علامات استفهام حول الدور الروسي في سوريا و«حزب الله»

لم يكن خافياً على المتتبعين لمسار مفاوضات (5+1)، الدور الروسي الفاعل والأساسي بالضغط على المفاوض الإيراني للوصول الى النتائج المحققة في ما عرف بالملف النووي الإيراني.

اقرأ أيضاً: تدمّرت الطائفة، الحزب بخير، تدمرت الأمة، الأنظمة بخير..

الرئيس الاميركي باراك أوباما اعتبر توقيع ايران على الإتفاق النووي انتصاراً لعهده، وهو أقرّ لإدارة بوتين بالجميل على الجهد الروسي المبذول في إنجاز ذلك الاتفاق. الإدارة الإيرانية المحافظة تقبلت الاتفاق كمن يرتشف جرعة سمّ بالإكراه، وإن اعتبره الفريق الإصلاحي الإيراني مقدمة للفوز بفك الحصار الاقتصادي والمالي عن الشعب الإيراني الذي أرهقته وأفقرته العقوبات الغربية.

وعلى الرغم من الاعتراضات الإسرائيلية على بعض نصوص الاتفاق النووي، إلا أن هذا الاتفاق أزال تهديداً استراتجياً كانت تخشاه إسرائيل.

وعلى إثر إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعادة سيادة روسيا الاتحادية على شبه جزيرة القرم، تتالت التعليقات حول ما إذا كان سكوت الغرب، وتحديداً الولايات المتحدة، عن ذلك، يشكل جائزة ترضية لبوتين على جهوده في دفع إيران للموافقة على الشروط الغربية في الملف النووي، حيث بقيَ موقف الغرب الأوروبي والأميركي في حيّز الرفض الشكلي للقرار الروسي بضم القرم ودون أن يرقى إلى مستوى المواجهة.

وبجهود روسية خاصة، قايضت موسكو السلاح الكيميائي (الاستراتيجي) السوري، باعتراف أميركي بدور لها في سوريا، وسلفت النظام السوري ورأسه بالتحديد هدية منع الضربة العسكرية الأميركية التي كان هدّد بها اوباما الرئيس الأسد. ومن دون أدنى شكّل ذلك خدمة جليلة لأمن إسرائيل.

وبعد الدخول العسكري الروسي إلى سوريا في أيلول العام الماضي، نجح الطيران الحربي الروسي، وقوة من المشاة البحرية الروسية مدجّجة بأحدث الأسلحة بعد أربعة أشهر ونيف من العمليات القتالية الى جانب جيش النظام السوري والحرس الثوري الإيراني وأذرعه من الفصائل الشيعية المقاتلة، “حزب الله” اللبناني، عصائب أهل الحق العراقية وغيرها من فصائل شيعية إيرانية، نجح ليس فقط في منع النظام من السقوط، بل في تحسين موقع النظام الميداني وتالياً في المفاوضات مع افرقاء المعارضة السورية.

وكما هو معروف، أدخلت روسيا الى سوريا أحدث منظومة صواريخ للدفاع الجوي (s400) على اثر إسقاط سلاح الجو التركي طائرة السوخوي الروسية، هذه المنظومة ذات القدرة العالية تغطي كل الفضاء السوري.

في ظل هذه القدرات العسكرية الروسية في الميدان السوري، وبعد تشكيل غرفة عمليات مشتركة روسية – اسرائيلة، كان الهدف المعلن منها التنسيق لعدم التصادم، أما الأهداف غير المعلنة فهي تثير بحسب العديد من المحللين كثيراً من الشكوك، خصوصاً بعد إعلان الفريقين الروسي والاسرائيلي على إثر زيارة بنيامين نتنياهو الأخيرة لموسكو القيام بمناورات عسكرية مشتركة على شواطئ البحر الابيض المتوسط، وفي ظل هذه العلاقات التي وصفت بالحميمة بين القيادتين الروسية والاسرائيلة في اللقاء الاحتفالي المميز بين بوتين ونتنياهو في موسكو في مناسبة الذكرى الـ25 لاستئناف العلاقات الديبلوماسية بين البلدين.

انسحاب روسيا من المعارك السورية
انسحاب روسيا من المعارك السورية

أغارت الطائرات الاسرائيلية اكثر من مرة على مواقع لـ “حزب الله” في سوريا وعلى الحدود اللبنانية السورية، واغتالت بغارات جوية قادة إيرانيين وقادة من “حزب الله”. وكان لافتاً في هذا المجال الاستهداف الاسرائيلي للخطة الإيرانية في جنوب سوريا لاستحداث مواقع للمقاومة المسلحة ضد قواته في الجولان المحتل. ويطرح السؤال ما اذا كان غض النظر الروسي عن الاستهدافات الإسرائيلية لقواعد “حزب الله” وكوادره في الجنوب السوري يَصْب في خانة المصالح المتبادلة وفي صلبها ضمان أمن اسرائيل؟

في سياق هذه التطورات، اغتيل القائد العسكري في “حزب الله” مصطفى بدر الدين في قلب دمشق، وأثيرت تكهّنات عدة حول أسلوب استهدافه والجهة التي استهدفته بعدما لم تقنع الرواية الرسمية للحزب عن عملية اغتيال بدر الدين من هم في داخل الحزب قبل من هم خارجه.

ولئن صار نضوج عناصر التسوية للأزمة السورية محصوراً بالجانبين الروسي والأميركي كما هو معروف، وبحيث أعيد دولياً تحريك حل الدولتين بشكل مفاجئ، وبحيث إن أمن اسرائيل سيكون قضية أساسية في مخرجات التسوية التي يحبك خيوطها وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والاميركي جون كيري، فهل سيكون سلاح “حزب الله” هو التالي بعد النووي والكيميائي وجبهة الجنوب السوري وضحاياها؟

(النهار)

السابق
مركز دراسات إيراني يربط إقالة عبد اللهيان بالموقف من الأسد
التالي
بالصورة: ضربت والدها وعنفته في إحدى شوارع طرابلس