عن الاجتياح الاسرائيلي للبنان ونهاية العهد الفلسطيني

الاجتياح الاسرائيلي للبنان
بالأمس كانت الذكرى الرابعة والثلاثين للاجتياح الاسرائيلي للبنان،وهو الاجتياح الذي غير الخارطة الجيوسياسية للمنطقة، فانهى في العام 1982 دولة "فتح لاند" الفلسطينية في الجنوب ليضع لبنان لاحقا كله في الخانة السورية الايرانية.

هي حرب لبنان 1982 وتسمى أيضاً بغزو لبنان أو ما أطلقت عليه إسرائيل اسم عملية “السلام للجليل وعملية الصنوبر”، حرب عصفت بلبنان فتحولت أرضه إلى ساحة قتال بين منظمة التحرير الفلسطينية وسوريا. وتعود أسباب هذه الحرب إلى عدد من الأحداث التي جرت في الشرق الأوسط خلال السنين التي سبقتها، من “اتفاق القاهرة” الذي نظم وجود الفصائل الفلسطينية المسلحة في لبنان، إلى الحرب الأهلية اللبنانية.

بدأت المعارك في 6 حزيران 1982 عندما قررت الحكومة الإسرائلية شن عملية عسكرية ضد منظمة التحرير الفلسطينية بعد محاولة اغتيال سفيرها إلى المملكة المتحدة، شلومو أرجوف على يد منظمة أبو نضال، قامت إسرائيل باحتلال جنوب لبنان بعد أن هاجمت منظمة التحرير الفلسطينية والقوات السوريّة وفصائل الحركة الوطنية اللبنانية، لتحاصر بعد اسابيع منظمة التحرير وبعض وحدات الجيش السوري في بيروت الغربيّة.

اقرأ أيضاً: في ذكرى اجتياح 1982 النظام السوري الذي سلم لبنان يسلم سورية للدمار

انسحبت منظمة التحرير من بيروت بعد أن تعرّض ذلك القسم منها إلى قصف عنيف، وكان ذلك بمعاونة المبعوث الاميركي الخاص فيليب حبيب، وتحت حماية قوات حفظ السلام الدولية.

عشية الاجتياح
في 5 – 6 حزيران/يونيو 1982 بدأت إسرائيل بقصف جوي ومدفعي كثيف على مدينة صيدا ومنطق النبطية والدامور وتبنين وارنون وقلعة الشقيف الإستراتيجية. ودخل الجيش الإسرائيلي الأراضي اللبنانية في 6 حزيران/يونيو 1982 وتم اجتياز المواقع الذي كان يشغلها 7,000 جندي تابعين لقوات الأمم المتحدة بكل سهولة ودون مقاومة.

قدم رونالد ريغان الرئيس الأمريكي وقتها الغطاء لإسرائيل في هجومها، حيث أعطى لإسرائيل الضوءالأخضر لتدمير منظمة التحرير، وأكدت إسرائيل للأمريكين أنها ستدخل لبنان لمسافة لا تتجاوز 30 كيلومترا لتحقيق أمنها والدفاع عن نفسها. كان ريغان لا يمانع في القيام بعملية سريعة تكون بمثابة درس قوي لمنظمة التحرير الفلسطينية لسوريا حليفة الاتحاد السوفيتي الشيوعية حيث صرح دافيد كمحي بأنه لم يكن هناك مقاومة قوية لخطط أرئيل شارون في واشنطن وإن الولايات المتحدة لم تستطيع منع إسرائيل من الهجوم.

الحرب الاهلية اللبنانية

قبل الحرب، وفي مقالة في واشنطن بوست مع شارون قال هيغ: «…إننا نفهم أهدافكم ولا نستطيع أن نقول لكم لا تدافعوا عن مصالحكم» وقام وزير الخارجية الأمريكي، الجنرال ألكسندر هيغ بإخبار شارون عن الحاجة إلى “استفزاز واضح يعترف به العالم” بهدف شنّ الهجوم. ويرى البعض أن عملية أبو نضال لمحاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في لندن جاءت في اللحظة المناسبة تماما بصورة غريبة.

قاد العمليات الإسرائيلية أرئيل شارون وزير الدفاع الإسرائيلي في ذلك الوقت في الحكومة التي رأسها مناحيم بيغين. أعلن وقتها أن السبب هو دفع منظمة التحرير الفلسطينية وصواريخ الكاتيوشا إلى مسافة 40 كيلومتر عن حدود إسرائيل. تعدلت الأهداف لاحقا، حيث أعلن الناطق الرسمي للحكومة الإسرائيلية آفى بارنز إن أهداف إسرائيل هي:
إجلاء كل القوات الغريبة عن لبنان ومن ضمن ذلك الجيش السوري.
تدمير منظمة التحرير الفلسطينية.
مساعدة القوات اللبنانية على السيطرة على بيروت وتنصيبها كحكومة لبنانية تملك سلطة وسيادة على كامل التراب اللبناني.
توقيع اتفاقية سلام مع الحكومة اللبنانية وضمان أمن المستوطنات الإسرائيلية الشمالية.

نتائج الغزو
قدم رونالد ريغان ضماناً شخصياً للمقاتيلن الفلسطينين بالحفاظ على أمن عائلاتهم إذا ما غادروا إلى تونس، واضطرت إسرائيل إلى الموافقة على خروج المقاتلين تحت حماية دولية مكونة من 800 جندي مارينز أمريكي، و 800 جندي فرنسي و 400 جندي إيطالي. غادر 14,614 مقاتل فلسطيني بيروت إلى تونس تحت الحماية الدولية. على الجانب الآخر قُتل في الفترة ما بين 5 يونيو 1982 وحتى 31 مايو 1985 1,216 جندي إسرائيلي. على الصعيد السياسي أوفت إسرائيل بوعودها وبضغط أمريكي لبشير الجميل حيث أصبح رئيسا للبنان إلا أنه في 14 سبتمبر تم اغتياله هو و 25 من طاقمه بتفجير ضخم استهدف مقره.

تغيرت الخريطة السياسية اللبنانية بصورة جذرية بعد الغزو الإسرائيلي فبالرغم من أن الميليشيات المسيحية اللبنانية لم تشترك فعليا في القتال إلى جانب الجيش الإسرائيلي إلا أنها انتشرت وهيمنت على المناطق التي كانت تحت سيطرة إسرائيل وخاصة في الجنوب اللبناني التي هيمنت عليها حزب الكتائب اللبنانية وقامت إسرائيل أثناء الغزو بنزع سلاح المجموعات الدرزيةالتي كانت في صراع مسلح مع حزب الكتائب. عمل حزب الكتائب اللبنانية بقيادة بشير الجميل جاهدا على نزع سلاح الفلسطينين في سائر أنحاء لبنان. تمكنت حركة فتح من أسر ستة جنود إسرائيليين، تمت مبادلتهم لاحقًا بخمسة آلاف معتقل لبناني وفلسطيني تم احتجازهم في معتقل أنصار في جنوب لبنان.

اقرأ أيضاً: بعد فشل عون وفرنجية…رئاسة الجمهورية نحو شخصية مستقلة

انتهت هذه الحرب بشكلها المعترف به في عام 1985 إلا أن آثارها ومخلفاتها لم تنته حتى نيسان من عام 2000 عندما انسحب الجيش الإسرائيلي وأعوانه فعلياً من جنوب لبنان. فانتهى عهد منظمة التحرير الفلسطينية ليبدأ عهد الميليشيات الطائفية وتبرز أحزاب، كحركة أمل وحزب الله والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي الجنبلاطي، وغيرهم، وليسود بعدها عهد جديد من الوصاية السورية على لبنان بالاشتراك مع الحليف الايراني القادم مع ثورة الامام الخميني وجنوده لاحقا حزب الله اللبناني…

السابق
الدواء سِلعَة للنهب الحلال.. والشركات تعترف «نتلاعب بالأسعار»
التالي
محمد الحجار: الرئيس سعد الحريري سيطلق مواقف مهمة يحسم فيها الامور