ايران تعترف بوجود ازمة علاقات مع العرب عموماً والسنة تحديداً..

ايران

المواقف السياسية تدل عليها بل تدافع عنها الافعال وليس الاقوال، والمسارات والتصرفات والممارسات الواقعية، التي تتوافق بالفعل مع الشعارات، لا التي تتناقض معها…؟؟ وحينها لن ينفع عقد المؤتمرات واطلاق التصريحات ونشر المقالات المدفوعة الاجر..؟؟ ولا التعبير عن التاييد الذي يهدف لتجهيل الجمهور وتضليل الرأي العام..؟؟ لهذا السبب فإن ايران تجد نفسها اليوم في ازمة مع العالم العربي، بسبب تناقض شعاراتها مع حقيقة سياساتها… نتيجة تدخلها المستمر في شؤونه بشكل سلبي ومسيء وسيء، من تسليحٍ لميليشيات تابعة وخاضعة لها مذهبية وطائفية في تركيبتها وفكرها..الى استخدام مصطلحات دينية تؤجج الانقسام والفرقة بين العرب والمسلمين..؟؟

 

لقد وصف احد الخبراء الغربيين المهتمين بالشأن الايراني سياسات طهران بانها انتحارية، واشار الى ان قادة ايران يحاولون الحصول على ما يريدون بكافة الوسائل المتاحة والممكنة، دون ضوابط او رادع.. في تطبيق حرفي للسياسة المكيافيلية التي عنوانها..( الغاية تبرر الوسيلة)….وفي تجاهل كامل للمباديء الدينية والثوابت العقائدية التي يجب على نظام ديني كنظام طهران ان يلتزم بها ويطبقها.. خاصةً وانه من يقدمها ويتبى عناوينها… ولكن كما يبدو شكلاً مع الاسف…
بناءً على هذا الشعار تتصرف طهران في المنطقة العربية على انها ساحة صراع، وليست ميدان تلاقي وتعاون وتعايش بين المكونات المختلفة والطوائف والمذاهب والاعراق المتنوعة التي تعيش فيها وعليها…فإذا حققت مبتغاها واهدافها السياسية والأمنية والدينية ونجحت في انجاز استراتيجيتها خرج قادتها ليعلنوا الانتصار والتبشير بانتصار المشروع الديني الايراني على سواه من الاديان والمذاهب..
من هذا المنطلق نفهم لماذا خرج علينا حيدر مصلحي، وزير الاستخبارات الإيراني السابق في حكومة محمود أحمدي نجاد، ليقول إن (“إيران تسيطر فعلاً على أربع عواصم عربية، كما نقلت وكالة أنباء “فارس” عن مصلحي مضيفاً إن “الثورة الإيرانية لا تعرف الحدود وهي لكل الشيعة”، مؤكداً أن “جماعة الحوثيين في اليمن هي إحدى نتاجات الثورة الإيرانية”. وكان الجنرال حسين سلامي، نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، قال إن “المسؤولين في إيران لم يكونوا يتوقعون هذا الانتشار السريع لـ(الثورة الإسلامية) خارج الحدود لتمتد من العراق إلى سوريا ولبنان وفلسطين والبحرين واليمن وأفغانستان”، حسبما نقلت عنه وكالة مهر للأنباء… وفي هذا السياق كان تصريح مستشار الرئيس الإيراني لشؤون الأقليات علي يونسي التي اعتبر فيها العراق “عاصمة لإمبراطورية إيران الجديدة” على حد وصفه، وكان نائب قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني اللواء إسماعيل قائاني، قال هو الآخر في وقت سابق، إن “إيران مستمرة بفتح بلدان المنطقة وإن الجمهورية الإسلامية بدأت بسيطرتها على كل من أفغانستان والعراق وسوريا وفلسطين وإنها تتقدم اليوم في نفوذها في بقية بلدان المنطقة”، على حد تعبيره….) هذه هي عناوين واهداف السياسة الايرانية الحقيقية..؟؟

 

اقرا ايضًا: إيران تعتدل أو «تحترق»!
في مشهدٍ أخر، وصف المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، الشعب السوري بـ”الكفار”، قائلا: ( إن “إيران تقاتل الكفار في سوريا وإن جنودنا يطلبون الإذن للقتال في جبهة الإسلام ضد الكفر في سوريا” على حد تعبيره. وفقا لوكالة “فارس”)..وهذا التصريح يعطي الصراع طابعاً دينياً ووجودياً بحتاً دون مواربة..
في مناسبة اخرى وفي تدخّل غير مسبوق بشؤون داخلية لدولة مستقلة، فقد أعلن الجنرال قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الايراني: (ان اسقاط الجنسية عن ابرز مرجع شيعي في البحرين «سيشعل المنطقة والبحرين». واضاف ان الحكومة في البحرين «تعرف جيدا ان التعرض لآية الله الشيخ عيسى قاسم هو خط أحمر لدى الشعب وتخطيه سيشعل البحرين وكافة انحاء المنطقة، وهدّد مملكة البحرين بـ«مقاومة مسلحة» ضد نظامها)…
أما في الداخل الايراني وفي مشهدٍ وسلوك يظهر فئوية ومذهبية النظام الايراني وعدم احترامه للقيم الانسانية وحقوق الانسان فقد ذكرت وسائل إعلام إيرانية ناشطة في مجال حقوق الإنسان: ( أن إيران أعدمت 6 نشطاء أكراد في سجن رجايي شهر بمدينة كرج شمال العاصمة طهران، برغم مناشدات دولية لإلغاء الأحكام. كما صادقت المحكمة العليا في إيران على قرار أحكام الإعدام الصادرة بحق 27 مسلما سُنّيا بتهمة “الدعاية ضد النظام”. كما ذكرت وكالة ناشطي حقوق الإنسان الإيرانية (هرانا)…
ولكن في المقابل اذا خسرت ايران رهانها او انكشف مشروعها وبدا في التراجع… فإنها تبدأ في تنشيط سياسة التهدئة وابتداع الشعارات والعناوين الوحدوية وفي التركيز على وحدة الامة.. التي غابت فعلياً وعملياً ولسنوات عن ممارساتها الحقيقية..؟؟ والتصريحات المتعددة التي اوردناها تكشف هذا الواقع الحقيقي..؟؟ كما تبدا في استخدام اقلام ومراكز دراسات للكتابة عن اهمية الوحدة لمواجهة المشروع الغربي الخطير الذي يستهدف الامة..؟؟؟ في محاولة لاضفاء الموضوعية والمصداقية على هذه الشعارات.. متجاهلة حقيقة تعاونها مع روسيا في سوريا المتحالفة مع اسرائيل.. ومع الولايات المتحدة الشيطان الاكبر في العراق..؟؟ في تناقض حقيقي وواقعي مع شعار الموت لاسرائيل..واميركا الشيطان الاكبر..؟؟
تثبيتاً لميكيافيلية السياسات الايرانية وتحولها من الهجوم الى الدفاع حين الضرورة.. فقد ورد مؤخراً في مقالٍ نشرته صحيفة السفير بقلم الصحافي قاسم قصير ما نصه..( برزت في الأسابيع الأخيرة معطيات عديدة تشير الى وجود توجهات جديدة على صعيد العلاقة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية و «حزب الله» من جهة، وقوى وحركات إسلامية سنيّة في المنطقة وعلى رأسها «الإخوان المسلمون» من جهة أخرى، وذلك في إطار البحث عن نقاط مشتركة للتوصل الى تسويات للأزمات القائمة في المنطقة ووقف الصراعات الدائرة وإعادة ترتيب البيت الإسلامي في مواجهة التحالفات التي تسعى السعودية لإقامتها في وجه ايران و «حزب الله». وقد عقدت في هذا الإطار لقاءات حوارية عدة في أكثر من عاصمة عربية وإسلامية وأوروبية ضمّت العديد من القيادات الإسلامية من مختلف الاتجاهات، من أجل بحث الأوضاع في المنطقة وإعادة تقييم المرحلة الماضية ودراسة مستقبل الحركات الإسلامية في المرحلة المقبلة…)
هل كان من ضرورة لعقد هذه اللقاءات لو نجح المشروع الايراني في الهيمنة على العالم العربي والعواصم العربية التي اشار اليها المسؤولون الايرانيون..؟؟ وهل الحوار مع حركة الاخوان المسلمون اصبح مفيداً الان..؟؟ وما هي القواسم المشتركة فكرياً وعقائدياً بين ايران وحركة الاخوان المسلمين..؟؟ فإذا كانت ايران تحارب كفاراً في سوريا وتكفيريين كما يقول نصرالله، في حين ان حركة الاخوان جزء اساسي من فصائل الثورة السورية..؟؟ فكيف سوف يتم التفاهم..وعلى ماذا..؟؟ واي مرشد سوف يتفاهم مع تكفيري…؟؟؟ ام انها شعارات واوصاف تطلق للاستهلاك وتبرير سفك الدم وقتل الابرياء فقط..؟؟؟ وتشجيع المواطن اللبناني والعربي على ارسال اولاده للقتال في سوريا الى جانب النظام الظالم والقوات الروسية..؟؟
دائما فإن مبرر عقد هذ اللقاءات والاعلان عن تفاهمات غامضة وغير واضحة المعالم.. هو كما ورد في نص المقال… (وجرى الاتفاق على ضرورة عقــد لقاء موسع وشامل لبحث كل تلك المرحلة ودراســة كيفية تجاوز المأزق الحالي الذي يواجه الجــميع، لا سيما في سوريا واليمن والعــراق والبحــرين ومصر وليبيا، كما تم التأكيد أن المستفيــد الوحيد من هذه الصراعات هو العدو والقــوى الدولية التي عادت للتحكم بهذه الدول سواء مباشرة او غير مباشرة…) العدو هو المستفيد الوحيد..؟؟؟ من هو العدو… وهل تم اكتشافه حديثاً.. وكيف نرأب صدعاً وجرحاً عميقاً تعمل الآلة الايرانية الدموية على زرعه في سوريا والعراق ولبنان وفي كافة الدول العربية … المستهدفة..؟؟
لا يمكن بسهولة ان تنتقل الآلة الدعائية الايرانية من حالة الترويج والتحريض على الحرب، الى حالة المطالبة بفتح ابواب الحوار..!! ولا يمكن تجاهل العناوين والشعارات والاناشيد التي تحرض على القتل وتبرير التهجير والتدمير، ولا الممارسات التي نتجت عن هذ الثقافة التحريضية..!! والاعلان عن عقد لقاءات غير معلنة مجهولة العناوين وجداول الاعمال وصفة المشاركين فيها ومستوياتهم الرسمية او الحزبية للوصول الى تفاهمات هشة، لا يخرج عن كونه عمل اعلامي لا اكثر ويهدف لاثارة قلق المملكة السعودية ودول الخليج لاعادة فتح مسار الحوار مع نظام طهران.. والا فإن البديل هو تعاون طهران مع حركات اسلامية .. ؟؟ تثير قلق بعض الدول العربية..؟؟
اذ حتى حينما تعلن طهران عن رغبتها في الحوار فإنها تسعى لبث الفرقة واثارة القلاقل…والخوف والقلق لدى البعض وتوجيه رسائل من خلال هذا الحوار… ليس اكثر…
ولكن ذاكرة المواطن العربي ستبقى تحفظ لطهران وقادتها كل ما ارتكبته من مجازر واشعلته من حروب في بلادنا .. ومن انقسامات في مجتمعاتنا..ولكن مجرد نشر المقال بما تضمنه من تخوف وقلق .. يعني ان ايران ومن معها يشعرون بوجود ازمة علاقات مع العرب عموماً والسنة تحديداً…

(المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات)

السابق
خامنئي بين جدل الخلافة والشِعر النووي!
التالي
رسالة مصارحة إلى حزب الله