الفارق بين الاستقطاب الشيعي والسنّي

السيد هاني فحص

إن هناك فرقاً بين الاستقطاب العصبي المذهبي للشيعة ومن يواطئهم رغباً أو رهباً أو طمعاً من أهل السنة.
هناك فرق بين هذا الاستقطاب وبين الاستقطاب السنّي للوسط السنّي، أو مجالهم العام، على أساس أن الاستقطاب الشيعي غني بالدوافع والإغراءات للشيعة، باعتبار أنه قد يكون الوسيلة لحماية الذات أو الجماعة وجوداً ودوراً مع ما يلزم من إغراءات المغامرة أو المخاطرة.

اقرأ أيضاً: حذار الخراب الكوني الجديد

أما الاستقطاب السنّي، فإن الإحساس السهل بالغلبة والأرجحية والقوة والثروة والسلطة يجعله حاشداً بالمبالغات والأوهام والتناقضات والانقسامات والصراعات.
وفي حين أن الشيعة مذهبياً يحققون بالاجتهاد ووجوب تقليد المجتهد الحي، عامل جذب يشكو من رخاوة وعامل ضعف يتحمل المخالفة مع بقائه على هيمنته ومرجعيته، بينما يؤدي فقدان المرجعية المتفق على مرجعيتها أو إلزاميتها ولو داخل المذهب الواحد من مذاهب أهل السنة والإحالة على الأئمة في القرون الهجرية الأولى، يؤدي ذلك إلى جعل التعدد طبيعي خلافاً وتقابلاً وإلغاء متبادلاً.

التطرف
أردت من هذا أن أنبه قبل أن أختار الرحيل للإقامة في الظل والصمت والوجع واليأس والقرف والخوف على الدين والدنيا والعقل والنسل والماضي والحاضر والمستقبل والنفط والغاز وأرز لبنان والعمران والقرآن، وقبل أن أنتقل إلى حيث أحفظ وجداني وأعصابي ولغتي وأدبي وخلقي وأهلي وحريتي ولقمتي واعتدالي ووسطيتي ونسبيتي وحرصي على الحوار الذاهب إلى العطالة، إلا إذا حافظنا له على جزيرة صغيرة ندخر فيها ونحمي احتياطيه الذهبي، حتى لا يصرف على المجاملة والنفاق والمراوغة بتسمية الانحياز حياداً.
كل ذلك بإغراء من إصراري على مقاطعة مغاور الهويات الفرعية بكل ألوانها وعتماتها وعفوناتها وألوان طلائها الديني والمذهبي والعنصري والإقامة في فضاء الهوية المركبة أي الصيرورة التي تصبح فتاكة إذا ما أصبحت كينونة ناجزة في وعي الفرد أو الجماعة.
وبعد تجربة شخصية جعلتني على قناعة بأن حدة الاستقطاب تجعل المعتدل متطرفاً في نظر المتطرفين، ومن هنا فإن الاعتدال اللذيذ والصعب يحتاج لحمايته إلى التجنب أحياناً أو التغيب ولو مؤقتاً أو إلى آخر العمر.
وهنا يلذ لي أن أعزي نفسي بأني كأني اخترت الإصغاء والعمل بوصية عليّ: “كن بالفتنة كابن اللبون لا ضهر فيركب ولا ضرع فيحلب”.
وتنبيه “حفيده الجعفر الصادق” لنا جميعاً وهو مجروح وحزين “عزت السلامة خفي مطلبها فإن طلبت في شيء فيوشك أن تكون في الخمول، فإن طلبت في الخمول ولم توجد، فيوشك أن تكون في التخلي وليس كالخمول، فإن طلبت في التخلي ولم توجد، فيوشك أن تكون في الصمت وليس كالتخلي، فإن طلبت في الصمت ولم توجد، فيوشك أن تكون في كلام السلف الصالح”، أي في ذاكرة القيم لا في السلفية بمعناها الذي يريدنا أن نسير إلى الأمام وعقلنا وقلبنا وبصرنا وبصيرتنا إلى الوراء ومتى كانت السلفية مذهباً أو نهجاً؟

اقرأ أيضاً: الشيعة يتماسكون سلباً

لقد كانت مسلكاً تبدلت موجباته في نهاية عهد الصحابة وتابعي التابعين من دون ضرورة للقطيعة طبعاً.

السابق
إطلاق التحالف المدني الإسلامي في لبنان
التالي
بعد فشل عون وفرنجية…رئاسة الجمهورية نحو شخصية مستقلة