نتنياهو يخدع العالم

الهجوم الفلسطيني في قلب تل أبيب وعلى مقربة من مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية ورئاسة أركان الجيش هو تحد كبير لحكومة نتنياهو، وتعبير دموي عن حالة اليأس التي يعانيها الشعب الفلسطيني الرازح تحت نير الاحتلال الإسرائيلي منذ 49 عاماً. وهو أيضاً دليل على أن “الهبّة الفلسطينية” لم تمت وأن انتفاضة السكاكين يمكن أن تتحول في لحظة الى انتفاضة مسلحة.

يربط الإسرائيليون الهجوم بشهر رمضان وما يسببه من تأجيج للمشاعر الدينية لدى الفلسطينيين، كأن هؤلاء ينتظرون مناسبة دينية كي ينتفضوا، أو كأن الاحتلال الذي يعيشون في ظله وانعدام الأمل ليسا سبباً كافياً للثورة والرفض. بماذا يمكن أن يفكر الشاب الفلسطيني العادي الذي يعيش في الخليل ويعاني البطالة وفقدان الأمل عندما يرى الغطرسة الإسرائيلية؟ وبماذا يشعر المواطن الفلسطيني عندما يرى عجز قادته عن الضغط على الحكومة الإسرائيلية لاجبارها على الانسحاب من مدن الضفة، ووقف تسلط المستوطنين على أرضه وحياته؟ وكيف يمكن ان تكون ردة الفعل الفلسطينية عندما يسمع الفلسطينيون نتنياهو يقول من جهة إنه يدعم حل الدولتين، ويرفض من جهة أخرى أي مبادرة لتحريك المفاوضات مع الفلسطينيين من اجل تحقيق هذا الحل؟

اقرا ايضًا: بوتين ومصالح إسرائيل في سوريا !
على رغم ذلك كله، فإن الهجوم الأخير مرتبط أيضاَ بتطورين سياسيين سلبيين شهدتهما الحياة السياسية في إسرائيل: تعيين اليميني المتطرف أفيغدور ليبرمان وزيراً للدفاع ورفض بنيامين نتنياهو المطلق للمبادرة الفرنسية الداعية الى عقد مؤتمر دولي لتحريك عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وتكرار رفضه مناقشة مبادرة السلام العربية التي وافقت عليها الدول العربية في القمة العربية المنعقدة في بيروت عام 2002 قبل ادخال تعديلات عليها.
يمارس نتنياهو منذ خطابه الشهير عام 2009 في جامعة بار إيلان، والذي أعلن فيه دعمه لحل الدولتين لشعبين، أكبر عملية خداع سياسية لأنه منذ ذلك الحين بذل كل ما في وسعه كي يجعل هذا الحل مستحيل التحقيق. كذب على الأميركيين ووضع العراقيل على طريق وساطاتهم المتعددة، وسخر من مبادرة الفرنسيين لتحريك العملية السياسية، والتف على مواقف الروس. نراه من جهة يعلن تأييده لمبادرة الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي لتحريك العملية التفاوضية، لكنه من جهة أخرى يسارع الى ابداء تحفظه عن المبادرة العربية التي هي أساس مبادرة السيسي. باختصار، يحتال على الجميع مدعياً أن الفوضى العارمة في الشرق الأوسط تجعل أي حديث عن انسحاب إسرائيلي مستبعداً.
ما دام نتنياهو واليمين الإسرائيلي يحكمان إسرائيل لا مفاوضات مع الفلسطينيين ولا سلام قريباً، الامر الذي يجعل العنف الدموي هو الأفق الوحيد.

(النهار)

السابق
بوتين ومصالح إسرائيل في سوريا !
التالي
نهاد المشنوق الأكثر اخلاصاً للحريري