دماء المسلمين ليست استثناء

من دكا المكتظة إلى القاع الوادعة مروراً باسطنبول والمدينة وجدة والقطيف والكرادة، فتكت وحوش بشرية بمصلين وصائمين ومفطرين في ذروة رمضان، وانتهكت حرمة المدينة المنورة، زارعة الرعب والحزن في شهر هو الأقدس للمسلمين، ويشكل مساحة للتأمل والصلاة.

إقرأ أيضاً: إرهاب داعش يخدم إيران… والتطرف الشيعي يقوّيه

وقت ينحسر نفوذ التنظيم في العراق وسوريا، ضرب “داعش” بعيداً وبقوة في موجة جديدة من الجنون أطلق شراراتها نداء التعبئة الصادر عن الناطق باسم التنظيم مناشداً المناصرين حول العالم “الاستعداد لشهر الغضب أينما كان”. واستجابة للنفير، تحركت الذئاب المنفردة والوحوش الجماعية في دول عدة في المنطقة، وصولاً إلى التجرؤ على المسجد النبوي في المدينة.
لقد كشفت الهجمات الأخيرة نمطاً جديداً خطيراً لنشاط الداعشيين خارج حدود “الخلافة”. فقد بدا واضحاً أن العمليات لم تعد مجرد تحركات من ذئاب منفردة تضرب وحيدة ثم يسارع التنظيم الى تبنيها. صار العمل يتم على مستوى عصابات منظمة قادرة على التحرك وفقاً لخطط مدروسة، مما يعكس حجم انتشار ايديولوجيا التطرف ومداه الجغرافي. ولا شك في أن هذه الإيديولوجيا ستنمو وتزدهر أكثر، بعيداً من العمليات التي تنفذها التحالفات الدولية والثلاثية ضد “داعش” في مناطق جغرافية محددة في سوريا والعراق.

إقرأ أيضاً: السعودية في مرمى الإرهاب.. وداعش أداة
في الانتشار الجغرافي لم يعد سراً أصلاً الامتداد الواسع للتنظيم. ففي الذكرى الثانية لـ”الخلافة”، وزع “داعش” جدولاً يظهر مساحة انتشاره، بدءاً من سيطرة متواضعة في الفيليبين وصولاً إلى وجود “سري” في فرنسا و١٥ دولة أخرى. ويخشى تسلل خلايا لـ”داعش” إلى دول لم ترد في القائمة. ففي الهند، تقول مصادر حكومية إنّ اجهزة مراقبتها رصدت عشرات من المسلمين الهنود تلقوا تدريبات على يد “داعش”. وتتحدث تقارير استخبارية عن تشكيل “داعش” وحدة متخصصة لتسهيل الهجمات على أراض أجنبية، علماً أن سجناء كانوا يقاتلون سابقاً مع “داعش” أٌقروا بأن تلك الوحدة تنشط في أوروبا منذ أكثر من سنة.
مع كل التهديدات التي يمثلها هذا الانتشار، كشفت أهداف التنظيم في شهر رمضان العداء الذي يضمره “داعش” للبشرية جمعاء. فأمام مشهد النزف وبرك الدماء ودموع الثكالى، انتفض مسلمون ومسيحيون على وسائل التواصل الاجتماعي ضد ربط الاسلام بتنظيم يهاجم مصلين خارجين من مسجد في شهر رمضان ويفجر مدنيين يتسوقون لمائدة الإفطار.
لم يعد الإسلام قادراً على تحمل وزر جرائم يرتكبها “داعش” باسمه. صار واضحاً أن هذا التنظيم يزدهر ويقوى باراقة الدماء، كل أنواع الدماء، وليست دماء المسلمين عنده استثناء.

(النهار)

السابق
لا لقاء بين نصر الله وجنبلاط
التالي
من الباروك الشوفية والشويفات الى جل الديب… مكتب مكافحة المخدرات يضرب من جديد