هل التجديد لمجلس بلدية صيدا يلغي حق المساءلة؟

يتوجه الناخبون في مدينة صيدا إلى صناديق الاقتراع يوم الأحد القادم 22 أيار 2016 لانتخاب مجلس بلدي جديد يضم 21 عضواً و23 مختاراً في 13 حياً من أحياء صيدا. ويبلغ عدد الناخبين نحو 60 ألف ناخب وناخبة. ويتنافس في المعركة الانتخابية ثلاث لوائح تعبّرعن القوى السياسية المتواجدة في المدينة، ويطغى الطابع السياسي الواضح على المعركة.

اللائحة الأولى المرشحة لمجلس بلدية صيدا هي “لائحة إنماء صيدا”، يرأسها الرئيس الحالي للمجلس البلدي المهندس محمد السعودي وتضم ممثلين عن تيار المستقبل، الجماعة الإسلامية، وتيار الدكتور عبد الرحمن البزري. وهي استمرارية للمجلس البلدي الحالي مع إجراء تعديلات بسيطة في عضويتها، استبدلت ديانا حمود بقريبها منسق تيار المستقبل في الجنوب الدكتور ناصر حمود، واستبدل أحمد الحريري (أمين عام تيار المستقبل) بابن عائلته المهندس إبراهيم الحريري، وحلّ إبراهيم على الراعي بديلاً عن محمد السيد الذي انتقل إلى موقع مستشار لرئيس البلدية، وترشح المحامي ميشال طعمة بديلاً عن المحامي اسكندر حداد المعتكف منذ سنوات عن ممارسة عضويته في المجلس البلدي. واللائحة تحظى بدعم نائبي المدينة بهية الحريري وفؤاد السنيورة.

اقرأ أيضاً: تحقيقات تكشف تواطؤ «المقاومين» لسرقة مشاعات الجنوب

أما اللائحة الثانية، لائحة “صوت الناس”، يرأسها المهندس بلال شعبان تضم ممثلين عن التنظيم الشعبي الناصري، الحزب الديمقراطي الشعبي، الحزب الشيوعي اللبناني واللقاء الوطني الديمقراطي، بالإضافة إلى عدد من الناشطين الصيداويين. وتحظى بتأييد النائب السابق الدكتور أسامة سعد (أمين عام التنظيم الشعبي الناصري) وما تبقى من اليسار والتيار الوطني العام في المدينة.

واللائحة الثالث لائحة “أحرار صيدا” وهي لائحة غير مكتملة تضم تسعة أعضاء برئاسة الدكتور علي الشيخ عمار وهي لائحة إسلامية كما تعرّف عن نفسها، وهي مدعومة من تيارات إسلامية متعددة من خارج إطار الجماعة الإسلامية.

الجو الانتخابي في المدينة ما زال بارداً ونسبة المشاركة يوم الأحد وحسب مراكز الاستطلاع (الدولية للمعلومات) ستكون متدنية ولا تتعدى نسبة 35% حسب رأي الباحث محمد شمس الدين (مقابلة تلفزيونية مساء الثلاثاء الفائت) اللوائح الثلاثة تسعى إلى رفع نسبة الاقتراع، بالتالي رفع عدد الناخبين لكل منها لإظهار قوتها الانتخابية.

جثة الرضيع في صيدا

وحول أهداف وخطط اللوائح فيبدو الآتي: لائحة أحرار صيدا هي اللائحة الأكثر وضوحاً وتحديداً لأهدافها، تريد إعادة الطابع الإسلامي للمدينة ومن هذا المدخل ترى مهام البلدية لاحقة. إنها تريد إظهار قوة التيار الإسلامي في المدينة، واستناداً إلى تجربة الشيخ أحمد الأسير. إذ تضم في صفوفها عدداً من جماعة الأخير، وعدد الناخبين لها قد يؤشر إلى خطورة وجود مثل هذا الخط الإسلامي المتشدد الذي لا يؤثر على علاقة المدينة بالمحيط فحسب بل على النسيج الاجتماعي للمدينة ويعطي صورة واضحة عن الاتجاهات المذهبية الموجودة ليس في الساحة الصيداوية فحسب وفي الساحات الأخرى أيضاً.

أما لائحة صوت الناس فيبدو أن الأطراف التي أطلقتها قد تأخرت نحو خمسة أعوام ونصف. إذ أن القوى المؤثرة فيها لم تستطع خلال الفترة الماضية على تشكيل مجلس بلدية ظل أو مجموعة ضغط على المجلس البلدي الحالي وأن تتابع مشكلات المدينة واحتياجاتها. فجاء تشكيلها مؤخراً، وقد غاب عنها أن المدخل الأساس للترشح يبدأ في نقد تجربة 2004 – 2010 حينما كانت الأطراف نفسها ممسكة مع الدكتور عبد الرحمن البزري بالمجلس البلدي، قبل أن ينقلب د. بزري ويقبل بحصة في المجلس البلدي الحالي.

رئيس بلدية صيدا محمد السعودي
رئيس بلدية صيدا محمد السعودي

كما أن اللائحة لم تستطع أن تقدم رؤيتها التنموية لمدينة صيدا أو تحت عنوان أي صيدا نريد؟ في المقابلة التلفزيونية التي أجراها تلفزيون الجديد مع عدد من أعضاء اللائحة، ثلاث مرات قال المهندس شعبان: إن رؤيتنا للتنمية تختلف عن رؤيتهم، لكن الزميل صليبي لم يسأله: وما هي رؤيتكم التنموية؟ في حين أن الجزء الأساس من خطاب اللائحة يقوم على نقد ما تطرحه لائحة إنماء صيدا من دون تحديد ما هو برنامج اللائحة المحدد والقابل للتنفيذ والمساءلة والمحاسبة حوله. وفي البرنامج المعلن تجميع للمشكلات العامة من دون تحديد أولويات.

ولائحة إنماء صيدا هي اللائحة المتوقع فوزها في الانتخابات البلدية. إنها لائحة سلطة بامتياز. لا تحظى بتأييد القوى السياسية المشكلة لها فحسب، بل إضافة إليها تحظى بتأييد حركة أمل، وقد لعب الرئيس نبيه بري دوراً أساسياً بإقناع السعودي للترشح مرّة أخرى، أما حزب الله الصامت فإن حليفيه الشيخ ماهر حمود (بخلفية ترشح ابنه بديلاً عن ديانا حمود) وقوات الفجر أعلنا صراحة تأييدهما للائحة إنماء صيدا.

لا يختلف اثنان أن المجلس الحالي، والمقترح أن يكون في المرحلة الآتية، قد حقق إنجازات عدة لا يجوز القفز عنها، إلا أن معظم هذه الإنجازات جرى التخطيط لها منذ فترة 1998 – 2004، وقد لقي بعضها عوائق لتنفيذها في فترة 2004 – 2010 وهي العوائق سياسية بامتياز.

ويبدو أن هناك سياسة تنفذ في لبنان عمادها نظرية ميلتون فريدمان: دع المشكلة تكبر كي يقتنع الجمهور بدفع أقصى ما يملك لحلها.

إزالة مكب النفايات عمل مهم جداً، ولكن ما هو حجم الكلفة التي دفعت مقابل ذلك؟ وهل المبلغ يوازي العمل المنجز (26 مليون دولار أميركي).

إقامة الحاجز البحري (الحوض لدفن العوادم) والذي كلف 14 مليون دولار أميركي، ما هي الجدوى الاقتصادية له؟ لم يجب أحد على هذا السؤال حتى الآن، سوى أنه سيكون أرضاً صالحة للاستثمار لاحقاً (من يستثمرها ولمصلحة من؟) معمل النفايات الصلبة المنزلية، إنه إنجاز رائع، وصيدا تستحقه، ولكن هذا المعمل لا يستحق أن تدفع بلدية المدينة 2.190.000 دولار أميركي سنوياً بدل معالجة نفاياتها وقد اتفق على معالجتها مجاناً في وقت سابق. عدا عن المخالفات القانونية التي ارتكبها مجلس الوزراء في قرار 33 عام 2012.

حديقة الشيخ زايد (خلف المقاصد) مهمة جداً ولكن السؤال: ما هو حجم المبلغ الذي دفع لإنجازها؟ حديقة صيدا العامة (قرب جامع الحريري) ما زالت قيد البحث والإعداد منذ عام 2002 ولم تنجز بعد على الرغم من الوعود العرقوبية التي أدلى بها عدد من مسؤولي الجهة التي اتفقت مع البلدية على إنشائها (مؤسسة الحريري).

المستشفى التركي ما زال خاضعاً للمحاصصة السياسية، وإذا بدأ العمل به سيتحول وفق السياسة السائدة إلى مغارة علي بابا جديدة. إنجاز كبير ولكن بكلفة أكبر تستفيد منها القوى السياسية السلطوية.

المجلس الحالي أعاد الترشح لدورة ثانية، وهذا حقه وحق الأطراف السياسية المشكلة له. ولكن بدون تقديم أي نقد موضوعي للفترة السابقة. بدون كشف حساب، بدون طرح الموازنات والميزانيات السنوية، بدون تبرير صرف الأموال بطريقة صحيحة. يوم الثلاثاء الفائت فجر الباحث محمد شمس الدين قنبلة على تلفزيون الجديد عندما قال: استلمت بلدية صيدا مبلغ 30 مليون دولار من الصندوق البلدي المستقل خلال السنوات الستة الأخيرة، سارع د. عبد الرحمن البزري بالقول: ليس خلال فترة وجودي. هذا يطرح سؤال: كيف صرفت هذه الأموال، من حق المواطنين الاطلاع والمساءلة والمحاسبة.

وفي اللحظة الراهنة، قدمت لائحة إنماء صيدا قائمة تضم 36 مشروعاً تنوي تحقيقها: نقاش المشاريع يستغرق وقتاً طويلاً، لكن أسئلة تطرح نفسها: ما هي القواسم المشتركة بين هذه المشاريع كي تساهم بتنمية المدينة؟ ما هو حجم التنمية البشرية في هذه المشاريع؟ أين تطوير آلية التعلم في المدينة؟ أين الرعاية الصحية وسلامة الغذاء؟ وهل هذه المشاريع تشكل أولوية احتياجات أبناء المدينة؟ ما قدم هو عناوين لا تجيب عن سؤالين محددين: لماذا هذه المشاريع؟ وكيف ستنفذ؟ وبعدها يحق لنا السؤال: وبكم ستنفذ؟

اقرأ أيضاً: هكذا تحوّلت مشاعات الجنوب إلى لقمة سائغة بيد قوى الأمر الواقع

معركة انتخابات سياسية، كل طرف يحاول تضخيم دوره، الغائب عنها هو المواطن واحتياجاته الفعلية.

السابق
لا تدع طفلك يشاهد هذه المسلسلات الكرتونية؟‏
التالي
هل يبكي السيد نصرالله اليوم؟!