لقاءان مع سعد الحريري: إنسان حقيقي يشبهنا.. ويتقبل النقد

مربكٌ أن تكتب عن سعد رفيق الحريري بعد أن تلتقيه، بعد أن تجالسه وتحادثه، فهو ليس زعيما إلهيا، ولا يختبأ خلف ستار من الزجاج يقول ما يريدنا أن نسمعه ثم يتركنا نتخبط وندفع فاتورة القرارات الخاطئة، إنّه زعيم بشري، يعلم أنّه يصيب ويخطئ، وأنّه لا بد وأن يستمع لملاحظاتنا وأن يقرأ حتى تدويناتنا التويترية والفيسبوكية، لما تحمله من انتقاد هدفها التصويب وليس التجريح.

خلال يومين، اتيح لي فرصة حضور لقائين مع “سعد رفيق الحريري”، وعذراً لإسقاط اللقب، ولكن المحور الإنساني والتواضع الخلقي يحجبان الزعامة فتتقدم الهوية الإنسانية أولاً.

أثناء لقاء السحور الأوّل واللقاء الثاني، لم يكن سعد الحريري متكلفاً ولم يتحدث كثيراً، فهو كما قال “هلكت من الحكي”، وأكد أنّه يريد أن يسمع وأن يكثر من سماع كل فرد منّا، وكل من يريد أن يقول له شيئاً.

لم يدخل القاعة المنظمة في معرض رشيد كرامي بهالة الزعيم رغم أنّ الطاقم الأمني المحيط به “لا يخلو من ازعاج”، إلا أنّ إنسانيته غطّت على النزعة الأمنية لطاقم حمايته الذين كانوا يخشون حتى من “صورة”، فهو دخل علينا بصفة مواطن، مصافحاً من التقاه منا مبتسماً ومعانقاً، ومستعداً ليس فقط لأن يتصور بل لأن يحمل هو الهاتف عوضاً عنك وأن يلتقط بنفسه الصورة.

أجل، صورة السيلفي ذاتها والتي حاول ان يسخر منها اعلام الممانعة السمج، هذه الصورة التي لا يجرؤ أي زعيم بلاستيكي على التقاطها، خشية من ان تضعه بمسافة واحدة مع المواطن ليست تهمة، وإنّما هي نقطة تسجل للحريري، وهي انعكاس لكونه سعد الحريري فحسب، وليس “دولة الرئيس” الجالس في برجه العاجي.

لم أتكلم معه ليل أمس كثيراً، وكان الكلام مؤجلا لليوم، لاجتماع أعدته الدائرة الالكترونية في تيار للمستقبل مع بعض أنصاره ومنتقديه من الشباب والشابات عبر السوشيال ميديا، من اجل الحوار والنقاش.

الحريري

جلسة اليوم ترددت للذهاب إليها لأمرين، الأوّل أنني أمس انتقدت قدومه لطرابلس و وصفت الخطوة الأولى تجاه المدينة بالناقصة، الثاني أنّي رغم الهوى الحريري بالشق الإنساني إلا أنّ انتقادي السياسي له صحافياً والكترونياً كان لاذعاً خصوصا في المدة الاخيرة.

ولكن قررت ان أخطو هذه الخطوة لأنّ من ينتظرنا “سعد الإنسان”، و صممت أن أعيد على مسمعه كل ما أكتبه انتقاداً ومحبة وأن أقول الأمور كما هي.

إقرأ أيضاً: الحريري وميقاتي في خندق واحد ضد اشرف ريفي

وصلنا واجتمعنا وانتظرناه، دخل الحريري بعفوية، صافحنا فرداً فرداً، ثم طلب أن يتعرف علينا، وحينما وصل دوري أخبرته عن مجالي العملي معقبة بأني “مشاغبة على مواقع التواصل الاجتماعي”، فكانت إجابته أكثر صدمة من تعريفي لنفسي، ليقول “بعرفك.. واضح”!.

طيلة الجلسة كان يستمع ويجيب حسب المطلوب بين الجدية والطرافة، لم يتهرب من أيّ سؤال ولم يجرّب أن يختصر الوقت رغم أنّ الأسئلة لم تكن إلا من محور انتقادي، فتمّ سؤاله عن التحالف؟ عن ريفي؟ عن الحوار؟ عن ترتيب البيت السني؟ عن إهمال ضواحي طرابلس من البداوي وعكار؟ عن القائد السني؟ عن مواقع التواصل الاجتماعي وأهميتها؟
وكان يرد على كل سؤال، بإجابة شاملة وكاملة. فتحدث عن الغدر والطعن، وعن الحوار ومواقفه من حزب الله، عن الفروقات بين الحليف والخصم الذي يبدل موقفه، وبين ابن البيت نفسه حينما ينقلب على بيته.

إقرأ أيضاً: الخطوة الحريرية الأولى طرابلسياً.. خيبة!

لم يجامل، ولم نجامل، بل كان بيننا “كما يريد هو وكما يحب”، أكد على دور السوشيال ميديا مشدداً انّها ستصبح من أولوياته، أبدى شوقاً للتنقل بين المناطق الطرابلسية وزيارتها، بعدما أنهكته اللقاءات الرسمية.

انتقد الانترنت البطيء، وكانت النكتة لا تفارقه، فهو لم يكن بين مجموعة من المنتقدين الحاقدين، كان بين فئة تكن له كل المودة، وجاءت لتعاتبه كي تعود إليه ويعود إليها.

السابق
هذا ما يتقاضاه رامز جلال!
التالي
بالصورة: بشار الأسد يتناول الإفطار مع جنوده!