تنظيم الدولة من الألف الى الياء

في نهاية تسعينيات القرن المنصرم أدرك صدام حسين بأنّ الدول الغربية وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا قد إتخذت القرار الفعلي لإحتلال العراق وقد كان شكّه في محله فعند تسلم جورج دبليو بوش الحكم كان ملف إحتلال العراق في جيبه وبقية القصة أنتم تعرفونها وسردناها في مقال سابق ..

عندما علم صدام بمخططات أمريكا عمل على أسلمة الحياة في العراق وبدأ صدام حسين حملته التي أسماها الحملة الإيمانية فبدت مظاهر الحياة الإسلامية نوعاً ما بالظهور فوضع كلمة الله وأكبر على علم العراق وكتب صفحة من القرأن الكريم بدمه. والذي يعرف العراق سيدرك غرابة هذا التحول الدراماتيكي الكبير في حياة صدام وكان هذا كله تحضيراً لإحتلال العراق ولبدء إنطلاق المقاومة ليقينه التام وهذا اليقين صحيح بأنّه لا أحد يستطيع كسر أمريكا سوى المقاتل الذي يملك عقيدة وكان أداء المقاتلين الشيشان والأفغان ضد السوفييت خير دليل على صحّة إستراتيجية صدام وحصل ما كان في الحسبان واحتلت العراق فبدأت إنطلاق عمليات وفصائل المقاومة التي كثرت أسماؤها كجيش الطريقة النقشبندية والجبهة الإسلامية للمقاومة العراقية وكتائب ثورة العشرين وتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين وجيش الراشدين وجيش أنصار السنة…ألخ..
وجميع تلك القوى اندثرت وانتهت ولم يبقَ منها سوى القاعدة (النسخة القديمة والأساسية للدولة الإسلامية)وقد كان هذا التنظيم فصيل من مجموعة فصائل مقاومة الإحتلال الأمريكي للعراق وكسبت في ذاك الوقت الكثير من التعاطف (رغم أخطائه) من الشعوب العربية وكان اسمه في البداية جماعة التوحية والجهاد وكان قائده أبو مصعب الزرقاوي وبقي الحال على ما عليه حتى إتخاذ الزرقاوي القرار الدراماتيكي المهم للجماعة وهو إعلان مبايعته لتنظيم القاعدة وزعيمها أسامة بن لادن فأصبحوا يعملون تحت مظلّة القاعدة وفي عام ٢٠٠٦ قتل الزرقاوي في غارة أميريكية على منزله في محافظة ديالى وبعد مقتله بويع أبو عمر البغدادي أميراً للجماعة ومن ثم وبعد مقتله عام ٢٠١٠ بويع أبو بكر البغدادي أميراً للجماعة الذي أتخذ بدوره القرار الدراماتيكي الأهم في تاريخ الجماعة عندما أعلن إنفصاله عن تنظيم القاعدة وقائدها أيمن الظواهري ..

اقرأ ايضًا: هل انتهى الدور الوظيفي لـ«داعش»؟
وشاركت الحركة أو التنظيم في أيام الحرب الطائفية في العراق وكسبت ود ومحبة المكوّن السني الذي كان أساساً مضطهد من قبل الحكومة العراقية المركزية التي يسيطر عليها الشيعة المدعومين أمريكياً وإيرانياً ويعود سبب أجماع العرب السنة في العراق حول الحركة في ذاك الوقت هو الحرب الطائفية نفسها لأنّه ودائماً في الحروب التي تتميز بالبعد الطائفي تميل الناس للجماعات الأكثر تشدداً والأكثر إثخاناً في دماء أعدائها وظلّ الوضع على حاله حتى انتهت الحرب الطائفية واستقر لهم الحال في مناطق سيطرتهم في العراق فأصبحوا يضيقون الخناق على السكان الواقعين تحت سيطرتهم وطبقوا الشريعة بكل حذافيرها من زاويتهم المتشددة فأصبح الناس نفسهم الذين أحبوهم يكرهونهم ويريدون فقط الخلاص منهم فأستغل السفير الأمريكي في العراق في ذاك الوقت زلماي خليل زادة حالة السخط التي يعيشها الناس عليهم فبدأ بإنشاء الصحوات ودعمها التي بدورها رفعت شعار طرد تنظيم القاعدة والقضاء عليه في العراق وبدأت العمليات المسلحة ضد التنظيم وأنتهت بالقضاء التام عليه ..

اقرا ايضًا: هذه القصة الكاملة لتنظيم الدولة الاسلامية
ومن هنا نعلم بأنّ موجة السلاح كان في حالة إندثار وحالة موت سريري تام (بحسب وثائق أسامة بن لادن المسربة) قبل الربيع العربي والذي أعاد لها الحياة هو تهميش المكون الأكبر في العراق وهم العرب السنة من قبل نوري المالكي و القمع الدموي الذي مارسه بشار الأسد ضد شعبه الذي طالب بأبسط حقوقه في الحرية والكرامة ..

السابق
ريال مدريد عزز هيمنته على دوري الابطال بلقب 11
التالي
الموقوفون الاسلاميون في «رومية» جلدوا «قندقلي».. وقتلوه؟!