السيد نصرالله من محلل سياسي الى مرشد ديني مؤخراً!!‏

على غير عادته صار السيد حسن نصرالله يُضمن كلماته توجيها دينيا مباشرا ونقديا للفرق الإسلامية الأخرى رغم حرصه السابق، وبشدة، على ما يسمى الوحدة الإسلامية. فما الذي دفعه الى هذه المغامرة الخطابية الصعبة؟

صار من عادات السيد حسن نصرالله الإطلالة على السعودية في كل خطاب له منذ تفجّر الأزمة بينهما بُعيد حرب اليمن وإعلان دول الخليج حزب الله حزبا إرهابيا..

هذا الصراع الذي كان حتى أشهر مضت خفيّا، غير معلن، على اعتبار أن إيران عدوة السعودية اللدود سياسيا، تقف وراء الحزب، وعلى اعتبار أن السعودية حليفة الولايات المتحدة هي عدوة إيران والشيطان الأكبر والتي تدعم إسرائيل، على حد قول الدعايتين المتقابلتين.

هذا التقسيم في التوجهين والحلفين والخطين لم يمنع أي تعاون بين السعودية وحزب الله سابقا على صعد عدة، وكان الطرفان اللدودان لا يُجهران بعداوتهما التي بلغت ما بلغت خلال تصريحات سعود الفيصل في حرب الـ33 يوم، اذ كانت بعض اللقاءات تتم على صعيد وزراء الحزب في الحكومة اللبنانية، على الأقل، مع السفير السعودي في لبنان.

وجاءت حرب اليمن بشكل قطعيّ- رغم ان ثورة البحرين كانت قد سبقتها – التي لا ناقة لحزب الله فيها ولا جمل، الا ان الحزب دسّ نفسه في مطولات خطابيّة ودعم عسكريّ وماديّ ولوجستيّ دفاعا عن اليمنيين، فانقطع خيط معاوية الرفيع بينهما وصارت التصريحات النارية تطل برأسها في خطابات السيد بشكل غيرمسبوق، والمفاجئ هو قول السيد نصرالله في يوم القدس العالمي ان “كل من يحتفل بيوم القدس هو من عانىّ من سياط الحكام”. في إشارة واضحة الى الأنظمة الملكيّة في الخليج العربي.

ولم تتخذ ثورة البحرين صفة الدعم القتاليّ لأنها ظلت ثورة سلميّة كما أرادها أبناؤها ولم يتم الإضاءة عليها الا إعلاميا وبشكل غير مكثّف لكون البحرينيين غير تابعين لولاية الفقيه التي تُحيل القرار الديني الصادر عن ولي الفقيه الى أمر واجب التنفيذ.

ويتجلى الهجوم الحزب اللهي على السعودية بوضع الإصبع على مكمن الإفتراق، أي على الفكر الوهابي في السعودية الذي على أساسه تقوم أفكار الحركات التكفيرية، في مواجهة مقابل الفكر الشيعي. فهو هنا يعمل وبكل ذكاء على هدم الهيكل على أصحابه كما حاول سابقا الكتّاب والمفكرون العرب والفلسطينون تهشيم العنصرية الصهيونية التي على أساسها قامت إسرائيل.

خطاب نصر الله

لم تعد قضية فلسطين الداخل، رغم عظمة ثورتها، في أولويات خطاب السيد حسن، وبالقدر نفسه، خاصة ان جلّ تركيزه يأتي دوما على الخطاب الوهابيّ و فكره وأعمدته في محاولة لتحصيص (من حصحصة) المشاهدين وجذبهم وإستمالة الخليجيين والعرب الآخرين إليه الذين يعانون من تعصب الفكر الوهابي، خاصة في مصر ودول المغرب العربي، وممن هم على تماس مع هذه الحركات التي تقدّم الإسلام المتشدد العنيف، لا الإسلام المنفتح الوسطي الذي كان يحمله أغلبية المسلمين من العرب ومن غير العرب.

إقرأ أيضاً: خطاب السيد: شيخ وهابي يكفر من لا يعترف بدوران الأرض حول الشمس!

والسيد نصرالله هنا يضرب ضربتين الأولى خلع مسامير الفكر المتشدد، وثانيا تقديم صورة عن الإسلام المنفتح المتمثل بالفكر الشيعي حسبما يظهره، او العقيدة الشيعية حسب عقيدته ورأيه علما ان كثر من السنة الوسطيين يرون في الفكر الشيعي تطرفا وانحيازا باتجاه ما.

اليوم يتفرّغ السيد حسن وبشكل تام لمواجهة السعودية ونظامها الفكري والعقدي، متراخيا مع إسرائيل التي مازح قادتها مؤخرا، قائلا لهم: “صايرين تحكوا كتير” كما العرب قاصدا بقوله. وكثرة الكلام تعنيّ قلة الفعل. ومحيلا قضية فلسطين الداخل وفلسطين غزة الى حماس وكل الفصائل وكل من يقاتل اسرائيل ولو بالسكين فقط.

“لقد حررنا ارضنا نحن الشيعة فحرروا أرضكم أيها السنّة المعتدلين، وانا اتفرّغ للفكر السنيّ المتشدد فأهدم الهيكل على رأسه”. هذا هو مضمون كلمات وخطابات السيد مؤخرا.

إقرأ أيضاً: المستقبل: كلام نصر الله عن حماية المسيحيين تكذبه الوقائع

.. إنها لعبة ذكيّة جدا، كان قد اعلن عن أحقيتها بعض المُعممين الشيعة الذين يحملون الفكر الشيرزاي الذي يقول: “إن حرب الشيعة الأساس مع هذا الفكر الوهابي لا مع إسرائيل”.وهو ما تم إكتشافه وإعلانه وفضحه بشكل صريح، والذي كانت تتم تغطيته باسم الوحدة الإسلامية كما يقول الشيرازيون.

والسيد نصرالله لا يواجه السنّة من أبناء المذاهب الأربعة في أيّ من مواقفهم فهو يعرف أن معظمهم بات خارج دائرة الإعجاب به بعد إنخراطه في الحروب العربيّة الداخلية، لذا عليه جذبهم من جديد بخطاب مذهبيّ معتدل.

باعتقاده انه يواجه “خوارج العصر” الذين حاربوا أجداده.

السابق
جردة شهر رمضان المبارك…وما زالت الحلول بعيدة
التالي
افطار لـ«فرح العطاء» العراق في كنيسة بغداد