تعثر سياسة البترول والغاز في لبنان: العقبات والآفاق المفتوحة

عد موجة التفاؤل التي أثارتها النتائج المشجعة لعمليات المسح الزلزالي في المياه اللبنانية، وفي أعقاب الاكتشافات التي تمّت في كل من إسرائيل وغزة وقبرص، أخذت التدابير اللازمة لانطلاق صناعة البترول والغاز في لبنان تتعثر منذ ما يقارب الثلاث سنوات، الى أن وصلت الى المأزق الحالي. ويعود هذا التعثر لأسباب عدة، خارجية وداخلية. الأسباب الخارجية ترتبط بشكل خاص بالهبوط الحاد في أسعار البترول والغاز العالمية منذ منتصف 2014، من جهة، وبالنزاع مع اسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية، من جهة ثانية. اما العوامل الداخلية فتتركز على تضارب المصالح ووجهات النظر بين بعض الجهات السياسية، وعلى امتناع مجلس الوزراء حتى الآن عن إقرار مشروعَي مرسومَين تطبيقيَّين لقانون البترول 132/2010 لا بدّ منهما للدخول في مرحلتي التنقيب والإنتاج.

واذا كان صحيحاً ان الأسباب الخارجية للمأزق الحالي، خاصة في ما يتعلق بهبوط اسعار البترول والغاز، وجزئياً بالنزاع الحدودي مع اسرائيل، ليست تحت سيطرة لبنان، فالواقع ان الأمر ليس كذلك بالنسبة للخلافات الداخلية وضرورة سد بعض الثغرات الجوهرية في نصوص او مشاريع نصوص التشريع البترولي. لا بل يمكن القول إنه لا بد من الإفادة بأسرع ما يمكن من التعثر والتأخير اللذين حصلا لتصحيح الأخطاء التي وقعت ولإعادة توجيه سياسة البترول والغاز وفق ما تقتضيه المصلحة الوطنية وآمال اللبنانيين.

احتياطي محتمَل بمئات المليارات

على ضوء المعطيات الحالية، يبدو أن احتياطياً لا يُستهان به من البترول والمكثفات والغاز الطبيعي يمكن اكتشافه تحت مياه المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة للبنان، التي تبلغ مساحتها 22730 كم2، والتي غطت معظمها مسوحات زلزالية ثنائية وثلاثية الأبعاد قامت بها بين 2010 و2012 شركتا PGS و Spectrum. يُضاف الى ذلك مسح آخر نفّذته العام 2015 شركة NOOS لجزء من الشاطئ العام 2015.

وتشير نتائج المسوحات في المناطق البحرية الى احتمال كبير لوجود مكامن تحتوي على قرابة 800 مليون برميل من البترول وكميات تتراوح بين 25 و30 تريليون قدم مكعب من الغاز. تقديرات أخرى أكثر تفاؤلاً تذهب الى ضعفَيْ هذه الأرقام، في حين ان ما تم اكتشافه فعلاً في مكامن قريبة في الحوض نفسه من شرقي المتوسط يبلغ 1 تريليون قدم مكعب مقابل غزة، و3-4 تريليون تحت المياه القبرصية و32 تريليون تجاه الشواطئ الإسرائيلية. إضافة الى ذلك، جاء مؤخراً اكتشاف حقل ظهر الكبير في حوض النيل تجاه دلتا النيل، والذي يقدر احتياطيه بحوالي 30 تريليون قدم مكعب، ليزيد في المؤشرات حول احتمال وجود مكامن تحت المياه اللبنانية، بانتظار التأكد من ذلك عبر الحفر.

أما من حيث القيمة، واذا افترضنا ان مجموع احتياطي الغاز المتأمل وجوده تحت المياه اللبنانبة لن يتجاوز مجموع مخزون أكبر حقلين في اسرائيل («تامار» و»ليفياتان»)، وانطلاقاً من دراسات الجدوى الاقتصادية التي وضعت حول استثمار هذين الحقلين، فهذا يعني ان بإمكان لبنان ان يتأمل انتاج غاز تبلغ قيمته الاجمالية 400-500 مليار دولار على اساس الأسعار العالمية التي كانت سائدة ما قبل انهيار السوق في منتصف 2014. اما حصة لبنان الصافية من هذه القيمة الإجمالية، أي بعد احتساب النفقات ونصيب الشركات العاملة، فيمكن تقديرها بحوالي 150-200 مليار دولار. للدلالة على اهمية هذه الأرقام بالنسبة للبنان، تكفي الاشارة الى انها تضاهي اربعة اضعاف انتاجه القومي، وضعفَيْ دينه العام، وثمانية اضعاف استيراداته السنوية، وما لا يقل عن 50 مرة قيمة صادراته الحالية (3-4 مليارات دولار).

علاوة على التدفقات المالية، يترتب على نمو صناعة نفطية في لبنان عدد كبير من الفوائد المالية والاقتصادية الأخرى، المباشرة وغير المباشرة، اهمها: الاستعاضة عن استيراد المنتجات البترولية (أكثر من 6 مليار دولار سنوياً)، تطوير البنى التحتية وصناعات التكرير والبتروكيمياء والعديد من الصناعات والخدمات الأخرى المرتبطة بشكل أو بآخر بالصناعة النفطية الخ.. يُضاف الى ذلك إشاعة مناخ ملائم للثقة بالاقتصاد الوطني وتشجيع شتى انواع الاستثمارات والمشاريع الإنمائية. بهذا المعنى يمكن القول إن تطوير صناعة بحجم صناعة البترول والغاز في لبنان يشكل بكل المعايير قفزة كبيرة الى الأمام وفرصة تاريخية لتنويع مرافق الاقتصاد الوطني ودفع عجلة النمو والاقتراب تدريجياً الى مستوى معيشة يضاهي المستويات الاوروبية.

ثغرات نظام الاستثمار

بانتظار ذلك، من البديهي أن الحاجة الملحّة في المرحلة الراهنة تتمثل بوضع أساس سليم لصناعة الهيدروكربونات، خاصة في ما يتعلق بكيفية وشروط الاستثمار. ومن حسن الحظ أن لبنان ليس أول بلد في العالم يواجه السؤال الجوهري حول أفضل نظام ممكن لاستثمار ثروته الموعودة، إذ ثمة عشرات الدول النامية الأخرى التي طرحت على نفسها السؤال ذاته، سواء غداة حصولها على الاستقلال السياسي أو بعد تأميم صناعتها النفطية منذ أكثر من أربعة عقود، كما هي الحال في البلدان العربية. أما الجواب على هذا السؤال فقد جاء بشكل عام تحت اسم «نظام تقاسم الإنتاج»، أي Production Sharing Agreement، الذي يوفق على أفضل وجه بين رغبة الدول المعنية في المشاركة المباشرة في استثمار ثروتها، وحاجتها للقدرات التقنية والمالية التي تتمتع بها الشركات البترولية العالمية، في إطار شراكة تؤمن مصالح الطرفين. ويقوم نظام الـPSA هذا، بكلمات موجزة، على منح الشركة الأجنبية حقوق التنقيب وتحمّل مخاطره على نفقتها الخاصة. وفي حال عدم تحقيق أي اكتشاف، ينتهي العقد من دون دفع أي تعويض. أما في حال اكتشاف قابل للاستثمار فيدخل البلد المضيف كشريك، بنسبة لا تقلّ عادة عن 40 في المئة ويدفع حصته من نفقات التنقيب، وذلك تدريجياً عن طريق ما يُسمّى Carried Interest، ثم يُصار لتقاسم نفقات تطوير الحقل وتقاسم الإنتاج وتسويقه بالنسب نفسها. علاوة على ذلك، يترتّب على الشريك الأجنبي دفع أتاوة لا تقل عن 12,5 في المئة من قيمة الإنتاج وضريبة على الأرباح، وغالباً علاوات ورسوم مختلفة تؤدي في النهاية الى حصول البلد المضيف على نسبة تتراوح بين 70-90 في المئة من مجموع الأرباح. أخيراً لا آخراً، يؤمن هذا النظام للبلد المضيف إمكانية المشاركة الفعلية في الأنشطة البترولية، عن طريق شركة نفط وطنية، وتدريب الكوادر المحلية واكتساب الخبرة اللازمة. نتيجة لهذا التكامل بين مصالح البلد المضيف والشريك الأجنبي، انتشر نظام تقاسم الإنتاج هذا في العشرات من دول العالم، بما فيها الدول الأعضاء في منظمة «أوبيك»، وروسيا وشتى دول أفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية، الخ..

1 – تعطيل دور الدولة: لذلك يمكن القول إن لبنان لم يكن بحاجة لإعادة اختراع البارود في اختيار نظام الاستثمار الأكثر ملاءمة له، وإن مَن صاغ قانون البترول 132/2010 قد سلك الطريق المنطقي الوحيد بتبنيه نظام تقاسم الإنتاج المعروف والمطبق في أنحاء المعمورة كافة. إلا أن المفاجأة الكبرى جاءت عندما أقدم واضعو مشروع المرسوم الخاص بمسودة اتفاقيات التنقيب والإنتاج على تجاهل نظام تقاسم الإنتاج الذي نص عليه القانون، ليستعيضوا عنه بمفهوم آخر فريد من نوعه، أطلق عليه اسم «تقاسم الأرباح»، وهو مفهوم مبتكر لا وجود له لا في البلدان الأخرى، ولا حتى في أدبيات صناعة النفط. اما الفارق الجوهري بين هذا المفهوم ونظام تقاسم الإنتاج المتداول، فيعود إلى امرين لا يقلان اهمية الواحد عن الآخر. اولهما ان مفهوم تقاسم الأرباح المبتكر يلغي دور الدولة المحوري والتلقائي في استثمار ثرواتها، في حين أن الفارق الثاني هو أنه يُعطي حق ملكية كل ما يتم اكتشافه من البترول والغاز للشركة العاملة لا للدولة. وهذا الوضع هو تماماً الوضع الذي كان قائماً في ظل الامتيازات القديمة، ما يعني بتعبير آخر عودة لبنان عشرات السنين إلى الوراء، أي عودة مقنعة تحت تسمية جديدة الى نظام استثمار نبذته كل الدول الأخرى، ولم يعد يقبل به أي بلد في العالم.

ومن اللافت أن هذا التعطيل لدور الدولة تكرّسه صراحة المادة 5 من المسودة المقترحة للاتفاقيات مع الشركات الأجنبية، التي تنص حرفياً على أنه «لن يكون للدولة أي مشاركة في دورة التراخيص الأولى»! وقد اكتملت الحلقة عندما أعلنت هيئة البترول في آذار 2013 عن تأهيل 46 شركة يمكنها الحصول على حقوق تنقيب وإنتاج، منها «شركتان» وهميتان لا وجود لهما إلا على الورق، الى جانب شركات عالمية معروفة وأخرى من عيار الوسط او دون الوسط. النتيجة أن هذا كله فتح الطريق لشركات صورية أو صغيرة، كي تحل محل الدولة، في مشاركة شركات عملاقة، للحصول على اتفاقيات تنقيب وإنتاج، اي حقوق ملكية لقسم من البترول او الغاز المكتشفين. وقد تم التمهيد لمثل هذه المشاركة غير المسبوقة عبر المادة 19 من قانون 2010 التي تلزم الشركة العالمية التي تقوم بدور المشغل (Operator) باتخاذ شريكين آخرين على الأقل للحصول على حقوق تنقيب وإنتاج، في اطار «شراكة تجارية غير مندمجة»!

2 ـ دخل مالي أقل مما كانت تؤمنه الامتيازات القديمة: سبب جوهري آخر من اسباب امتناع مجلس الوزراء عن إقرار مشروع المرسوم الخاص بنموذج الاتفاقيات يعود لرداءة بعض الشروط المالية والضريبية. وقد بادرت هيئة البترول الى تحسين جزئي لهذه الشروط بعد ملاحظات اللجنة الوزارية المختصة. إلا أن هذه التحسينات التي طالت بشكل خاص تحديد حد ادنى (30 في المئة) لحصة الدولة من الأرباح، وتحديد سقف 65 في المئة (Cost Stop) للاسترداد السنوي للتكاليف، ما زالت أدنى بكثير مما هو متعارف عليه في البلدان ذات الظروف المماثلة للبنان. ذلك أن مجموع الدخل الذي يمكن أن يتأمله لبنان، بعد التعديلات الأخيرة، يتراوح بالنسبة للغاز ما بين 45 و47 في المئة من مجموع الأرباح، بما في ذلك أتاوة هزيلة لا تتجاوز 4 في المئة مقابل نسبة 12,5 في المئة التي تشكل المعيار السائد عالمياً، مقابل حصة إجمالية تتراوح بين 70-90 في المئة تؤمنها للدولة المضيفة عقودُ تقاسم الإنتاج المنتشرة في العالم. لا بل أن حصة لبنان في ظل نظام تقاسم الإنتاج المقترح، أي 45-47 في المئة، تبقى دون ما كانت تحصل عليه الدول المنتجة قبل تأميمات السبعينيات من القرن الماضي، أي أتاوة 12,50 في المئة وضريبة 50 في المئة.

حاجة ملحة لشركة نفط وطنية

بعد تجاهل ما نص عليه القانون حول تبني نظام تقاسم الإنتاج الذي يستلزم بطبيعة الحال مشاركة الدولة في استثمار ثروتها النفطية والغازية عبر شركة وطنية، وبعد ما أكدته صراحة المادة 5 من مشروع المرسوم العالق الخاص باتفاقيات التنقيب والإنتاج حول عدم مشاركة الدولة «في جولة التراخيص الأولى»، لم يعُد من المستغرب عدم المبادرة لإنشاء شركة بترول وطنية والتلكؤ حتى في مجرد بحث جدوى تأسيس مثل هذه الشركة. أما الأعذار او المبررات التي تقدم لتفسير هذا التلكؤ فتدور عادة حول عدم وجود خبرات وطنية كافية، او ضرورة تجنب النزاعات الطائفية وهدر المال العام وتضخم أجهزة الدولة والحؤول دون «الازدواجية» (مع مَن؟) وسد الطريق امام الفساد، الخ… ويضيف بعض من يتحفّظ على إنشاء شركة وطنية ان مثل هذه الشركة قد يصبح من الممكن التفكير بها في حال حصول اكتشافات بكميات تجارية. هذه الحجج تستدعي التوضيحات التالية:

1 ـ معظم الأعذار المذكورة هي نسخة طبق الأصل عن الحجج التي كانت تقدمها قبل أكثر من نصف قرن شركات البترول العالمية لإقناع الدول النامية بضرورة عدم التأميم وعدم المجازفة في أخذ زمام التصرف بثرواتها، وترك الأمور في يد أربابها، أي الشركات التي كانت تتحكم بأرزاقها وأعناقها.

2ـ أما القول بأن إنشاء شركة وطنية قد يمكن النظر فيه بعد حصول اكتشافات، فيوحي بأن من يكرر هذا الكلام يتصور وكأن شركات من نوع «أرامكو»، و «أدنوك»، و «سوناتراك»، و «سونانغول»، و «إيني»، و «توتال» (قبل خصخصتها)، و «بيمكس» و «ستاتويل» وغيرها من شركات البترول والغاز الوطنية في البلدان المتقدمة وغير المتقدمة، هي مجرد شركات أو سماسرة صلاحياتها تبدأ وتنتهي عند بيع وشراء البترول والغاز! في حين أن هذه الشركات هي أداة تنفيذ سياسة وطنية في كل مراحل صناعة البترول والغاز، من التنقيب والإنتاج الى التسويق، مروراً بالنقل والتكرير، والبتروكيمياء وشتى الصناعات والخدمات التي ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بهذه الصناعة. لا بل إنها أصبحت، خاصة في الدول النامية، العمود الفقري للاقتصاد الوطني والمحرك الرئيسي لعملية التصنيع والإنماء.

إقرأ أيضاً: هل «يعوم»النفط على سطح الحكومة.. بإشارة دولية؟

على ضوء هذا، يمكن القول إن تطوير شركة نفط وطنية في لبنان كان من المفترض أن يبدأ منذ السنوات الاولى للاستقلال. وبما أن ذلك لم يحدث وما زال البعض يتساءل عن جدواه، يجد لبنان نفسه في وضع في غاية الغرابة، اذ إنه البلد العربي الوحيد الذي لا يملك شركة نفط وطنية، وإنه واحد من البلدان النادرة، الى جانب بعض «شبه البلدان» أو الجزر الضائعة في المحيط الهادي التي لم تنشئ بعد شركة من هذا النوع. نتيجة أخرى لهذا الوضع غير الطبيعي هي أن لبنان هو اليوم البلد شبه الوحيد الذي لا يمتاز إلا بالأصفار في احصائياته عن الطاقة، أي: صفر إنتاج وصفر احتياطي بترول او غاز، وصفر طاقة تكرير قيد التشغيل، وصفر دخل ترانزيت، وصفر مخزون أو أي تدبير آخر لضمان سلامة حاجاته من المواد البترولية. كل ما لديه هو القليل من مصادر الطاقة المتجددة والصناعات البتروكيمائية التي طوّرها القطاع الخاص.

3 ـ مكافحة الفساد: من البديهي أن تأسيس شركة نفط وطنية ليس عملاً ارتجالياً ينفذ على جناح السرعة، بل عملية يخطط لها وتنفذ تدريجياً وفق الإمكانيات والحاجات الوطنية. كما أنه من البديهي، خاصة في بلد كلبنان، ان تطوير شركة كهذه يستلزم تدابير صارمة لحمايتها من المحسوبية والفساد، وذلك عبر إخضاعها لأعلى درجات الشفافية والمراقبة المستمرة على قراراتها وحساباتها. وفي طليعة الوسائل لتحقيق هذا الهدف: إصدار قانون خاص لمكافحة الفساد في مختلف مراحل صناعة البترول والغاز، والتعاون الوثيق مع واحدة أو أكثر من المنظمات العالمية المختصة بهذا الموضوع من نوع OCDE أو Transperency International أو Declare What You Pay او EITI.

إقرأ أيضاً: محاصصة النفط نجحت … فغاب نظاريان وحضر باسيل!

كما أن ثمة وسيلة أخرى تكمل ما سبق ويمكنها أن تكون أكثر فعالية، ألا وهي إنشاء شركة وطنية مختلطة تضم، من جهة، القطاع العام مع حق «الفيتو» وما يُسمّى «السهم الذهبي»، ومن جهة ثانية، القطاع الخاص، مع ما يتمتع به من طاقات مالية ضخمة وحرية تحرك وروح مبادرة، بعيداً عن البيروقراطية والفساد في ممارسة السلطة. وفي الإمكان تنظيم هذه الشركة المختلطة بشكل يستقطب عدداً كبيراً من المواطنين ويحول دون سيطرة عدد من المساهمين، ويؤمن مراقبة ذاتية وتلقائية ضد الرشوة وسوء الإدارة.

وفي كل حال، فمن المسلمات أن تجنب الفساد يتم بمحاربة الفساد لا بمحاربة قيام شركة وطنية لا بد منها، تُعنى بمصالح المواطنين. وهذا امر ممكن اذا توفرت الإرادة والوسائل اللازمة، كما تدل على ذلك تجربة البنك المركزي أو شركة «طيران الشرق الأوسط» او شركة «سوليدير». لذلك يمكن القول باختصار إن السؤال الجوهري المطروح حالياً حول تطوير الثروة النفطية الموعودة ليس: هل يجب (أو لا يجب) مشاركة الدولة الفعلية والمباشرة في استثمار هذه الثروة عبر شركة نفط وطنية؟ السؤال الحقيقي هو هل يجب (او لا يجب) أن نتصرف تجاه هذا الموضوع الحيوي كبلد مستقل وحريص على ممارسة كامل حقوق السيادة على استثمار ثرواته الطبيعية؟

موجز محاضرة ألقاها نقولا سركيس في غرفة التجارة الفرنسية – اللبنانية، باريس، في 27 حزيران 2016.

السابق
افطار لـ«فرح العطاء» العراق في كنيسة بغداد
التالي
ريفي: غطاس خوري ورّط الحريري بفرنجية