مواجهة جويّة أميركيّة – روسية فوق سوريا

راجح الخوري

عندما يتبارى الاميركيون والروس في الحديث عن نفاد الصبر حيال تطورات الوضع الكارثي في سوريا، عليهم على الأقل ان يتذكروا ان هناك أكثر 300 ألف نفدت منهم الحياة وأكثر من عشرة ملايين نفد منهم المأوى، إن لم تكن مياه المتوسط قد إبتلعتهم.
قبل سبعة أيام قال جون كيري خلال زيارته نروج “إن على روسيا ان تفهم ان صبرنا ليس بلا حدود وهو في الواقع محدود جداً في ما يتعلق بمعرفة ما اذا كان الاسد سيوضع أمام مسؤولياته على صعيد إلتزام وقف اطلاق النار”. وبعدما قرأنا رد رئيس هيئة الاركان الروسية الجنرال فاليري غيراسيموف أول من امس والذي قال فيه “نحن الذين نفد صبرنا حيال الوضع في سوريا وليس الأميركيون”، تبين ان مسألة الحديث عن الصبر لا علاقة لها بوضع السوريين ومصيرهم بل بالخوف من إنزلاق الروس والاميركيين الى صدام جوي في سوريا.

اقرا ايضًا: بالأرقام: سوريا مقبرة الجنود الروس..
الآن يبدو واضحاً ان الحديث المتقابل عن نفاد الصبر، جاء نتيحة مواجهة أميركية – روسية باردة حصلت في 18 حزيران الجاري في منطقة التنف عند الحدود الاردنية، التي لم يسبق للمقاتلات الروسية ان حلّقت فوقها، فقد كشفت صحيفة “لوس انجلس تايمس” وكذلك موقع “دايلي بيست” ان المواجهة دارت عندما حاول طيارون اميركيون منع طيارين روس من قصف تجمع لمقاتلي المعارضة الذين تدعمهم واشنطن.
وفي التفاصيل ان طائرتي “سوخوي” قصفتا 200 مقاتل من المعارضة التي تدعمها أميركا بينما كانوا ينفذون عملية ضد ” داعش”، بعدما كانتا قد إنسحبتا بداية من المنطقة عند اقتراب طائرتي “اف 18” أميركيتين، ثم عادتا بعد مغادرة المقاتلتين الاميركيتين المنطقة!
ولأن المقاتلات الروسية تحصل على إحداثيات الاهداف التي تقصفها من النظام السوري، تبدو زيارة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغر المفاجئة لدمشق بعد الحادث مباشرة، وكأنها حملت تنبيهاً دقيقاً للاسد يذكّر بما قاله نائب روسي اخيراً من “ان موسكو ليست موظفاً عند النظام السوري او عند حلفائه وطيرانها ليس مجرد غطاء جوي وأي تحرك لا ينسّق معنا تماماً لن يحظى بدعمنا”!
طبعاً ليست هذه المرة الاولى التي يقصف الطيران الروسي المعارضة المدعومة من الاميركيين، لكنها المرة الاولى التي يكشف عن مواجهة باردة لم تؤد الى تصادم بين الجانبين، ولهذا تبرز مخاوف من ان تجرّ الفوضى التي تعمّ الاجواء السورية بسبب الأهداف المتعارضة التي يقصفها الطرفان الى صدام يشعل فتيل نزاع أوسع.
أنشأ الاميركيون والروس غرفتين لتنسيق العمليات تعملان على مدار اللحظة، واحدة في جنيف والثانية بين قاعدة حميميم الروسية وقاعدة العديد الاميركية، وعلى رغم هذا يمارس النظام العابه الخطرة بين الجانبين!

(النهار)

السابق
«شدة أذن» روسية للأسد
التالي
تلك الحرب على الإرهاب