مصطفى بدر الدين… لم يكن في نزهة حيث قضى

قائدٌ أسطوريٌ مرقط أبداً، أكثر الروايات وأقلّها تشويقاً تقول أنّه داهية مبتسم دائماً وشجاع، عابر للحدود، لا يقيم وزناً للخطوط ، يقترب من أهدافه يسكن في مجال أنفاس أعدائه، تتراكم الحكايا و الصّور عنه في الخيال بطريقةٍ لا يضيرها إن ترافقت مع قليلٍ من المبالغة في سبيل إظهار كثيرٍ من الإعجاب.

لم يكن في نزهةٍ و لم تكن حياته تبشّر بنهايةٍ أقلّ من ذلك أو غير.

اقرأ أيضاً: الكل أراد موت مصطفى بدر الدين

منطقٌ يفيد بأنّ صاحب الأخبار لن يسقط عن سقالة لأنّه ببساطةٍ لم يكن في مهمّة لإعادة الإعمار، إنّه ذو الفقار وإنّه آلة حربٍ وكنيته تدل على أنّه سلاح.

ربما هو قرأ أو ردّد أو قالها متهيّباً يوماً ” إذا لم تنفع الحيلة فاعلم أنّه القدر الذي لا يُدفع وهو من سلب أقوى المخلوقات قوّته حتّى يدخله إلى التّابوت”. كما وأنّ الحقيقة خط مستقيم لا يمكن أن تدخله كيفما تشاء أو متى تشاء فالحكم أنّ له بداية و نهاية، وأنّ اللامعنى القائم بالأفعال رسم دائري لا نقاط بداية فيه ولا نهايات. و للغافلين ففي سوريا حوَاء يسلب الحية سمّها ويلعب بها يميناً و شمالاً، فيها من لا يكتفي بكفاف يومه ويطمع إلى ما هو أبعد من العينيْن، فيها من الذّئاب و الغربان ما يعيش ويقتات على ما يتركه الصّياد. إنّها ساحة قتال، حيث تتعادل الجرأة مع الخوف وتتساوى النّعاج مع السّباع.

صورة ارشيفية من قصف النظام بالكيماوي

لقد علمنا أنّ من بين المخلوقات من لا ينبت سلاحها ولا يعظم إن هي أقامت في غير موطنها لإختلاف طباعها ونقضها لقواها. وفي تلك الحالات غالباً ما يكون الموت إليها أسرع لشدّة ما يعتريها من الآفات والأمراض، لقد فاتها أنّها ستواجه وحوشاً في صميم بلادها هي أجرأ وأقوى و أمضى. فلا عجب إذاً وكما قال الجاحظ إن إنتصرت بعد ذلك جاموسة في بلاد الروم على أسد.

لقد إختلط على هذا البعض في هذه اللّحظات تفسير معنى الجهاد، وحيرتهم آية تقديم جهاد المال على النّفس. فكان إجتهاد أخذ بالقول أنّ المال أنفع لأنّ به يشترى العتاد والسّلاح ويتغذّى المقاتلون وتستمر سيرة النّضال بخلاف خروج المجاهد بنفسه فإنّ نفعه مقتصر على ذاته.

اقرأ أيضاً: مقتل «اللغز» مصطفى بدر الدين في سوريا: إنجاز أمني- عسكري لمنفذه

وعليه فلا ندري جهاد النفس أم جهاد المال؟ لقد غادر ذو الفقار بذاته ولكنّ السّؤال المتنامي يوماً بعد يوم ينتظر الوصول إلى الجواب الذي طال إنتظاره حول ماذا سيحدث لما تبقّى من مال وجهاد؟

 

السابق
مواطن مصري يظهر في كل تقرير على التلفزيون!
التالي
لهذه الأسباب حققت القوات اللبنانية انتصارها في «القاع»…