أيها العربي البليد.. العيد لمن؟

ثمة عربي جديد اقترحه عزمي بشارة كأسم على صحيفته وتلفزيونه، وكانت الكويت قد اطلقت قبله بعقود مجلة (العربي).. وهلمّ جرا من محاولات لتحديد ماهية هذا العربي الذي كان ولا يزال خانعا مستسلما ضائعا.. فكيف يحلّ العيد على هذا العربي البليد؟

يحلّ عيد الفطر هذا العام على المسلمين بأسوأ حال.. حيث الجراحات كثيرة، والحزن كبير، حيث الإنقسامات تهبّ علينا من كل جانب. فهل من فرحة بحلول هذا العيد فتدخل بيوت المسلمين في لبنان، وسوريا، والعراق، واليمن، والبحرين، وفلسطين، ومصر، وتونس، و…

اقرأ أيضاً: هل يستطيع الجيش اللبناني حماية الحدود من إرهاب داعش؟

لم يعرف الحكّام في بلاد العرب كيفية إدارة شؤون مواطنيهم.. ومع هذا تمسكوا بكراسيهم وثبتوها جيدا.. فلا هم طوروا بلادهم، ولا حرروا أرضهم المحتلة، ولا منحوا شعوبهم الحرية، ولا قدّموا الرفاهية لهم.. بل تركوهم عُرضة لعشق مراكب وطائرات الهجرة التي غالبا ما رمتهم في البحر للحيتان، ولم توصلهم الى مقاصدهم المطلوبة في المقلب الثاني من الكرة الأرضية.

مات المسلم العربي والمسلم غير العربي من مواطني الأرض العربية الشاسعة والغنيّة في كل الحالات.. في البحث عن لقمة العيش، في القصف، في المعارك، جوعا جرّاء الفقر، في التناحر السياسي، جراء الفساد، وبسبب التفجيرات.. مات هذا العربي مجرّبا كل أنواع الموت والذل والفقر في بلاد وعلى أرض تُعد من أغنى المناطق بالثروات الطبيعية، وفي بلاد الحضارات، والوحيّ والديانات، وفي محيط متوسطيّ ديموقراطيّ.

مات العربي في السجون بسبب تعسف الحكّام، وهرب أخيه الى أوروبا لينجو بنفسه فلحقه الإرهاب الى هناك، عاد الى بلاده فقُتل بالتفجيرات، التحق إبنه بالمجموعات التكفيرية، سافر ابنه الثاني ليدرس في أوروبا وليكمل دراساته العليا ولم يعد، خسرته بلاده أيضا..

حمل ابنه الثالث السكين ليقتل عدوا شرسا إحتل إرضه فخانه النظام العربي وتركته يصارع الموت بأيدي المستعربين. انتفض ابنه الرابع على سجّانه في تدمر فقصفه الحاكم بالبراميل، فانتقم ابنه الخامس والتحق بداعش الذي اغتصب أمه وأخته وزوجته وفجرّ له مسجده. إحتار بنفسه ماذا يفعل هذا العربي المظلوم؟

رحل الى أميركا وتبنىّ أفكار إبراهام لينكولن ومادلين أولبرايت ونعوم تشومسكي وحسين أوباما، لكنه رفض الإعتراف باسرائيل فزجّته أفكاره الوطنية في دوامة الإقصاء، عاد واستسلم فاحتضنته “ماما” أميركا ونسي اسمه كيف يُكتب بالعربي، وبات يُنادى بـ(جون) بدلا من (حُسين).

سوريا

ماذا فعلتِ بنا أيتها الأنظمة العتيقة؟ ماذا تريدين منّا؟ أخذت النفط والآبار وشردت شعبك في الصحراء هائما يبحث عن نقطة ماء ليشرب.. انقسمت أيتها الأنظمة بين ممانع عروبي ومراهن متغرّب، بين استشراق واستغراب، بين فرسنة وعربنة، ولكنك اتفقت على ظلم المواطن الفقير الذي يلهث باتجاه رغيف الخبز دوما كي لا يبقى له وقت ليلهث في مسيرات تهزّ عروشك..

العربي يموت كل يوم، ويختلف مع نفسه وعائلته وأفكاره التي تغازل التطرف في كل وقت.. العربي المسلم كائن مسخ لا حياة تنبض فيه. تميّز باطلاق الثورات، ولكن لزّمها للآخرين وباعها بأبخس الأثمان علّه يربح قرشا يشتري به تذكرة سفر الى ألمانيا ليتّسلم خيمته في (الهايم) مع ان خيمته في الصحراء العربية، فهي مؤمنة ومتوفرة بكثرة له ولجميع نسائه وعشيقاته..

اليوم نزيد على هموم “العربي البليد” همّا جديدا خاصا بنا في لبنان وحدنا، همّ الإستنزاف اليومي للشباب، في معركة خاسرة – وان ربحناها – معركة إقليمية وقودها شبابنا في صراع أشبه ما يكون بصراع القذافيّ في صحراء التشاد.. وفي كل معاركه الوهميّة مع الإمبريالية.

اقرأ أيضاً: إسرائيل تصالح تركيا وتحالف روسيا: سوريا هي الجبنة

تحية الى الأمهات العربيات وخاصة اللبنانيات والسوريات والفلسطينيات، أمهات الشباب الذين رحلوا باكرا. الباكيات اليوم وغدا على القبور، الأمهات الشابات، الأمهات الصغيرات اللواتي تحملن ويتحمّلن فوق قدرتهن وطاقاتهن جراء محنة لسنَ الا وقودها هن وأبنائهن اليافعين.

السابق
سالم زهران: جعجع أسوأ بايبي!
التالي
ماذا بين المشنوق و «الشورت» النسائي القصير!