في رثاء «يوم القدس العالمي»

لا ينفك حزب الله في البحث عن سبل لإعادة تلميع صورته المشوهة أمام العالم العربي بشكل عام والإسلامي بشكل خاص، منذ ان بدأ تدخله العسكري في سوريا.

منذ يومين بدأ حزب الله يعد العدة لإستقبال “يوم القدس العالمي” وهي المناسبة التي كان دعا إليها الإمام الخميني بعد إنتصار الثورة في إيران.

ليلة الأمس دعا المرشد الأعلى لحزب الله السيد علي الخامنئي المسلمين إلى الوقوف صفاً للدفاع عن مظلومية الشعب الفلسطيني، وأكد رئيس مجلس شورى إيران علي لاريجاني ان فلسطين هي قضية مركزية لإيران الثورة.

اقرأ أيضاً: حزب الله يعترف ويخسر: نحن مرتزقة لإيران

بعد وصول المسلمين إلى السلطة في إيران، ألقى الخميني خطبته الشهيرة التي عرّف فيها يوم القدس العالمي بـ«يوم الإسلام، يوم إحياء الإسلام. يوم ينبغي فيه للمستضعفين أن يعدّوا أنفسهم لمواجهة المستكبرين. يوم ينبغي فيه على كل مسلم أن يجهّز نفسه لمواجهة اسرائيل ولا بد أن تعود القدس إلى المسلمين. يوم الفصل بين الحق والباطل، يوم انفضاح المتامرين الموالين لاسرائيل. يوم يجب فيه أن نسعى جميعا لانقاذ القدس. يوم انذار القوى العظمى بأن الإسلام لن يعود يرضخ لسيطرتها أو لسيطرة الخبثاء من عملائها».

ولفترة طويلة من الزمن إستطاع يوم القدس العالمي جمع المسلمين من السنة والشيعة حول قضية فلسطين والخروج بتظاهرات للتنديد بالأعمال الإسرائيلية العدائية ضد الفلسطينيين وبإستمرار احتلال الأراضي الفلسطينية والتذكير بالحق الفلسطيني في العودة.

خلال حرب تموز 2006، إلتف اغلب المسلمين في العالم حول حزب الله وقام الكثير من العرب برفع صورة السيد نصرالله داخل بيوتهم ومحالهم التجارية وتم حينها تسمية بعض أنواع التمور في مصر والكويت بإسم السيد نصرالله وإسم الوعد الصادق، تيمناً بالتسمية التي أطلقها حزب الله على عمليته العسكرية ضد العدو الإسرائيلي.

عام 2014 إنقلب الحوثيون على قوات الرئيس عبد ربه منصور هادي، ودخلت السعودية عبر عاصفة الحزم إلى اليمن لدعم ما أسمته بالشرعية وصد محاولات الحوثيين المدعومين عسكرياً ومالياً من إيران في السيطرة على اليمن.

في منتصف عام 2015 قامت السعودية بالكشف عن فيديو يظهر القيادي في حزب الله أبو صالح يقوم بتدريب مجموعات من الحوثيين في اليمن على كيفية إستهداف مراكز ومواقع تابعة للجيش السعودي على الحدود اليمنية – السعودية وزادت الإتهامات الموجهة من دول الخليج العربي ضد حزب الله بالضلوع في أعمال تستهدف امن الدول الخليجية، وتجدد تحركاته على الأراضي اليمنية والعراقية والسورية.

مع بداية عام 2016، صنف مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية حزب الله كمنظمة إرهابية تريد بث الفتن وزعزعة الإستقرار بين الدول العربية.

وقبل تحول الازمة السورية من حالة التظاهرات السلمية إلى حالة العسكرة، عوّل الكثير من السوريين على أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله، وطالبه بعض المثقفين السوريين بالتوسط لدى ازلام النظام السوري من أجل الوصول إلى تسوية وتجنب الإنزلاق إلى ما هو أسوأ.

وعلى الرغم من مساندة الحزب لكافة الثورات العربية بما فيها المصرية واليمنية والتونسية والبحرينية وقيام الفرقة الموسيقية الرسيمية للحزب ـ فرقة الولاية ـ بإصدار الأناشيد الحماسية الداعم لإنتفاضات الشعوب العربية، إلا أن السيد نصرالله رفض الإستماع إلى مطلب السوريين وبدأت حملة الإتهامات الجزافية تصدر من قيادة الحرس الثوري في ايران والحزب ضد تحركات السوريين السلمية الثائرة ضد نظام الاسد والعمل على شيطنتها وهو ما نجحوا فيه داخل بيئتهم الحاضنة.

إن حزب الله يعبر عن نفسه دائماً كجندي في ولاية الفقيه، ويجاهر بتلقيه المال من قبل القيادة الإيرانية. إيران التي ينظر إليها أغلب سكان الدول العربية والإسلامية كتهديد مباشر لإستقرارهم بسبب ورود إسمها في دعم المنظمات الشيعية المتطرفة في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

وحافظ الخطاب الممانع الداعم لبشار الأسد على وجوده عبر إتهام الثوار السوريين بتنفيذ الأجندة الاميركية والتوجيهات الإسرائيلية لإسقاط النظام الممانع والمُؤَمن الوحيد لخط عبور السلاح من إيران إلى الجنوب اللبناني.

حزب الله
حزب الله

بعد دخول حزب الله إلى سوريا، ولد الشعار الذي رفعه «لن تسبى زينب مرتين» النفور بين المسلمين السنة والشيعة، وعاد السيد نصرالله إلى صياغة خطاب «لن تسبى زينب مرتين» بأسلوب جديد حين جدد العهد للإستمرار في القتال في حلب ودير الزور والزبداني وريف دمشق بالقول أن حزب الله حزب الإثني عشري، الإمامي، الشيعي لن ينسى فلسطين وشعبها.

لم يتوان حزب الله عن إعلان المشاركة في المعارك السورية الطاحنة إلى جانب النظام السوري، وحسمه للكثير من المعارك بوجه الجيش السوري الحر، وكانت معارك القصير عام 2013 كافية لتقليب الرأي العام ضده، بسبب إستخدامه أسلوب الأرض المحروقة وتهجيره لسكانها.

ومنذ شهر من الآن توصل حزب الله إلى إتفاق لإخلاء السكان من منطقة الزبداني، وتناقلت وسائل الإعلام صورا لقيام حزب الله بإنشاء معسكرات في الزبداني لتحويلها إلى واحدة من معاقله الرئيسية على غرار ما فعله في منطقة السيدة زينب.

يستمر حزب الله بدفع الفواتير لتأمين المصلحة الإيرانية. ليلة أمس الاربعاء، علق عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني أن دعم الجيش السوري وحزب الله ضروري من أجل الحفاظ على أمن المدن الإيرانية.

اقرأ أيضاً: بعد تفجيرات القاع: كيف حمى حزب الله لبنان من الإرهاب؟!

إيران التي فقدت مصداقية كلامها عن القضية المركزية في فلسطين، ووجهت سلاحها إلى الشعب السوري مانعة اياه من الاطاحة بالديكتاتور الأسد، تكون بذلك قد أطاحت بيوم القدس العالمي، مما ولد نكبة جديدة تدعى النكبة السورية.

السابق
بالصوت.. عقصة للـ«mtv»: قناة الموضوعية نسيت تفجيري التقوى والسلام!
التالي
شقق سكنية بمواصفات قد لا يقبلها البعض