جلبة في وجه ريفي والمسيحيون يهددون بالطعن‎…

أتمت الانتخابات دورتها البلدية على المحافظات الثماني، فحملت ما حملت من نتائج وعكست ما عكست من عِبر ومدلولات لا بد وأنها ستتبلور أكثر فأكثر تباعاً بعد انقشاع غبار العملية الانتخابية، غير أنّ المرحلة النهائية أمس الأول في الشمال وعكار أخذ طابعاً استثنائياً في ظل النتائج التي تمخضت عن المرحلة الرابعة والأخيرة من الاستحقاق.

المفاجأة المدوية التي حملتها صناديق الاقتراع في “طرابلس” مقدمة وزير العدل العالقة استقالته اللواء أشرف ريفي زعيماً ” في الساحة الطرابلسية والشارع السني عموماً لم تكن سوى بداية انطلاق لتداعيات سياسية واسعة النطاق لعلها الأولى من نوعها منذ الانتخابات النيابية الاخيرة التي أجريت عام 2009 ولو اختلف الكثير من الظروف والملابسات بين التجربتين.

الحدث الطرابلسي المتمثل والمفاجأة المدوّية التي سجّلها ريفي بحصدِ اللائحة المدعومة منه كلَّ المقاعد البلدية أصبح على كل شفة ولسن وعلى المستويات كافة، في محاولة لسبر أغوار النتائج المدوية التي استقرت قبيل منتصف الليل على أن “لائحة ريفي” حصدت 23 عضواً من المقاعد، . حجم التغيير الكبير أطلق رياح التداعيات الى الأبعد من الشارع الطرابلسي وفي اتجاهات باتت تضع فوراً على الطاولة آفاق الحسابات المثقلة بالهواجس لدى مختلف الافرقاء التقليديين.

ولكن الى جانب الشحنة التغييرية التي حملها الاستحقاق فان محاذير هذه الشحنة سرعان ما انتصبت مع أمر كان يخشاه كثيرون حتى قبل التحول الانتخابي الذي حمل فوز لائحة ريفي وهو أن تؤدي المواجهة الانتخابية الحادة الى فقدان التوازن الطائفي وسقوط تمثيل الأقليات المسيحية والعلوية في المجلس البلدي المنتخب.

وقد وقع المحظور فعلاً حتى قبل اعلان نتائج الفرز الرسمية التي تواصلت حتى منتصف الليل الماضي بما يعني أن المجلس البلدي الجديد سيكون مشوباً بافتقاده التعددية الطائفية في ثانية كبرى مدن لبنان. ولعلّ أولى تداعيات “تسونامي طرابلس”، استقالة النائب روبير فاضل، وسط تلويح بتحضير المرجعيات الروحية المسيحية طعناً على خلفية تهميش التمثيل المسيحي في طرابلس والميناء، وذلك عقبَ وصفِ وزير الداخلية نهاد المشنوق تغييبَ المسيحيين عن بلدية طرابلس بأنه “جريمة وطنية”.

النائب روبير فاضل
النائب روبير فاضل

وأعادت مصادر إلى الذاكرة أن غياب الأعضاء المسيحيين والعلويين عن المجلس البلدي الجديد، يحدث للمرة الثانية، حيث فازت عام 1998 لائحة الرئيس عمر كرامي برئاسة العميد المتقاعد سمير شعراني بعدما تقاسمت المقاعد مع اللائحة المنافسة التي دعمها الرئيس الشهيد رفيق الحريري برئاسة احمد قمر الدين.

إقرأ أيضاً: كيف علق الناشطون على استقالة روبير فاضل؟

ومع التخوف الذي أثاره هذا التطوّر من كونه مؤشراً لحالة متشددة تسود المدينة ، سارع ريفي الى اعادة رسم مواقفه ضمن اطار سياسي صرف، مشدداً على أن طرابلس كانت وستبقى مدينة العيش المشترك. وفي خطاب غلبت عليه أدبيات “ثورة الارز” أدرج ريفي فوز لائحته في اطار “اسقاط تهريبة محاصصة وتحالف هجين وقلنا لهم بالصوت العالي لن نقبل بأن يسيطر على المجلس البلدي شركاء حزب الله والنظام السوري وعملاؤه “.

فشل الائتلاف في حصد الأكثرية لمصلحة لائحته، لم يكن صفعة لـ”المستقبل” فقط باعتباره الأكثر شعبية في عاصمة الشمال خلال السنوات الماضية، فإنه شكل صفعة لرئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، الذي روج أنصاره بأنه بات الأقوى في المدينة، فعجز هو الآخر عن تأمين الحشد الانتخابي لمصلحة تحالفه مع الحريري، وهذا ينطبق على سائر القوى التي تشكَّل منها الائتلاف.

إقرأ أيضاً: ريفي ينقلب على الحريري؟ أو هي خلافات طرابلسية؟

أوساط طرابلسية واكبت عن كثب الاستحقاق البلدي رأت أن المعطيات التي رافقت نتائج الانتخابات، وأدت الى الذوبعة إن ميقاتي الذي حمل لواء اللائحة التوافقية أصر على اختيار رئاستها ممن ينتمي اليه رافضاً اقتراحات عدة أن يكون رئيس اللائحة من “تيار المستقبل”، معتبرة أن انه أراد أن يكون خياره خياراً سياسياً يكرّس من خلاله زعامته على طرابلس، ولكنه خيار أدى الى نتائج عكسية.

إلى ذلك، الاعتراض الحقيقي على قرار “تيار المستقبل” بالتوافق مع ميقاتي والوزير السابق فيصل كرامي ولم يقتنع الجمهور الطرابلسي الأوسع

بمنطق صرف النظر عن الجانب السياسي والتركيز فقط على الجانب الانمائي.

الحريري وميقاتي

مواقف الحريري الذي يقول انه يتخذها إنطلاقاً من المصلحة الوطنية من المشاركة حكومة واحدة مع “حزب الله” مع ربط نزاع. كما دخل حواراً مع الحزب. من ثم ترشيح النائب سليمان فرنجية كي يخترق الجمود الذي فرضه “حزب الله” على الاستحقاق الرئاسي. لكن كل هذه المواقف لم تصل الى أي مكان، والوضع أسوء. واستمرت ممارسات “حزب الله” من دون اي تغيير ولم يلاق “المستقبل” في الحوار بحل “سرايا المقاومة”.

إقرأ أيضاً: علوش: لهذا تنازل المستقبل في بلدية طرابلس للحلفاء‏

لم يؤد المستويان الأول والثاني مضافا اليه المستوى الذي جرى الحديث عنه سابقاً عن اختيار ميقاتي رئيساً للائحة، الى ما ذهب اليه الحريري من توافق مما انتهى الى النتيجة التي لا تعكس ما يريده جمهور “المستقبل” المعترض على مسار لا يمثل تطلعاته.

السابق
لماذا حقق ريفي الانتصار الكبير؟
التالي
استقالة المسؤول السياسي للجماعة الاسلامية في طرابلس والشمال