السلاح الحلال.. والسلاح الحرام: بين القاع وطرابلس!

تفجيرات صباحية ومسائية تعرضت لها بلدة القاع الحدودية منذ يومين، حدث أمني ضجّت به الساحة اللبنانية، وتزامن مع العديد من التطورات..

لم تنتهِ سلسلة الانفجارات المسائية التي استهدفت بلدة القاع، حتى دخل لبنان في مشهدية جديدة أعادت للذهن الطوائف المسلحة إبان الحرب الأهلية، فانتشرت صور لنائب القوات انطوان زهرا وهو بين مجموعة من المسلحين، وتمّ تداولها تحت عناوين الدفاع عن الأرض و”ما بينعسوا الحراس”.
كما تمّ ظهور صور وأشرطة فيديو وتقارير إعلامية لنسوة مسلحة في القاع، يؤكدن الدفاع عن الشرف والأرض والشباب.

هذه الظاهرة المسلحة لم تقابل باستنكار وإنّما تمّ احتضانها لا سيما في البيئة المسيحية، فدعمها وجوه إعلامية وسياسية، ليؤكدوا على أنّ الأمن الذاتي حق إسوة بحزب الله والضاحية.

في مقلب آخر، كان لهذه الصور صدى مغاير في الحاضنات السنية، والتي يرتبط كل مشهد مسلح بها بالداعشية والتطرف إن في طرابلس أو عكار أو صيدا أو عرسال أو مجدل عنجر، وتساءل الكثيرون عبر صفحاتهم الفيسبوكية: ماذا لو كانت هذه الصور قد التقطت في مناطق سنية؟ لضربت الدولة بيد من حديد!

القاع

إلا أنّ الاجتماع الأمني استنكر ولم يضرب، فرفض هذه الظواهر مؤكداً أنّ المؤسسات العسكرية وحدها من تقوم بحماية الوطن والحدود.

النائب خالد ضاهر وفي حديث لـ”جنوبية”، قال “لا بدّ أولاً أن ندين ونستنكر هذه الجرائم النكراء بحق أهلنا في القاع ونحن ننتظر الجلاء لنعرف الجهة المسؤولة عن هذا العمل، فهي ليس واضحة المعالم وما من جهة تبنت هذا الفعل وكشفت عن وجهها القبيح”.

وأضاف فيما يتعلق بظواهر التسلح “هناك دولة ولديها أجهزة ومؤسسات ومسؤولية حماية الشعب وحماية البلد هي من صلاحيات هذه المؤسسات التابعة للحكومة، أما ما نراه فهو يمكن تحميله بكونه ردّة فعل طبيعية من بعض الناس في القاع”.
مردفاً “ولكن هناك من هو خبيث في دعوته إلى التسلّح وإلى الحماية السياسية وإباحة السلاح وكأنّ الأجهزة عاجزة وغير قادرة على حماية البلد، مع أنّ من يمنع هذه الدولة وهذه الأجهزة الأمنية والقوى العسكرية من القيام بواجبهاتها هي الميليشيا المسلحة التابعة لحزب الله والميليشيات الكثيرة التابعة له، والتي تأخذ من صلاحيات الدولة وتمنع القوى الأمنية والمؤسسات العسكرية من ممارسة دورها وصلاحيتها في حماية الأمن الوطني”.
معلقاً “هي ميليشيات عميلة للخارج أهدافها وخدماتها على حساب لبنان، وتبرير حمل السلاح والدعوة إليه هي دعوة ضد الدولة وضد المؤسسات وضد الشعب اللبناني”.

وتابع ضاهر “المشكلة الكبرى أنّه في السلطة الحالية وبسبب هيمنة حزب الله على الدولة ومؤسساتها، أصبحت مخالفة القانون مباحة في مناطق، لأنّ هذا الحزب الارهابي التابع لإيران والعميل للخارج يبيح ذلك ويشجع عليه إذ يفيده في مشروعه الذي هو إقامة الدويلة والفوضى، وربط هذه الدويلة بالمشروع الايراني، وهذا ما يصرح به الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله منذ أوائل الثمانينات بأنّ لبنان يريدونه جزءاً من الدولة الاسلامية التابعة لولاية الفقيه الذي يفاخرون أنّهم جنود له”.

خالد الضاهر

وأكد أنّ “ما يجري ضد هيبة الدولة وضد مصلحة المسيحيين والمسلمين وضد مصلحة أهل القاع الذين لا يحميهم لا ميليشيا ولا تفلت ولا حركات تبيح الفوضى، وإنّما الذي يحمي لبنان واللبنانيين هي مؤسسات الدولة الجيش اللبناني والقوى الامنية وأيّ تشجيع لهذه الأعمال وتبريرها هو ضد مصلحة الجميع”.
وعمّا إذا كانت هذه الظاهرة المسلحة قد ظهرت في طرابلس أو عكار أو صيدا، تساءل ضاهر “لماذا تمّ ضرب أحمد الأسير مع أنّه كان يطالب بفرض سلطة الدولة وإزالة البؤر والمجموعات الإرهابية”.
مضيفاً “نحن أمام مشكلة كبيرة تنفجر في كل لبنان، فهل ما يجري من تفلت وسلاح ظاهر سوف يفيد لبنان أم أنّه سوف يعطي انعكاساً سلبياً ويزرع في نفوس السنة أنّهم مضطهدين ومظلومين”.
وختم، “يجب أن نحارب الإرهاب بكل أشكاله وأنواعه، هناك ارهاب متمثل بحزب إيران يذهب إلى سوريا ويهجر الناس من وطنها”. متسائلاً: “لماذا لا ينسحب هذا الحزب من سوريا؟”.

إقرأ أيضاً: تفجيرات القاع قسّمت اللبنانيين… ولا ترحيل للسوريين الى بلدهم
من جهته أوضح الصحافي والمحلل السياسي غسان جواّد لـ”جنوبية” أنّه ” من حيث المبدأ، بالتعريف الدولة تحتكر وتقوم بحماية المواطنين بالنيابة عن أنفسهم بموجب العقد الاجتماعي القائم بين المجتمع والدولة”.
مضيفاً “سلاح المقاومة في لبنان أتى بناء لجملة من التراكمات إذ بلحظة ما تخلت الدولة عن الدفاع عن الجنوب اللبناني فنشأ السلاح ونشأت المقاومة كحركة شعبية لتحرير الأرض، وبطبيعة الحال عندما تتخلى الدولة عن واجبها سوف تظهر عوامل السلاح الذاتي. وخيرٌ فعلت الأجهزة الأمنية والاجتماع الأمني الذي أعلن إدانة ظاهرة التسلح الذاتي لأنّ هذه الظاهرة سوف تؤدي إلى منزلقات خطيرة إذ لدينا جيش لبناني قوي وقادر ولدينا أجهزة أمنية تعمل وبالتالي ما من ضرورة للأمن الذاتي”.

غسان جواد

وعن ربط المسائل بحزب الله، علّق “أصبح واضحاً أنّ حزب الله سلاحه هو جزء من عوامل الدفاع عن لبنان وليس مرتبطاً بالعوامل المحلية وخصوصاً بالعشر سنوات الأخيرة، وتحديداً في معركته مع الإرهاب حيث ظهرت الحاجة لهذا السلاح“.
مشيراً أنّه ” بالقرى الحدودية إن كان هناك نقص بالعديد لا بأس بإنشاء لواء الحدود الذي يكون بإمرة الجيش اللبناني ويقوم بحراسة القرى، ولكن الجيش قادر والقوى الامنية قادرة والقرار السياسي موجود”.

وعن المقاربة بين مشهدية السلاح و ربطها بكل من واقع طرابلس وسلاح حزب الله، أشار أنّ ” المشكلة في سببية طرح السلاح في طرابلس، فإن كان لأجل القتال في سوريا فهناك شباب من طرابلس يقاتلون ويقتلون في سوريا، أما الربط بسلاح حزب الله فهذا السلاح له وظيفة محددة وهو جزء من المناعة الوطنية الموجودة بالبيان الوزاري وبإجماع غالبية اللبنانيين بمعزل عن الشعار المرفوع”.

إقرأ أيضاً: أهل القاع فخورون بحمل سلاحهم مع الجيش ضدّ الإرهاب

واعتبر أنّ “المشكلة في طرابلس وغيرها أنّه يبدأ حمل السلاح لأجل تأمين الحارة أو الحي أو غيره ومن ثم ينتهي إلى منزلقات إرهابية أو تطرف أو تشدد أو خروج عن الدولة، وهذا أمر مرفوض والوطن بغنى عنه لا سيما وأنّنا أمام مرحلة بالغة الصعوبة، فملف الإرهاب قائم والضغط على البلد القائم، وكذلك هنالك موضوع اللاجئين السوريين والذين هم في إطار استهداف البلد واستهدافهم أيضاً، وسنصل لمرحلة رفع شعار تسليح اللاجئين للدفاع عن أنفسهم”.
مردفاً أنّ “أزمة القاع لم تكن نتائجها كبيرة (5 شهداء) ولكن لو سقط عدد كبير من الضحايا وأصبح هناك تحريض قوي على اللاجئين سيتحوّل اللاجئ في حينها لضحية ويطالب بحماية ذاتية”.

وختم جواد “هذه جدلية خطيرة ولا بدّ من العودة إلى فكرة الدولة التي تحمي الجماعة بما فيها حزب الله”.

السابق
حماية المسيحيين باقترابهم من الدولة لا بالتصاقهـم بـ«حزب الله»
التالي
أردوغان يتصل ببشار الأسد!