مضايا… تُخنَق بصمت

مضايا
أم تجرُّ أولادها على (الدابة)، وشابان ينقلان الأغراض عن طريق (العربة)، لاشك أن مثل هذه المشاهد لا تقنع أحد أنها في القرن الواحد والعشرين وفي بلدة كانت تعتبر إلى جانب الزبداني من أهم المصايف الرئيسية في سوريا.

قد لا يصدق البعض للوهلة الأولى أنها الحياة الطبيعية في بلدة مضايا، أو قد يظنها شاهد تمثيلية لمسلسل كـ(باب الحارة) يصور لنا كيف كانت بداية الحياة في أوائل القرن العشرين، لكنه الواقع هكذا باتت الحياة في مضايا المحاصرة منذ تموز 2015، إذ أن بلدة لا تتجاوز مساحتها التسعة كيلو متر مربع ولا يتعدى عدد سُكانها مع نازحي المناطق المجاورة 28 ألف نسمة.

اقرأ أيضاً: النظام وحزب الله.. مصادرة الأراضي وتغيير الهوية السكانية في مضايا والزبداني

بدأت القوات المحاصِرة منذ فترة بطرد الأهالي القاطنين في مناطق على أطراف البلدة وإحتلال بيوتهم أو نهبها وحرقها. مضايا التي كانت تشتهر بزراعة الكروم والتفاح، أضحت الآن بدون منازع المركز الأول عالمياً بزراعة الألغام، فهي محاطة بآلاف الألغام التي سجلت بعض حالات بتر الأطراف و عدد من الوفيات خلال محاولتهم الخروج من البلدة.

ناهيك عن القناصات التي تحاصر البلدة وتمنع السُكان والنازحين من الخروج والتي أيضاً كان لها نصيب من الأجساد المهترئةمضايا للجائعين.

لم يعُد خافياً على أحد ما عُرفَ بـحصار الجوع المطبق والخانق على من هم بداخل بمضايا والذي كان له حصة أوفر من الألغام والقناصات بحصد أجساد الجائعين والمرضى نحو الموت نتيجة سوء التغذية وعدم توفر الدواء، وسجلت تلك الحالات لوحدها عشرات الوفيات خلال سبعة أشهر من الحصار، مما دعا الأمم المتحدة إلى التدخل عاجلاً وهو مازاد الوضع سوء نتيجة زيادة حالات التسمم والمرض بسبب المساعدات الفاسدة التي أدخلتها بالتعاون مع الهلال الأحمر السوري واللجنة الدولية للصليب الأحمر.

هذا وجاءت أصوات من داخل مضايا تتحدث عن عدم توفر (المواد الأساسية في بناء الجسم) في الغذاء المتوفر لديهم وهو ما قد يسبب انتشار مرض (القزم) بين الأطفال، نتيجة نقص الكالسيوم والبروتين وهما من أهم المواد المساعدة على بناء أنسجة الجسم والعظام، إذ يحتاج الطفل البالغ من العمر 7 أشهر والعشر سنوات إلى 700 ميلغرام يومياً من الكالسيوم لبناء جسم سليم وعظام قوية.

اقرأ أيضاً: على أبواب مضايا ودير الزور: قاتلٌ أصفر وقاتلٌ أسود!

قبل أيام ناشد ناشطون ومؤسسات مدنية وإعلامية المنظمات الإنسانية لإخراج الناشط الإعلامي أحمد عبد الوهاب إلى خارج مضايا لمعالجته نتيجة عدم توفر الأدوية والكادر الطبي القادر على علاجه داخل البلدة، حيثُ تعرض إلى إطلاق نار من قبل مجهولين واستقرت رصاصة أسفل ظهره وهو ما قد يزيد الوضع خطورة إذا لم يتم علاجه سريعاً، يُذكر أن أحمد يعمل في مجال توثيق عواقب و تداعيات الحصار والانتهاكات التي تقوم بها القوات المحاصر للبلدة.

السابق
اشتباكات بين «داعش» و«النصرة» في جرود عرسال
التالي
سالم زهران: جعجع أسوأ بايبي!