رسالة مؤثرة من حسين يوسف إلى نجله… أين أصبح ملف العسكريين؟

لم يكتمل عرس تحرير العسكريين اللبنانيين من جبهة النصرة الذي شهدناه قبل ثمانية أشهر وأسفر عن الافراج عن 16 منهم، لأن تسعة آخرين منهم ما زالوا لدى تنظيم داعش شكلّوا الغصة الكبرى لأهاليهم في عيد الفطر الذي مرّ قبل يومين، خصوصا مع الفتور الذي يعتري مسؤولي الدوله بالنسبة لهذه القضية التي يخشى أن يذهب بها النسيان.

العيد الثاني قد أقبل وآب يفصلنا عنه أسابيع قليلة، ومخطوفو داعش ما زال ملفهم عالقاً، التعليقات الإعلامية أصبحت رفع عتب لا أكثر، والحراك خجول، خطوة واحدة كسرت جليد هذا الملف ثم توقفت، فمؤسسة لايف التي يديرها المحامي نبيل الحلبي كانت قد أعلنت عن بدء خطوات في مفاوضات غير مباشرة مع الخاطفين، إلا انّها عادت وعلقتها بعدما تمّ اعتقال الحلبي بقضية رأي، مع العلم انه تم الافراج عن الحلبي بعد أيام ولم يصدر بعدها أي شيء عن لايف حول الموضوع.

السيد حسين يوسف، يتحدث لـ”جنوبية” عن العيد الثاني في غياب محمد وعن طفله، فيقول “بعد مرور سنتين على غياب محمد لا شكّ بأنّ الغصه تزداد والألم والشوق لا يمكن قياسه، لكن بعد كل هذه الأيام والساعات والشهور لا زال قلبي يخفق بالأمل ولم استشعر الخطر، الأمل بربي يكبر ويزداد دائماً”.

ويضيف “لا شكّ بأنّ الأعياد كلها لم تمر علينا ولم تدخل ذرة من الفرح الى قلوبنا ولم يخيّم على حياتنا سوى ذكرى وطيف وخيال محمد لأنّه كان يضج بالحياة والمرح والظل الخفيف الطيب الذي لا يمكن ان يسد مكانه إلا هو .. أما ابنه حسين الطفل الذي لم يرَ من والده شيئا فقد تعود على صورته ويحس به من خلالها فيناديه بابا ويقبل صورته، فأنظر إليه بغصه وحرقة وألم فظيع، أعطيه حبي وحناني كما أعطيت أبيه إلا أنني أتألم كثيراً فأنا ايضاً بحاجة لأن أخذ هذا الحنان من ابيه إليه” ..

العسكريين المخطوفين

وعن آخر مستجدات الملف، يؤكد يوسف أنّ “المحاولات مستمرة والمتابعة جارية ولكن بصورة بطيئة، ويعود السبب لعدم تجاوب الخاطفين”.

ويتابع “نحاول بكل الطرق والوسائل الحصول على معلومات منها الجيد ومنها السيء ولكن ما من شيء يؤكدها ومنذ أسبوع كان لي زياره إلى عرسال في محاوله مني للإستقصاء عن العسكريين وقد قيل لي بأنّهم ما زالوا أحياء، ولكن لا يوجد اي دليل”.

وأشار أنّ “الاتصالات بهذا الملف دائمة مع اللواء عباس ابراهيم ورئيس الحكومة تمام سلام وهما على تجاوب دائم معنا ولكن للأسف لا شيء مما يقولانه يمكن ان يطمئن قلوبنا .”

وفيما يتعلق بالمفاوضات التي كانت مؤسسة لايف قد بدأتها ثم توقفت، يوضح يوسف أنّ “الأستاذ نبيل الحلبي الأخ والصديق كان دائما يقدم المساعدة وقد أنجز صفقة التبادل في ملف العسكريين ال16، وكان يحاول فتح ثغره في ملف العسكريين التسعة الموجودين مع تنظيم الدولة الإسلامية عن طريق مكتب مؤسسه لايف في تركيا، ولا شكّ بأنّ الدعوى التي أقيمت ضده من معالي وزير الداخلية أثرت سلباً على متابعته لهذا الملف فاعتكف عن الموضوع، ونحن وأبناؤنا من دفع الثمن وكان الأجدر من معالي وزير الداخلية أن يأخذ بالحسبان ملف العسكريين قبل ان يرفع دعوى”.

وعن الرسائل التي وجهها الى الجهات المعنية بالملف ومنها الجهة الخاطفة، المحامي نبيل الحلبي، ابنه محمد، يقول يوسف ” رسالتي لكل السياسيين في لبنان وللشعب اللبناني بكل أطيافه أن يتذكروا ملف العسكريين الذين منهم من ضحى بحياته ومنهم من أسر في سبيل حمايه الوطن، واقول لهم كيف كان عيدكم؟ وكيف شعرتم بالفرح وأنتم تعلمون بأنّ امهات حماتكم تغمر أعينهم الدموع ويعتصر قلبهم بالحزنا والألم، وحياتهم في العيد جحيم لا يتحمله اي منكم؟ أسالكم اليوم هل بقي في قلوبكم شيء من المسؤولية والرحمة تجاه هذه الأسر وهل سيستفيق فيكم الضمير ام ان الضمير والرحمه أصبحا في حاله موت سريري؟

أما رسالتي وبكل حب وصدق للأخ والصديق الأستاذ نبيل الحلبي .. أقول لك ان من يعمل في مجال الإنسانية لا ترهبه الدعاوى ولا يخاف الموت وأنت للإنسانية عنوان، أعرف عنكم الصلابة والقوة وقد انجزت وحققت الكثير في هذا المجال فلا تضعف، و ضَع نصب عينيك دعوى من أم حررت لها ولدها وما وزن هذه الدعوى عند الله، أناشدك أن تعود وتتابع وتحاول الوصول إلى حل في هذا الملف ولا تخف من شيء لأنّ الله سيكون معك”.

إقرأ أيضاً: المحامي الحلبي لـ«جنوبية»: المفاوضات جرت بسريّة ولا علاقة لأسرى حزب الله بانهاء ملف العسكريين

ويضيف ” أما للخاطفين أقول أنني مسلم ومؤمن بربي عز وجل ورسولي محمد صل الله عليه وسلم واستشهد بالآية ( إذا جاء اجلهم لا يستقدمون ساعة ولا يستأخرون ) صدق الله العظيم .. ولكني أناشدكم واستحلفكم برب العرش العظيم ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء وارحموا أمهات وأطفال وزوجات ليس لهم ذنب ليدفعوا هذه الأثمان .. وقد آن الآوان لاطلاق سراح العسكريين وإعادتهم إلى اهلهم والله لا يضيع اجر المحسنين”.

وختم يوسف كلامه برسالة مؤثرة لابنه محمد وتضمنت “محمد اشتقتلك كتير وبعرف انك اشتقلي واشتقت لأمك وزوجتك وابنك، أنا وانت النا الله وما رح ينسانا، خلي ايمانك بالله وما رح نتخلى عنك ولو كلفتني حياتي رجعتك لحضن امك وزوجتك وابنك .. اشتقتلك وبعرف غصتك أكبر من غصتي اشتقتلك وبعرف وجعك أكبر من وجعي، لكن الله كبير يا محمد بعرفك صبور وصبري من صبرك وأملي بربي، كون قوي ومؤمن متلي يا بيي، انا قوي وبحبك. وصيتي الك كون قوي متل ما ربيتك والله يكون معك ورح ترجع باذن الله”.

إقرأ أيضاً: استنطاق العسكريين الأسرى.. ومهزلة الاعلام اللبناني!

هذا هو ملف العسكريين المخطوفين لدى داعش، الذي بدأ يوم 2 آب 2014، وامتزج بالدماء والذبح والإعدام، هذا الملف نفسه الذي شهد انفراجاً جزئياً أواخر العام الماضي، فتمت صفقة التبادل وأطلقت النصرة مخطوفيها.
الأهالي الذين كانوا يفترشون الخيم في وسط بيروت امتلأوا في تلك اللحظة الإستثنائية فرحاً وعناقاً، خيمة واحدة خيّم عليها الهدوء، شارك ساكنها المحررين فرحتهم وفرحة أهاليهم، أما عيناه فكانتا تسألان عن ابنه المختطف لدى تنظيم داعش هو وثمانية من رفاقه؟

إنّه عرّاب الأهالي، حسين يوسف والد العسكري المختطف لدى داعش محمد يوسف، حسين الذي ما زالت الصورة العفوية التي التقطت له لحظة الإفراج عن مخطوفي النصرة، الأكثر ألماً، إنّها ببساطة صورة بألف كلمة، وألف صفعة لكل متكاسل عن هذا الملف.

رسائل حسين يوسف، برسم كل المعنيين، جنودنا ملكٌ للوطن لا للأسر… و ويلٌ لنا إن تناسيناهم!

السابق
بعد هزيمة المانيا الكروية مواقع التواصل: «#تعوا_نتمسخر_ع_الالمان»
التالي
لمصلحة من فبركة الأخبار الكاذبة عن إيران؟