«كوز تموز» الرئاسي!

قد لا تسمح بعد الظروف التي تظلل البلاد منذ الهجمة الارهابية على القاع بمفاتحة مترفة في ملف الأزمة الرئاسية خصوصا متى استحال الحديث عنها في أي اتجاه بعلك الكلام العبثي في ما لا لزوم له. ولكن يبدو اننا امام جولة صاعدة جديدة تختصر خليطا من حسابات ورهانات يقف أصحابها على مواقع متخاصمة تتجمع عند نقطة محورية لدفع الرئيس سعد الحريري الى التسليم بانتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية. والحال ان هذه المحاولات لا تبدو غريبة وقد ينطوي بعضها على جوانب ايجابية من حيث التحرك داخل المأزق سعيا الى احداث ثغرة في جدار أزمة عالقة بلا أي افق.

ولسنا نرى سببا للتحفظ عن أي تحرك داخلي، ايا كان من يتولاه من اي اتجاه سياسي من اجل لبننة الحل الرئاسي متى تبين ان دوافعه الحقيقية هي وضع حد لهذه الازمة المتدحرجة في مستويات الخطورة. لكن ذلك لا يعني في المقابل تجاهل المحاذير الجوهرية التي تطفو على سطح حسابات لدى بعض خصوم الرئيس الحريري خصوصا الذين تتمايز حساباتهم جذريا بطبيعة الحال عن حسابات الداعم المسيحي الاساسي للعماد عون اي رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. فاذا كان جعجع يندفع نحو اقناع الحريري بجدوى انتخاب عون من منطلق محاصرة قرار تعطيل ايران و”حزب الله” انتخاب الرئيس في المطلق، تبدو رهانات خصوم الحريري من نوع مختلف وفي اتجاه مغاير يتمركز حول توظيف نقاط ضعف في اوضاع الحريري وتضخيمها لتصيد الفرصة وفق ما يتراءى لهم حالياً. ولعلها مفارقة نادرة فعلا ان نرى زعيما لبنانيا توجه اليه علناً “عينك عينك” من خصومه إغراءات الانخراط في فتح الباب لصفقة غير مضمونة النتائج بطبيعة الحال فيما يمعن المراهنون في اعتبار أي استجابة محتملة للحريري بمثابة استسلام سياسي نهائي لفريقهم.

اقرا ايضًا: محاصصة النفط نجحت …فغاب نظاريان وحضر باسيل!

ولا ترانا في حاجة الى التبصير لإدراك معنى هذا الاتجاه الذي من شأنه في اقل التقديرات ان يستتبع استمرار كل شيء على حاله الى امد مفتوح اضافي. بل ان الامر يفتح باب الشكوك على مدى اوسع متى تبين ان الاندفاع نحو استفزاز الحريري وزيادة تصلبه وتمسكه بترشيح النائب سليمان فرنجية حتى إشعار آخر، يستهدف تحرك جعجع ايضا الذي قد لا يلقى الحظوظ التي يتوخاها ولو اختلفت أهدافه جذريا عن مآرب خصوم الحريري. يقال على ذمة هواة ضرب المواعيد والمواقيت ان “الكوز سيغلي في تموز” وان آب لناظره قريب جدا. ولعلنا على الارجح أمام صراع من داخل بين جناحين لا يجمعهما الا العماد عون ترشيحا فحسب فيما كل شيء آخر بما فيه حسابات انتخابه المحتمل وما بعده يزج بمزيد من التعقيدات أمامه وامام سواه ايضا. فأين الجديد إذاً؟

(النهار)

السابق
المناطق المُحرَّرة من «داعش» لن تُسلَّم للأسد!
التالي
جعجع: لست مقتنعاً باستهداف القاع ولا بإعلانها منطـــقة عسكرية