طرابلس عروس الديمقراطية فما هو مهرها؟

أن تتحدث عن نتائج الانتخابات البلدية في طرابلس، فهذا أمر فيه الكثير من التفصيل، فالهزيمة نكراء بالتحالف العريض بين زعماء المدينة، ميقاتي والصفدي وكرامي مع أكبر حزب يمثل السنة في لبنان تيار المستقبل، مرورا بالجماعة الإسلامية التي تشكل المدينة مركز ثقلها الأساس ومكان مولدها بالإضافة إلى الحزب العربي الديموقراطي (رفعت عيد) وجمعية المشاريع (الأحباش) وغيرهم كل هؤلاء كان من المفترض أن يشكلوا محدلة ليس لأحد قبل بمواجهتها، ليتفاجأ الجميع بمن فيهم الرابحون (ريفي والمجتمع المدني) بأن طرابلس أعطتهم ثقتها أو ربما على الأقل سحبت ثقتها من الواقفين خلف لائحة “لطرابلس”.

ليست القضية أن تنال هذه اللائحة أو تلك أغلبية المقاعد طالما أن النتائج متقاربة جدا ووحده الحظ هو من يحدد في كثير من الأحيان، لكن للأمر دلالات عديدة، فاليوم لا أحد يستطيع أن يقول أنه يمثل طرابلس ولا أحد يستطيع أن يقول إن الفيحاء تتبعه حيث يسير بل عليه أن ينظر إليها دائما طالبا رأيها.

النتائج التي أعطتها المدينة للسياسيين في الدورات السابقة (النيابية منها والبلدية) لم تكن تفويضا مطلقا بل كانت على أمل أن يرى أهل طرابلس تغييرا فيها، وعلى أمل أن يأتي لطرابلس من يحمل مشروعا إنمائيا حقيقيا، يحرك في ما هذه المدينة من إمكانات اقتصادية خارقة بعد أن غطاها رماد الإهمال المنظم وغير المنظم.

اشرف ريفي

من منزل ريفي المتواضع، الذي لا يكاد يتسع لبضعة عشرات من الزائرين، وهو الضابط الذي لا يملك رأس مال أتت صيحات الفرحة العفوية، بينما غابت البسمة سريعا عن صالات واسعة وفخمة اجتمعت فيها الماكينات الانتخابية لأقطاب طرابلس، جاءت هذه النتائج لتقول إن “السياسة الريعية” لم تعد تجدي نفعا في طرابلس، فموائد رمضان وكرتونات المساعدات الغذائية والمساعدات الاجتماعية ليست كافية لإرضاء الطرابلسيين أبدا وكذلك فإن مدينة العلم والعلماء ليست بمزاج طائفي يقدس زعماء الطائفة على حساب أي شيء.

إقرأ أيضًا: طرابلس: شركاء في الجريمة .. حلفاء في المعركة !

طرابلس اليوم، لا تقبل بفرض مشاريع لا علاقة لها بالتنمية كمشروع مرآب التل وسقف نهر أبو علي ومشروع الإرث الثقافي الذي لا يعدو كونه مايكأب ساذج على وجه المدينة القديمة، طرابلس تريد تشغيل معرض رشيد كرامي وتوسعة مينائها البحري وتحويل مطار رينيه معوض إلى مطار مدني وتجاري، طرابلس تريد أن ترى وسطها القديم مليئا بالسياح بعد ترميم قصوره ومنازله وتريد أن يعود نهر أبو علي كما كان ويعيد لها لقبها القديم “بندقية الشرق”، طرابلس تريد أن ترى كورنيش الميناء كما يجب أن يكون وأن تكون جزر الأرانب مقصدا سياحيا هاما، عدا عن ما تحتاجه أرياف الشمال من عكار إلى البترون.

إقرأ أيضًا: لا كلمة تعلو فوق كلمة ريفي في طرابلس يا شيخ!

من ربح في طرابلس ليس ريفي لوحده بل شراكته مع المجتمع المدني وليس أفضل دليل على ذلك من تصدر النتائج من قبل الدكتور خالد تدمري أحد أهم الناشطين في المدينة والرافضين لمشروع مرآب التل وغيره من المشاريع التي تزيد مشاكل طرابلس بدل أن تحلها.

هي إذن هزيمة كبرى لتكتل السياسيين الكبار في طرابلس، ولكنها ولا شك انتصار كبير للمجتمع المدني.

فالفيحاء اليوم عروس في أبهى حلل الديمقراطية، من يريد أن يخطب ودها عليها أن يقدم لها مشروعا تنمويا إستراتيجيا لا كلاما معسولا ومساعدات فردية تسمى الإقطاعية السياسية.

السابق
بعد فوز ريفي رفعت عيد يدعو الى التمسك بالسلاح
التالي
نديم قطيش: هزمنا في طرابلس «خير» هزيمة… وللاعتذار عن «مانشيت» المستقبل