آداب التخاطب الإستزلامية الحزبية: الشتائم!

أفقدت سرعة النشر، وإتاحت للجميع فرصة تدّخل من ليس له دخل في التعليق والرد والإستنكارعلى أي نص صحفي يُنشر، وتم استعمال اللغة الشوارعيّة لنقد النص الصحفي.. فما هو السبب؟

في الماضي، كان الصحفي يُعد نصّا معينا وينشره، وكان المعترض او المتضرر يخط ردا، محاولا قبل النشر ان يُشاور من حوله حتى لا يكون في رده ما يدل على تخطيّه أصول الأدب أواللياقة.
لكن اليوم، وللأسف، وبسبب الهوس بوسائل الإتصال الحديثة وانتشارها بين الناس، الكبير منهم والصغير، ترى الردود على النصوص الصحفيّة أسرع من البرق حتى قبل ان يُقرأ النص، بل يكتفي “نشطاء العصرالحديث” أي الفايسبوكيون بالإطلاع على العنوان فقط ليبدأوا بالرشق والقدح والقصف، وكيل الشتائم، وهلم جرا.. مما يكشف دواخلهم وبواطن المدارس الإيديولوجية التي تخرجهم والنفوس المعقّدة التي لا تقبل أي نقد او تعليق او تفصيل، والعنف الكلامي الهائل إضافة الى غياب أي حسّ مدني في بيئة تمت عسكرتها منذ عقود نتيجة الأحداث المتتالية في الجنوب منذ العام 1978،  والتي ارتفعت وتيرتها مؤخرا وكانت آخر إبداعادتها جلب المعارك الى مسارح المدارس، وهو الموضوع الذي تناولته “جنوبية” منذ أيام.

وأبرز ما يسطره هؤلاء المبدعون بتعابيرهم اللاأخلاقية هي نسخ البيانات السياسية لأحزابهم، ولغة التشاتم الخاصة بهم حين يختلفون، وهم الحلفاء المتعاضدون المتماسكون الذين ما إن انتهت همروجة التكاذب في الإنتخابات البلدية حتى “فلتوا على بعض”، وأكملوا سيرتهم في التقاتل على الحصص.

ويا خوفنا نحن أبناء البيئة الحاضنة للمقاومة من ان تُصيبنا لوثة رفع الدعم الخارجي عنّا كما أصابت غيرنا.. يا ويلتاه عندها، مما قد يُصيب هذه البيئة الحاضنة التي ستأكل بعضها بعضا. وما يُسكتها اليوم ليس الا الإتفاق على تقاسم الجبنة الموزعة ما بين السياسة والمال، حيث أتفق ويتفق حتى الآن الطرفان على حدود كل منهما في “تناتش” هذا البلد الفاسد والمفسود.

الصحافة

ففي نص كَتبتُه يتناول وقائع معينة حول القيادي في حزب الله مصطفى بدرالدين، هذه الوقائع التي حصلت أمام عشرات الأشخاص ونشر في “جنوبية”، انبرى للرد على النص مجموعة ذات إسلوب شتائمي غوغائي و”واطي” المستوى الذي يشبه معلمهم و”رابطهم” و”مسؤولهم” و”وشيخهم الروحي”. فهؤلاء هم القرّاء الذين لم يتعودوا الا سماع الكلام المبّجل والتقديسيّ عن أناس لم يعرفوا عنهم شيئا أصلا، بل لم يسمعوا بهم الا لحظة إعلان وفاتهم.
إقرأ أيضًا: دين غسل الأرجل!
هذا الإسلوب الرديء سببه الإنفلات اللأخلاقي، وقلة الأدب، وعدم تعلّم إحترام الآخر، وخاصة الصحافة النقدّية. ولطالما سمحت الـ“سوشل ميديا” بذلك وشجّعت عليه، وهذه هي مساؤئ هذه التقانة الحديثة التي أفجعتنا بداية القرن الماضي بتخل سافر منها عن المبادئ الأخلاقية وبتحويل الأخلاق الى سلعة تُباع وتُشرى من الزعيم. حيث ان مراقبة ما يُكتب على “تويتر” و”فايسبوك” وغيرها بات شغل الطفيليين الشاغل الذين يروجون لبعضهم البعض.

هذه التغييرات في السلوك اليومي، غيّرت نمط التفكير فلم تترك القيم بحالها فغيّرت معها وبسرعة رهيبة ما كان مُتفق عليه.

والسؤال: أين يقف الأيديولوجيون الحزبيون من تعبيرات “جنودهم” وإسفافهم الذين يختبئون خلف شاشة لا روح فيها؟ وهل هم ممن يشجع على هذا السلوك؟ وما هو الهدف؟ وكيف يمكن الإدعاء والقول اننا “نحن أبناء فلان أو علان؟”. ألا يخافون القضاء المُضاد الذي قد يتحول الى أداة محاكمة لهم؟ ولمن يقف خلفهم؟

إقرأ أيضًا: عون يكيل الشتائم ويلوّح بـ«التصادم»..

فالسلوكات العامة انحرفت كليّا عن مسارها، وباتت في نقطة الخطر بسبب غياب حق الصحفيّ في خط ما يعرف، وما يريد، ورفع سطوة الشتائم والدعاوى ذاك السيف المسلط على رقبته.

ولقد سمعنا مؤخرا في السنوات الاخيرة نوابا ووزراء يشتمون بعضهم بلغة  شوارعية، وبعضهم اصبح يزاود على بعض  في الاسفاف الاخلاقي ووضاعة اللغة المستخدمة لتمجيد الذات وشيطنة الخصوم السياسيين اعداء الجماعة الطائفة، مما اوقع عامة الجمهور  صحية قيادييهم القدوة، فنالنا منهم هذا الهبوط الى الدرك الاسفل للقيم الاخلاقية في بلدنا.

السابق
فضل الله:العلاقة مع الغرب ضرورية والتقسيم قائم في سوريا والعراق
التالي
أيها المسلمون الشاميون … إنها فتنة الشيطان … فأخمدوها !!