جردة شهر رمضان المبارك…وما زالت الحلول بعيدة

ها هو شهر رمضان الكريم بين هلالين بطلّته المباركة بالإيمان والتقوى، شهر المغفرة والرحمة والتقرب من الله عزّ وجلّ، نستذكر قبل مغادرته لنا بأيام من أحداث وتطورات حصلت على الساحة العالمية والإقليمية والمحلية.

شهر رمضان الذي حلّ على لبنان تحت ظلام الفراغ الدستوري لعدم وجود رئيساً للجمهورية، سيغادرنا بعد أيام معدودة بعدما أحدث خضة سياسية على أثر استقالة وزراء “حزب الكتائب” من الحكومة، باستثناء الوزير سجعان قزي الذي تمرد على قرار قيادته في الحزب بعدم الاستجابة للاستقالة، وقبل أن يغادرنا شهر رمضان بأيام، لا زال التصعيد السياسي سيد الموقف خصوصاً على طاولة الافطارات الرمضانية لدولة الرئيس سعد الحريري ضد وزير العدل المستقيل اشرف ريفي، بعدما توج الرئيس الحريري على طاولة الافطارات الرمضانية في مدينة طرابلس الحلف بينه وبين الرئيس ميقاتي في خندق واحد ضد اللواء اشرف ريفي؛ ونبقى محلياً في شهر رمضان وقبل أن يغادرنا، اشتدت وتيرة الخطابات الرنانة للسيد حسن نصرالله خلال شهر رمضان المبارك، أهمها في ذكرى أربعين القيادي مصطفى بدر الدين، حين جدد وطنيته المطلقة بالانتماء والولاء الأعمى للجمهورية الإيرانية الفارسية معلناً، “أن تمويل الحزب من عتاد وصواريخ ورواتب تأتي من إيران”، معترفاً بفضل الجمهورية الإيرانية عليه وعلى حزبه؛ وعلى أبواب رحيل شهر رمضان غطت غيمة سوداء منطقة القاع البقاعية على الحدود اللبنانية السورية، بعدما هزّ المنطقة صباحاً ومساءً سلسلة من التفجيرات الانتحارية قاموا بها مستدعشين، ما أدى إلى وقوع عدد من الشهداء والجرحى.
شهر رمضان المبارك وقبل اكتمال هلاله بأيام، أحتل “حزب الله” صدارة الأحداث في سوريا، بعد النكسة المؤلمة التي منية بها أخيراً أثر مقتل 25 مقاتلاً له في يوم واحد على أطراف مدينة حلب، ما شكل صدمة قوية خصوصاً على ساحة الطائفة الشيعية وتحديداً لدى البيئة الحاضنة له، التي لبست الوشاح الأسود من جراء ذلك بعدما ظهرت على تلك البيئة مشاهد التململ والاشمئزاز، خصوصاً بعدما كثر الكلام بالآونة الأخيرة عن عدم جدوى وأهمية القتال بالداخل السوري “شو إلنا بسوريا”.

حزب الله وسوريا

نبقى في سورية أيضاً، وبينما شهر رمضان يتهيأ للرحيل، حفل بالخذل الروسي لحلفائه في مثلث جبهة الممانعة الإيرانية والسورية و”حزب الله”، بعدما تقرب الرئيس الروسي أبو علي بوتين من إسرائيل وبدأ بالغزل السياسي مع رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، أثمرت عن إهداء الأول للأخير دبابة إسرائيلية كان قد غنمها الجيش السوري والمقاومة اللبنانية والفلسطينية، على أثر الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 82 بالقرن الماضي، ليستمر شهر رمضان بكرمه من الخذل والصفعات لمثلث الممانعة، بعدما اتفقت روسيا حليفة الحلف الثلاثي لقوات الممانعة، مع إسرائيل على إجراء مناورات عسكرية ستجرى لاحقاً فوق البحر المتوسط امتداداً إلى شواطئ اللبنانية، خصوصاً بعدما أبرمت روسيا صفقات تحت الطاولة مع الولايات المتحدة الأميركية، غير آبهة لمشاعر وأحاسيس لدماء وأرواح الحرس الثوري وجنود نظام الأسد ومجاهدي “حزب الله”، بعدما سالت دمائهم هباءً بشهر رمضان من جراء تخلي الروس عنهم بريف حلب.

ودائماً في سوريا أيضاً، وقبل أن يغادرنا شهر رمضان بأيام عدة، وعلى اثر الاشتباكات المسلحة بين قوات النظام السوري من جهة و”حزب الله” من جهة ثانية، نعت الصحافي البعثي والقريب من النظام شريف شحادة “حزب الله”، بالقوات الرديفة بعد إفهامهم بان السيادة السورية وقرارها يعود فقط “للبوط السوري”.

إقرأ أيضاً: اليمن ثورة… سوريا مؤامرة

أيام معدودة لشهر رمضان ويحزم حقائبه ويرحل، بعدما تميّز هذا الشهر بالعد العكسي للقضاء نهائياً على تنظيم دولة الإجرام “داعش”، وهزيمته بالضربة القاضية في الفلوجة وغيرها على يد القوات العراقية، بعد التضييق عليهم أيضا بالرقة السورية.

“رمضان” بين هلالين، لم يبقى له إلا أيام معدودة ويغادرنا، بعدما فاجأت بريطانيا العظمى العالم بخروجها من الاتحاد الأوروبي، ما شكل هزة وصفعة سياسية واقتصادية لكيان الاتحاد، وجدلاً واسعاً على صعيد أوروبا؛ وعلى أبواب رحيل شهر المغفرة والرحمة رمضان، توج بتوقيع لوثيقة التفاهم والتطبيع بين العاصمتين أنقرة وتل أبيب، وذلك بعهد الرئيس السلفي الهوا والاخواني الانتماء رجب طيب أردوغان المناضل الأول لفك الحصار عن غزة؛ ولكن وبعدما كانت مدينة إسطنبول التركية بآواخر شهر المغفرة والرحمة من شهر رمضان المبارك تنتعش سياحياً، نفذ تنظيم التخلف والكفر والاجرام “داعش” عملية انتحارية ثلاثية داخل حرم مطار أتاتورك الدولي بمدينة إسطنبول، ما أدى إلى وقوع عدد من القتلى والجرحى اكثريتهم من السواح.

إقرأ أيضاً: السيد محمد حسن الأمين: الاختلاف حول هلال رمضان ابتعاد عن الهموم الح‏قيقية

بعد أيام معدودة يكتمل القمر ونودع شهر رمضان بفرحة الصائمين لوداعه واستقبال عيد الفطر السعيد، على أمل بالعام المقبل أن يكون شهر رمضان، حاملاً معه حلولاً سياسية وأمنية واقتصادية للبنان، ويعم السلام والآمان والطمأنينة لأهل العراق واليمن والشام، وزوال جرثومة العالم إسرائيل عن أرض الكرامة المغتصبة فلسطين، وكل رمضان وأنتم بألف خير.

السابق
شارل جبور: لماذا استنكر حزب الله أحداث القاع وتجاهل بلوم بنك؟!
التالي
السيد نصرالله من محلل سياسي الى مرشد ديني مؤخراً!!‏