ما قصة التقارب «النفطي» المفاجئ بين بري وعون؟

بعدما فرض نفسه بقوة على المشهد السياسي الداخلي وأثار أكثر من علامة تعجب واستفهام حول دوافع إبرامه ومضامينه وأبعاده لا سيما الرئاسية منها، تحرّت “المستقبل” موضوع الاتفاق النفطي الذي حصل الأسبوع الفائت في عين التينة واستعرضت مع طرفيه قصة التقارب الحاصل بينهما وأبرز المحطات والنقاط التي أوصلت إلى تحقيقه.

والقصة بدأت، كما ترويها أوساط بري لـ”المستقبل”، من زيارة قام بها وزير الطاقة أرتور نظريان مع أعضاء هيئة إدارة قطاع النفط والبترول منذ نحو أسبوعين إلى عين التينة حيث أطلع رئيس مجلس النواب على فحوى تقارير أميركية خاصة بتحديد مناطق النفط في لبنان على مقربة من المواقع النفطية الإسرائيلية، مع إشارة خاصة إلى أهمية ما جاء في هذه التقارير سواءً لناحية توثيقها بالخرائط حق لبنان باستثمار بلوكاته النفطية أو لجهة إثباتها هذا الحق بموجب تقارير صادرة تحديداً عن الولايات المتحدة الأميركية. حينها لم يُخف بري بالغ سروره بهذه المعطيات ودعا إلى متابعة الموضوع حتى خواتيمه المرجوة آخذاً بعين الاعتبار أنّ “التيار الوطني الحر” لا بد وأنه بات في أجواء التقارير الأميركية المستجدة. لاحقاً، بدأت الأنباء تتوالى على مسامع بري عن تسجيل وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل انفتاحاً ملحوظاً خلال جلسات مجلس الوزراء الأمر الذي لفت انتباه بري واكتفى بالتعويل عليه قائلاً: “ان شاء الله يكون نزل عليه عقل الرحمن”، ثم ما لبث أن جاءه الوزير علي حسن خليل ليبلغه بطلب باسيل زيارته في عين التينة فأجابه بري فوراً ومن دون أي تردد: أهلاً وسهلاً بكرا» طالباً إعادة جدولة مواعيده في اليوم التالي لاستقبال باسيل.  وبينما لم يكن يعلم رئيس المجلس مسبقاً بما سيحمله إليه باسيل، بادره الأخير خلال الاجتماع بإعلامه بأنّ “التيار” موافق على البدء بتلزيم بلوكات النفط والغاز مناصفة وبشكل متزامن في كل من الجنوب والشمال، وسرعان ما نوّه بري بهذه الخطوة باعتبارها تتماهى مع ما كان يطرحه حول كيفية مقاربة هذا الملف، مؤكداً أنه قرار بالغ الأهمية على الطريق نحو تحقيق المصلحة الوطنية العليا.

وعن المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده خليل وباسيل إثر انتهاء الاجتماع وما تخلله من مطالبة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام بالإسراع في إدراج الموضوع على جدول أعمال المجلس، تشير أوساط بري لـ”المستقبل” إلى أنه قبل الاجتماع كان قد فاتح سلام بالأمر على طاولة الحوار الوطني فأجابه: “إذا حصل توافق سياسي ما عندي مانعط. وعليه تضيف أوساط بري: “عملياً بعد الاتفاق مع الرابية على الموضوع لم تعد هناك من مشكلة باعتبار أنّ أياً من الأطراف السياسية الأخرى لم تكن تبدي أي اعتراض، وعلى هذا الأساس طلب رئيس المجلس النيابي من الوزيرين خليل وباسيل إعلان التوافق في مؤتمر صحافي مشترك من عين التينة لتأكيد حصوله والحث على إدراج ملف النفط على جدول مجلس الوزراء من منطلق قناعته بأن الإسراع في إنجاز هذا الملف يجسد فرصة ثمينة للبلد إن كان على مستوى تخفيف أعباء الدين العام أو على مستوى إنقاذ الوضع الاقتصادي”، مع الإشارة كذلك إلى أنّ بري كان قد أجرى اتصالاً برئيس الحكومة تمنى عليه شروع اللجنة الوزارية المختصة بدراسة التطبيقات العملية للموضوع، بينما طلب من رئيس لجنة الأشغال والطاقة والمياه النائب محمد قباني طرح موضوع التنقيب البري عن النفط على طاولة اللجنة وتحضير اقتراح قانون في هذا المجال، في حين بدأ الرئيس بري إجراء اتصالاته استعداداً لدعوة مجلس النواب إلى الاجتماع لإقرار القوانين ذات الصلة بالملف مع استبعاده أن يلقى ذلك اعتراضاً من قبل أي من مكونات المجلس.

أما على ضفة الرابية، فتعلّق أوساط باسيل على وقائع ودوافع التقارب النفطي مع عين التينة بالقول لـ”المستقبل”: “في ظل تعذر عرض كامل البلوكات النفطية للتلزيم اتفقنا على البدء بتلزيم قسم منها بشكل متقن التوزيع مناطقياً بين الجنوب والشمال والوسط أقله لتنطلق الآلية العملية لاستخراج النفط كمرحلة أولى ثم نتفق تباعاً على المراحل الأخرى”، وأردفت: “أهمية ما حصل تكمن في إنجاح مناقصة تلزيم هذه البلوكات بغرض حماية حقوق لبنان من إسرائيل أولاً، كما أنّ الوزير باسيل حريص كل الحرص على تحصين الحقوق الوطنية أمام الدول المحيطة التي تتداخل جغرافياً ونفطياً مع لبنان لا سيما سوريا وقبرص”.  وتؤكد أنه كان حريصاً مع رئيس مجلس النواب على ألا يختزل الاتفاق بينهما أي طرف وعلى أن تكون الحكومة بجميع مكوناتها هي صاحبة القرار في نهاية المطاف، لافتةً الانتباه في هذا الإطار إلى أنّ وزير الخارجية كان قد أجرى مشاورات جانبية سابقة مع كل الأطراف في الحكومة قبل لقاء عين التينة.

السابق
الملك سلمان والحريري.. أكثر من رسالة
التالي
القصة الكاملة لرغبة جنبلاط بلقاء نصر الله