الحريري أمام أصعب التحديات… من القريب والبعيد

فليساعد الله “تيار المستقبل” ورئيسه سعد الحريري في هذه المرحلة الحرجة. تحوطه التحديات من كل ميل وتقوم في وجهه من قريب وبعيد، من حليف وخصم، داخل وخارج. التيار العابر للطوائف الذي صالح مسلمي لبنان السُنّة مع فكرة “لبنان أولاً” يتعرض لتشكيك قوي من الطرف الآخر في المعادلة، طرف “حلف معراب” خصوصاً، يتهمه بالإستئثار والسطو مع غيره على حصة وازنة من حصة المسيحيين في الدولة، ويسعى هذا الحلف إلى تقليص حضور “التيار” وحصره في البيئة السُنّية. بيئة يقوم فيها من يحاسبه شعبياً على عدم تطابق مواقفه مع سلوكياته السياسية، ويرسم الوزير اللواء أشرف ريفي تحديداً طريقه إلى زعامة شمالية على حساب “التيار”، مروراً بإعلانه عبر قناة “الجزيرة ” أمس نيته خوض الإنتخابات النيابية المقبلة في طرابلس مع كتلة من المرشحين تحت عناوين “حريرية”، مرتكزاً على تجاوب لقيته الدعوة على التصويت في الانتخابات البلدية هناك من أجل مواقف صلبة يتخذها “المستقبل” حيال “حزب الله” ولا يرفدها بأفعال.

 

أما وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق فأثار هو أيضاً في الساعات الماضية من خلال تداعيات حديثه التلفزيوني إلى الإعلامي مارسيل غانم عبر الـ”إل بي سي” موجة دهشة قاربت الذهول في بعض المجالس السياسية الشديدة الاهتمام بمتابعة ما يجري في “الوسط الحريري” إذا جاز التعبير، خصوصاً أن الوزير بدا متقصداً قول ما أراد قوله في الدقائق الأولى، وأنه لا تلصق به صفة “مرتكب هفوة”، هو الكاتب الصحافي أساساً متقن التعبير. وبطبيعة الحال انصرفت الدائرة المعنية في “المستقبل” إلى التعامل مع ما حصل من زاوية حصر الضرر، عالمة بأن التمييز بين عاهل سعودي راحل وشقيقه العاهل السعودي الحالي غير وارد في المملكة. تقاطعت عند هذه المسألة ردود فعل لم تخرج إلى الإعلان، داخلية في “التيار” كما في المملكة، أو على اطلاع وثيق وعلاقة بها، فحواها أن زيارة الرئيس سعد الحريري لدمشق جاءت في سياق دولي وإقليمي ضاغط.

اقرأ ايضًا: هل قرّر الحريري والمشنوق الردّ على الهجوم والتضييق السعودي؟

الأميركيون والفرنسيون والأتراك وكل العالم راهنوا عى “تحسين سلوك النظام” في سوريا ولم ينتج من الزيارة ما يكبل لبنان من نوع اتفاقات سياسية أو ما شابه ، لا بل حملت إيجابيات وإن لم تُلاحظ وقتها بسبب ارتفاع حدة المشاعر السلبية التي كانت سائدة آنذاك. يذكّر قائلو هذا الكلام بأن الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز هو الذي خيّر النظام السوري بين الإنسحاب من لبنان إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري وبين قطع العلاقات به فآثر الإنسحاب. ولم يكن مهادناً على الإطلاق في موقفه من نشوء المحكمة الدولية وحمايتها. وقد سمع رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي كلاماً شديد الوضوح عبر أحد الوزراء السعوديين في عهد الملك الراحل عبدالله يخيّره بين إيجاد طريقة لتمويل المحكمة أو اعتبار أن لا إمكان لصفو العلاقة بينهما في السنين الآتية ، فوجد حلاً “انتحارياً” لهذا التمويل واضطر “حزب الله” إلى القبول به. مع العلم أن القيمين على السياسة السعودية الخارجية لم يفتحوا باب الزيارة للرئيس ميقاتي بعد إسقاط حكومة الرئيس الحريري إلا لمناسبة تعزية، أو لأداء فروض العمرة التي أكثَرَ منها في تلك الحقبة.
في جعبة أصحاب هذه التفسيرات الكثير من التذمر حيال دأب لبنانيين من أكثر من جهة على تحميل المملكة مشكلاتهم، سواء أكانت سياسية أم مالية أو سوى ذلك. وهم يسألون إذا صحّ أن المملكة كانت مهادنة، فما تفسير رفضها تأييد ترشيح النائب الجنرال ميشال عون لرئاسة الجمهورية، إذا كان الخبر عن هذا الرفض صحيحاً؟ يسألون أيضاً هل قضى الوزير المشنوق بكلامه على تأييد الرئيس الحريري لترشيح النائب سليمان فرنجية للرئاسة، بعدما أظهر هذا التأييد نتيجة لرغبة بريطانية وأميركية وسعودية؟ وما هو الاتجاه البديل؟
يختم هؤلاء بإبداء أسئلة أخرى، كثيرة عن المستقبل في لبنان، وعن “المستقبل”.

(النهار)

 

السابق
«المستقبل» و«القوات» إلى التعارك سرّ!
التالي
العثور على قنابل يدوية وصواعق في كيس بين المديرج وحمانا