الشيعة يتماسكون سلباً

هاني فحص

لا أعتقد أن هناك خلافاً على أن الوضع السنّي والعربي هشّ. والخلاف والاتفاق على الموضوع السوري شاهدٌ على ذلك. ويبدو حال الشيعة إلى مزيد من التماسك الذي يدَّخر مخاطر عظمى. ولذلك أنا هنا لا أمتدحه، بل أنبِّه الشيعة إلى عدم ترتيب آثار وهميَّة عليه.

اقرأ أيضاً: المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى

فهم يتماسكون ويتعاظم تماسكهم لا على أساس إيجابي، أي ليس على مشروع أو أطروحة بل على السلب، أي ضد الآخر الذي لا تعوزه مظاهر القوة، وإن كانت غير كافية وغير مضمونة أو نهائية.
وأهم مكوِّنات هذا التماسك، الخوف المبالغ فيه، بما يقتضي هذا الخوف أو التخويف من “بروباغندا” واستحضار لسلبيات الماضي إضافة إلى الرموز الخاصة التي يُعاد إنتاجها ووعيُها وتعميمها، مع اللازم من الإضافات التي تغذِّي الحساسيات والعداوات، مستفيدة من سلوك سني، لم يعد محصوراً بالجماعات المتطرفة، فقد تعدّاها إلى مؤسسات الاعتدال التاريخية ومصانعه. الأزهر مثلاً، ما قد ينتهي في بعض صُوَره إلى ادعاء الأكثرية الشعبية الشيعية لملكيتها الحصرية لشأن أهل البيت، وتنصُّل الأكثرية الشعبية السنّية، خاصة السلفية منها، من موجبات محبة أهل البيت، باعتبارهم عند الجميع، كما هو مورود، أحد أهم مناطات التقرّب إلى رسول الله، وأهم فضاءات اللقاء الإسلامي على المشتركات. وفي الخوف والتخويف، وضرورة وحدة الطائفة ويقظة كل الفرعيات، في الانتماء الوعي والردّ على التطرُّف بالتطرُّف، يكون الدواء هو الداء.

الشيعة والسنة
يعيد الشيعة تشكيل عصبيَّتهم، ويتجاهلون دعوات متكرِّرة من علمائهم إلى الاندماج في أوطانهم وأقوامهم، ضماناً لحضورهم وفاعليتهم وشراكتهم، والسنّي حصراً، هو الآخر هذه المرّة في نظر الشيعي. كما أن الآخر هو الشيعي حصراً في نظر السنّي، على أساس أن المسيحيين قد بلغوا من الضعف بحيث انشغل البعض في البحث عن مكان لهم هنا، في مقابل البعض الآخر الذي دسّ نفسه هناك.
وليسمح لي المسيحيون في لبنان بهذه القسوة لأنها صادرة من غيرة. من دون أن يملك أي من الطرفين مسوّغاً عملياً لاختياراته التي تثبت أن أهلية المسيحيين العرب، واللبنانيين خاصة، لحمل مشروع النهوض، قد تراجعت من دون أن يكون لدى الغرب استعداد أو رغبة في المساعدة على تجديدها.

اقرأ أيضاً: بين حركة «فتح» والإمام الخميني

إن السنّي، وهو الآخر حصراً في نظر أهل العصبية من الشيعة أو أهل السائد السياسي الشيعي، يساعد متطرِّفي السنّة بتجاهله لتعقيدات وضعهم، وتعقيدات وضع السنّة ومسؤولياتهم ودورهم، بدل بحثهم المحموم عن حصصهم. هذا التطرُّف الذي هو مصدر الغذاء والنسغ الأول يساعدهم للتطرُّف المضاد.

(من كتاب على مسؤوليتي – منشورات صوت لبنان)

السابق
عن التزوير الوقح…والصندوق الذي ما زال ضائعا في جويا!
التالي
إلى وسام بليق… وإلى قاتله!