أين صبّت أصوات الاسلاميين في طرابلس؟

لا يزال “الزلزال” الذي أحدثه الوزير المستقيل أشرف ريفي في طرابلس حديث الساعة، وحالة جديدة دفعت المراقبين إلى تحليلها والقوى السياسية إلى اتخاذ القرار العام بمراجعة أدائها ومواقفها في طرابلس، خصوصاً “تيار المستقبل” الذي فهم الجو العام ومن المفترض أن يستعد لعملية تقويمية تلبية لـ”رسالة” الشارع الطرابلسي.

وفي ظل تدافع الاسئلة حول الظاهرة “الريفية” وحال القوى السياسية في #طرابلس، لا بد من التساؤل عن أصوات الاسلاميين في “الفيحاء” إلى من اتجهت، خصوصاً بعدما استدرك المسؤول السياسي للجماعة الإسلامية في طرابلس والشمال ايهاب نافع الوضع وفهم الرسالة فأعلن استقالته، واوضح رئيس المكتب السياسي في “الجماعة” النائب السابق أسعد هرموش لـ”النهار” ان ما اقدم عليه نافع “تصرف فردي والموضوع قيد المعالجة ولن تحدث اي مشكلة”.

وبعيداً عن المعارك السياسية، فإن الخلاصة الأكيدة تكمن في أن الرأي العام وجماهير الأحزاب لم تعد ليّنة، لا يمكن بعد اليوم أخذها يميناً ويساراً، فلا يمكن لـ”تيار المستقبل” أن يكون في مواجهة مع الرئيس نجيب ميقاتي في مرحلة ما ويسارع الطرفان إلى الالتحام في لقاء واحد، ولا يمكن بالنسبة إلى فئة كبيرة من الطرابلسيين أن يكون أحد الهاربين من العدالة بقضية تفجيري طرابلس ممثلاً في لائحة فيها “الجماعة الاسلامية” التي لم تترك فرصة ورفعت فيها الصوت عاليا بوجه تصرفات “حزب الله” في سوريا والنظام.

بالنسبة إلى رئيس “هيئة السكينة الإسلامية” في طرابلس أحمد الأيوبي فإن “وجود الجماعة الاسلامية على لائحة المحاصصة السياسية وإلى جانبها الأحباش أفقد الكثير من زخم التصويت الاسلامي، خصوصا أن ما كان يسمى بالهيئات الاسلامية عقدت بعض الاجتماعات قبل الانتخابات وفشلت في التوافق وبات خيار كل جمعية وجماعة منفرداً”، مضيفاً: “اختارت الجماعة الاسلامية الوقوف إلى جانب السلطة فسقطت معها، وكانت لافتة استقالة المسؤول السياسي للجماعة في طرابلس ايهاب نافع وهي خطوة من شخص يحترم نفسه وايجابية وغير مسبوقة أن يستقيل مسؤول نتيجة فشل ادارة انتخابية، علماً انه ليس المسؤول عنها في شكل مباشر بل الظروف ادت إلى هذا الأمر”.

أما عضو المكتب السياسي للجماعة الإسلامية المحامي ممتاز بحري فيؤكد أن “الجماعة الاسلامية والهيئات الاسلامية كانت ممثلة داخل لائحة التوافق، ومن الممثلين شوكت حداد وصفوح يكن، وبالتأكيد راح الاسلاميون باتجاه هذه اللائحة (لطرابلس)”، لكن البحري يوضح أن “كلمة اسلاميين فضفاضة لأن طرابلس مدينة متدينة ومعظم أهلها مسلمون، ولا يمكن أن نخرجهم من عباءة اسلامي او مسلمين وبالتالي هناك اناس كثر أيضاً توزعت اصواتهم بين اللائحتين ومنهم من انتخب فقط لائحة اللواء ريفي، لهذا فعلى صعيد الالتزام السياسي كانت الجماعة والهيئات في لائحة التوافق، اما على صعيد الشارع الاسلامي الطرابلسي فتوزعت بين اللائحتين، كما أن اكثرية الناس شكلت لائحة لنفسها واخذت من اللائحتين”.

ويعتبر أن “استقالة نافع جاءت على خلفية النتائج التي حصلت”، مشدداً على أن “الجماعة لا تتحمل وحدها المسؤولية، خصوصاً ان لائحة التوافق انهارت معظمها، لكننا نقول انه يجب ان نضع انفسنا بموضع المساءلة والمسؤولية، ومطلوب منا اعادة قراءة جديدة للواقع الطرابلسي”.

الأيوبي يلاحظ أن “جزءاً كبيراً من أصوات الاسلاميين راح نحو الاتجاه الاعتراضي المؤيد لاشرف ريفي، خصوصا أنه كان هناك مرشح على لائحته هو أحمد البدوي مذكى من هيئات اسلامية عدة واعتبر في الاطار الاسلامي العام وحظي بالتعاطف وهو مستقل وقريب من الجو العلمائي ، لهذا السبب اعتبر وجوده بمثابة تعويض جزئي عن غياب جمعيات وازنة مثل الجماعة الاسلامية أو غيرها”.

اقرا ايضًا: هل وصلت إشارات ريفي «الحريرية»… للحريري؟!

تراجع؟

ولا يخفي الأيوبي “التراجع في حضور الاسلاميين السياسي والانتخابي لاسباب كثيرة واهمها عدم وجود مشروع سياسي لأكبر الحركات الاسلامية التي هي الجماعة الاسلامية، ولا نرى وضوح في أي مشروع مرحلياً يواكب حاجات الناس علما ان الجماعة هي الأكثر تأهيلاً لأن تكون شريكة في العمل السياسي والعام”، كاشفاً عن أن “هيئة علماء المسلمين لم تتبن رسمياً أي شخص لكن على سبيل المثال ذُكِيَ البدوي من الهيئة ومشايخ أخرين، وفي الميناء كان هناك مرشح اسمه عماد البخيت وتعرض الشيخ سالم الرافعي لضغوط كبيرة لسحبه بعدما كان هناك توافق مع عبد القادر علم الدين أن يكون موجوداً معه في اللائحة، لكن في اللحظات الاخيرة انسحب واكمل منفردا”.

ووفق مراقبة البحري كان “الناخب الطرابلس يقترع سياسيا أكثر من الانتخاب حزبيا أو شخصيا، وكان لديه عتب على القادة السياسيين، وهذا بات واضحاً فقدم هذه الرسالة (النتائج) ويجب أن تقرأ بهدوء ولا يعني ذلك أن الناخب الطرابلسي معادي للجماعة الاسلامية او لا يريد انتخابها”، ويضيف: ” لا شك أن ممارسات حزب الله في سوريا أو لبنان تترك الضغوط الشديدة جداً على الشارع اللبناني، خصوصاً المسلم وهذا الشارع ليس راضياً عن السياسة التي يقودها الزعماء السياسيون ويرفض الواقع المفروض على الشارع الاسلامي واللبناني ولا نقول انه اتجه نحو خطاب متشنج بل كان يرسل رسائله إلى السياسيين بأنه يجب معاودة قراءة الخطاب السياسي والممارسة على الارض”.

التمثيل المسيحي

وفي شأن الموضوع المسيحي، يعتبر أحمد الأيوبي أن “القيادات الدينية الرسمية المسيحية ارتكبت خطيئة عندما وضعت مرشحيها في لائحة السلطة، وهذه اللائحة تواجه تنافساً وطالما هم في الصراع فعليهم ان يتحملوا النتيجة وكانت خطوة غير موفقة ابداً، وكان من المفترض اعلان مرشحيهم في طرابلس والطلب من اللوائح المختلفة التصويت لهم، وبالتالي ممكن وجودهم على لائحتين، وهو الاسلوب الوحيد الذي كان سيضمن وصولهم، اما اختيار الدخول في الصراع فأعطى هذه النتيجة”.
وسأل: “اين النواب المسيحيون وغيرهم في طرابلس، فاستقالة النائب روبير فاضل يجب أن تكون عقاباً ذاتياً في حق نفسه، فهو لم يفتح مكتبه ويقول للناس تعالوا، والنواب المسيحيون غير موجودين على الأرض”، مذكراً بأن “موريس فاضل والد روبير كان يتواجد في طرابلس طيلة أوقاته وكان في شهر رمضان يشتري مولدات كهرباء ويضيء المدينة وينفق على الفقراء ويهتم بالمساكين”.

(النهار)

السابق
لبنان بين أميركا وحزب إيران
التالي
رسالة إيران عبر الفلّوجة