داعش… الوحش المفيد؟

من المعروف ان تنظيم داعش الارهابي الذي خلف القاعدة في سوريا والعراق أخرج معظم قادته من السجون السورية والعراقية عام 2013 في لعبة مخابراتية قذرة ليقاتلوا الثوار في سوريا الذين كانوا أوج قوتهم.

أخلى نظام المالكي مدينة الفلوجة في العراق على عجل ليدخلها داعش دون قتال، وعندما حاول بعض العشائر السنية مقاومته متكلين على دعم الجيش العراقي، أعمل داعش فيهم القتل بشكل وحشي ولم ينصرهم الجيش، فقد كانت عين المالكي وايران على الحليف الديكتاتور بشار الاسد، والفلوجة ضرورة كقاعدة خلفية للدعم اللوجيستي لهذا التنظيم الارهابي الناشىء، الذي بدأ بالهجوم من الخلف على فصائل الجيش الحر واستطاع بأقل من عام احتلال العديد من المدن والمحافظات التي كان الثوار قد استخلصوها من الجيش السوري، وذلك بفضل الدعم المالي والبشري الذي كان يمر عبر الأراضي الإيرانية نحو العراق فسوريا.

“احتل داعش الرقة ودير الزور وريف حلب الشمالي وريف حمص وأجزاء من ريف درعا. قاتل الثوار عند هجومهم لاحتلال درعا ما أدى الى فشل العملية، وما زالت المدينة بيد النظام. هاجم مخيم اليرموك، في ريف دمشق الذي كان كالخنجر بيد النظام وقتل كلّ الثوار، وهو الى اليوم جبهة نائمة لا معارك فيها.

98% من الضربات الجوية الروسية والتابعة للنظام هي على مناطق نفوذ المعارضة، بينما قافلات داعش تقطع ألاف الكيلومترات في الصحراء دون أنّ يتعرض لها أحد.

داعش والنظام السوري

ولأنّ الجماعات الاسلامية التي تتوسل الحكم باتت قباداتها انتهازية، فقد قابل داعش الانتهازية الايرانية بانتهازية مماثلة، وعندما سنحت له الفرصة ليتخلص من براثن المخابرات الإيرانية والسورية فإنّه لم يقصّر، خصوصاً عندما وجدت تركيا في داعش فرصة نادرة من أجل تحجيم حزب العمال الكردستاني على حدودها الجنوبية مع سوريا والعراق، وكذلك لتحجيم النفوذ الإيراني الذي بدأ يتعملق في هاتين الدولتين، فأفسحت المخابرات التركية لهذا الوحش الارهابي طريقاً جديداً عبر حدودها وتضاعف المدد اليشري والتسلحي له وكانت ضربة الموصل والأنبار التي غيرت الوجه السياسي للعراق وأطاحت برئيس الوزراء العراقي نوري المالكي التابع لإيران، ليأتي القيادي المعتدل في حزب الدعوة حيدر العبادي كعنوان لعهد جديد قوامه شراكة وطنية ودولية لمحاربة الإرهاب منهياً بذلك مرحلة التفرد الإيراني في الهيمنة على بلاده مع عودة التنسيق مع أميركا والغرب الذين شكلوا التحالف دولي ضد تنظيم داعش.

إقرأ أيضاً: السعودية في مرمى الإرهاب.. وداعش أداة

قبل عشرة أيام تمكن الجيش العراقي الذي أعاد بناءه العبادي بفترة وجيزة واعاد تسليحه بواسطة المساعدات الأميركية والغربية بشكل اساسي، وتمكن هذا الجيش من استرجاع مدينة الفلوجة، وكانت اللعبة المخابراتية تقضي هذه المرة أن تذهب قوات داعش المنسحبة إلى سوريا، ولكن لما أفشلها الطيران العراقي ليتبعه الاميركي، الذي أغار أولاً على قوافلهم المنسحبة ودمرها ولم يصل إلاّ حوالي 400 مقاتل داعشي إلى الحدود السورية من أصل 1000، فإنّ الانتقام كان هو الرد، ودفعت الكرادة ثمن تعطيل صفقة انسحاب الإرهابيين من الفلوجة نحو معبر البوكمال السوري حوالي 300 ضخية مدنية، في أكبر تفجير ارهابي تشهده بغداد في تاريخها.

الآن هذا هو المشهد، داعش على الحدود التركية مقابل الأكراد بتسهيل من أنقرة، وعلى الحدود السورية العراقية وفي شمال حلب بتسهيل من ايران والنظام السوري مقابل الجيش الحر المدعوم من الدول العربية والغربية، وداعش موجود بشكل اصطناعي مقابل بلدتي القاع وراس بعلبك المسيحيتين، ويواجه جهة النصرة في عرسال بتسهيل من حزب الله وايران أيضاً للضغط على السنة واخافة المسيحيين اللبنانيين كي يدعموا حزب الله في حربه مع النظام السوري.

إقرأ أيضاً: للمرة الأولى.. الهيكلية التنظيمية لـ «داعش» إلى العلن بالتفصيل

هذه قصة تنظيم داعش، ولهذا هو يتمدّد، وكل الأطراف الداعمة تفضل أن يسيطر هذا الوحش فتفسح الطريق لامداداته وتشقّ له الطرقات نحو الجبهات عندما تشعر بخطر الخسارة، خوفاً ان يسيطر عدوها الاقليمي الذي دخلت في حرب وجودية معه من بحر الخليج الى بلدان بحر الابيض المتوسط وبحر العرب .

السابق
بمليارات الدولارات.. بهذه الطريقة تموّل واشنطن «حزب الله»
التالي
ماذا جرى في القلمون الغربي كما روت شبكة شام