصور والفيديو: العراق سينتصر على إرهاب داعش

2.6 مليون كلمة في التقرير الانكليزي تروي تفاصيل وخلفيات اجتياح العراق بقرار من رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، والرئيس الأميركي جورج بوش الإبن، اللذان انتزعا شرعية اجتياحهم من مجلس أمن تحت ذريعة وجود أسلحة دمارٍ شامل. ذريعة انتفت بالأدلة والبراهين، لتكتشف لجنة السّير جون تشيلكوت الموكلة التّحقيق بملف قرار الحرب على العراق بعد صدور تقريرها النّهائي بعد تحقيقات استمرت من الـ 2001 للـ 2009 ، أنّ «توني بلير ورئيس الاتصالات آنذاك أليستير كامبل، “علما على الأرجح” أن المزاعم عن الأسلحة الكيماوية والبيولوجية كانت خاطئة قبل أن “يقدماه” في الملف للحكومة البريطانية قبيل الغزو. وقدّماه لاحقًا زاعمين بأن صدام حسين يمكنه أن يُخفي هذه الأسلحة في غضون “45 دقيقة”»، كذلك كشفت الوثائق أن «بلير أكّد لبوش تبعيته له في أي مكانٍ وزمان، في الحرب والسّلم أيضًا».

ويتناول التقرير خلفية قرار مشاركة بريطانيا في الحرب، ومدى استعداد القوات على نحو مناسب، وكيف دار الصراع، وماهية الخطط في أعقاب الحرب، وهي فترة تفاقم خلالها العنف الطائفي.
ودافع رئيس الحكومة البريطانية الاسبق توني بلير الاربعاء عن قراره المشاركة في حرب العراق عام 2003، وذلك عقب صدور التقرير الذي خلص الى ان غزو العراق بني على ادلة خاطئة وكان تنفيذه يرثى له.

ولكن على الرغم من خطورة التقرير الذي يؤكّد أن قرار الحرب على العراق قرار عدواني إجرامي، إلاّ ان بلير لم يحاكم، ولم يعتذر من الشعب العراقي الذي تحوّل بلده إلى ساحات حرب وقتال، وتصفية حسابات إقليمية وحتى دولية. ولكن الإيجابية الوحيدة بحسب الكاتب السياسي مصطفى فحص أنّ «بريطانية اعترفت بأخطائها بل أجرت تقييمًا لمرحلة مهمة من تاريخها الحديث نفتقده نحن في الشرق الأوسط».

إقرأ أيضاً: لعنة العراق التي عرت توني بلير

مصطفى فحص

وتابع فحص في حديث لـ«جنوبية» أنّ «صدور التقرير لن يغيّر ولن يحدث أي فارق في الواقع العراقي، بل يمكن القول أنّ العراق كان سيصل لما وصل إليه اليوم حتى ولو لم يحصل اجتياح أميركي – بريطاني له. وهو كان بحاجة فقط لانتفاضة صغيرة كما حصل في سوريا كي يهبّ الشعب ضدّ الحاكم الدكتاتور، وهي التي تشهد اليوم حربا دموية كما يحصل في العراق».

صدر تقرير تشيلكوت بالتزامن مع وقوع تفجير الكرادة الذي راح ضحيته أكثر290 شهيدًا ومئات الجرحى، فالعراق الذي دخل في صراع دموي منذ العام 2003 لا يزال يعيش تبعات «الافتراء» الغربي على استقراره بالرغم من وحشية النظام السابق، وصدور مئات الوثائق والأدلة والمحاكمات بحق هؤلاء «المفترين» لن تعيد الوحدة بين العراقيين ولا الحياة لأرواح مئات الآلاف من الأبرياء…ولكن يختم فحص «للعراق مستقبل وأمل بالرغم من كلّ العنف الدائر حاليًا».

السابق
العدوانية… ثمرة الحرمان وثقافة التحريم
التالي
هل بدأت اسرائيل حملة زعزعة الوجود اللبناني الشيعي في ألمانيا؟