كيف سيتصرف لبنان بعد رسالة تفجير «لبنان والمهجر»؟

بعد سلسلة من الضغوطات الأميركية المالية على حزب الله، التي قابلها الأخير بضغوطات على المصرف المركزي والمصارف اللبنانية "المتآمرة" على حد تعبيره، حصل ما كان يخشى منه عندما انفجرت أمس عبوة ناسفة أمام بنك لبنان والمهجر أحدثت اضرار مادية هائلة ولم تسفر عن ضحايا، هذه الرسالة التفجيرية قد تكون الأخطر، وضحاياها الشعب اللبناني بمجمله الذي سيتحمل تبعاته الاقتصادية إذا لم يتمّ احتواء تداعياتها.

دوى صوت انفجار بعيد الثامنة مساء، تبين أنه ناتج عن انفجار عبوة ناسفة أمام الحائط الخلفي لمبنى بنك “لبنان والمهجر” المواجه لمبنى الكونكورد، وأدى الى اصابة شخصين أحدهما حارس المبنى اصابات غير خطيرة، وتضرر عدد كبير من السيارات اضافة الى مبنى البنك المذكور. وعلى الفور قامت عناصر الشرطة العسكرية، التي وصلت إلى مكان الانفجار، بضرب طوق أمني، وبوشرت التحقيقات الأولية. وعلى الإثر فرض الجيش اللبناني طوقاً أمنياً كبيراً في محيط مكان التفجير. وعزلت قواته محيط التفجير من كل الجهات، فمنعت الدخول الى المكان حتى للاعلاميين، ولم يسمح بالبقاء إلا لسيارات النقل المباشر للتلفزيونات. وقامت الأدلة الجنائية بعملية المسح في المكان، بما فيها داخل مبنى البنك، لجمع الأدلة. وكلف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية صقر صقر شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي، إجراء التحقيقات والاستعانة بخبير متفجرات والأدلة الجنائية للكشف على مكان الانفجار وتحديد ملابسات الجريمة. كما عاين مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود مكان الانفجار.

اقرا ايضًا: غسان جواد: أبوكم عأبو المصارف…

وقال مرجع أمني لـ”الجمهورية” إنّ التحقيقات الأوّلية أشارت إلى أنّ العبوة استهدفت المصرف على خلفية القانون الأميركي الذي يَستهدف أموال “حزب الله” وحسابات قيادته ومسؤوليه وبيئته. وأوضَح أنّ تكليف مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية صقر صقر بدءَ التحقيقات في الانفجار دفعَ الفرع إلى مباشرة تحليل وتفكيك محتويات أشرطة التسجيل الموجودة في المصرف ومحيطِه بحثاً عن خيط يؤدّي إلى منفّذ العملية. وتوقّفَ المرجع أمام اختيار التوقيت في وقتٍ يكون فيه الشارع خالياً من المارّة بحكم توقيت التفجير مع “سفرة رمضان”، وهو ما وفّرَ وقوع مصابين بين المارّة المدنيين بعدما اختيرت الجهة الخلفية للمبنى لتُستهدفَ بالعبوة وليس الواجهة المقابلة للطريق العام حيث الحركة لا تتوقّف عادةً.

اقرا ايضًا: يلتزم سلامة بتوجيهات نصرالله مقابل التزام حزب الله تغطية الخسائر
إلا أن ما زاد في خطورة الوضع أنّ الانفجار جاء في توقيت وظروف توحي بأنّ المصرف تلقّى “رسالة” في إطار الصراع وشدّ الحبال بين القطاع المالي من جهة و”حزب الله” من جهة أخرى على خلفية الامتثال لقانون العقوبات الأميركي. وعلى رغم عدمِ تبنّي أيّ جهة للتفجير، ورفضِ معظم الأطراف السياسية والمصرفية استباقَ التحقيق واتّهام أيّ جهة، إلاّ أنّ الأنظار اتّجَهت إلى مواقف متدرّجة لـ”حزب الله” اتّهمت بعض المصارف بالمغالاة في التوسّع بتطبيق القانون، وبأنّها “حصان طروادة للولايات المتحدة الأميركية”.

وقد تداعت جمعية مصارف لبنان الى اجتماع لمجلس الجمعية الحادية عشرة قبل ظهر اليوم للبحث في تداعيات الانفجار واتخاذ موقف في شأنه. وقالت مصادر مصرفية لـ”النهار” إن موقف المصارف ثابت وواضح حيال القانون الأميركي والتزام تطبيقه، مشيرة الى ان المصارف مرت بظروف أصعب وأقسى خلال الحرب ولم تثنها تلك الظروف عن القيام بدورها وواجباتها والتزاماتها تجاه زبائنها كما تجاه القوانين الدولية. وأضافت: “الرسالة وصلت، لكنها لن تغير في التزام المصارف واجباتها وخصوصاً عندما يتعلق الامر بوجودها ووجود لبنان ضمن النظام المالي العالمي”. كما أبلغت  مصادر في مصرف لبنان المركزي أبلغت “المستقبل” أن هذه الرسالة “لن تجدي لأن لا خيار لديه سوى تطبيق القوانين المحلية والأميركية والدولية”.

اقرا ايضًا: حزب الله ورياض سلامة: لا يمكن هزيمة طواحين الهواء المالية

وفي أوّل تعليق لـ“حزب الله”، قالت مصادره لموقع “ليبانون ديبايت” أن “تفجير الظريف يهدف إلى زيادة الضغط على حزب الله ودفع المصارف اللبنانية إلى اتخاذ المزيد من الاجراءات”. وأشار إلى أن “الحزب يرى أن هذا التشويه المتعمد لصورته يقصد منه إظهار الحزب كحزب عنفي”، معتبراً أن “الهدف من التفجير إعطاء انطباع بأننا حزب إرهابي يمارس العنف بحق كل من يخالفه” واكدت ان الحزب “لا يمارس اي عمل من هذا القبيل لانه مناف لخطنا ولقناعاتنا واخلاقياتنا، حتى ولو كان المصرف خاضعاً للتعليمات الاميركية”.

وتوقعت “السفير” أن يصدر اليوم بيان عن “حزب الله” يستنكر فيه التفجير الذي استهدف بنك “لبنان والمهجر” وينبه إلى خطورة استهدافاته.

السابق
عقوبة النزاهة
التالي
واشنطن : تفجير فردان في بيروت ارهابي