الجنوب: الأهالي يواجهون «احتلال» الثنائية لأملاكهم وشؤونهم

السطوة الأمنية والسياسية تفعل فعلها لدى الناخب في بلاد الثنائية الشيعية، ومجرد الاعتراض على سلوكها في ابتلاع الحيّز المحلي والبلدي، يمثل موقفًا جريئًا ومغامرًا أحيانا لأي فرد أو مجموعة أصرّت على ممارسة حقها في الترشح للإنتخابات البلدية.

الاستعداد للإنتخابات البلدية في محافظتي الجنوب والنبطية يشير إلى معارك انتخابية في معظم المدن والبلدات والقرى. وفي البلدات الشيعية تحديدًا يشكّل تحالف أمل وحزب الله طوق النجاة للطرفين وسبيلاً للحدّ من التنافس الإنتخابي بين مختلف القوى المحلية ذات الأبعاد العائلية والمدنية. ورغم سطوة هذا التحالف الأمنية والسياسية، إلاّ أنّ محاولات متنامية في المشهد الجنوبي تظهر إلى حدٍّ بعيد أنّ تحكّم “الثنائية الشيعية” بات يتجاوز مطلب تثبيت الأُحادية السياسية في المشهد السياسي الشيعي، إلى إلغاء ما تبقى من خصوصيات محلية ووجاهات وإلزامها بالطاعة والولاء ولو على حساب هامش محلي طالما كان يشكّل لهذه الوجاهات متنفّسًا اجتماعيًا وحضورًا معنويًا.
السطوة الأمنية والسياسية تفعل فعلها لدى الناخب في بلاد الثنائية الشيعية، ومجرد الإعتراض على سلوكها في ابتلاع الحيّز المحلي والبلدي، يمثّلُ موقفًا جريئًا ومغامرًا أحيانًا لأيّ فردٍ أو مجموعةٍ أصرّت على ممارسة حقّها في الترشّح للإنتخابات البلدية في وجه التحالف. هذا الذي لم يقم إلاّ على مصادرة التنافس الديمقراطي والحر. فعناصر الترهيب والتهويل والإبتزاز غايتها إعادة السيطرة على المجالس البلدية والتحكم بها رغم الفشل الذريع في إدارتها من قبل الثنائية طيلة ثمانية عشر عامًا. أو في الحدّ الأدنى ضمن التحالف الذي ترسخ بين الطرفين في معظم البلديات منذ 12 عامًا.

حزب الله
من غير المسموح مناقشة التجربة البلدية: ماذا حققت وأين أخفقت. ويتمّ كبح ايّ محاسبة بإلغاء العملية الديمقراطية في الإنتخابات، من خلال فرض التحالف نفسه على البلديات وتقاسم الحصص فيما بينهما. لا يمكن في مئات البلديات، التي سيطرت عليها الأحادية الشيعية، أن تخرج شخصياتها على اللبنانيين، وجمهورها تحديدًا، لتعبرّ عن اعتزازها بنموذج أو تجربة بلدية ناجحة. ببساطة يتبجّح بعض المستفيدين من المحاصصة البلدية في حزب الله وحركة أمل بأنّ تحالفهما هو لمنع حصول صدامات أو مشاكل. هذه المقولة تمثل أكبر عملية ابتزاز وإهانة للناخب واستغباء له، لأنّ الصدامات إن حصلت فهي تأتي من أحدهما أو الإثنين معًا، وليس من الناخبين غير المنضوين في هذين التنظيمين. لذا هو تحالف لفرض المحاصصة الحزبية بالقوة على الناخب على قاعدة إمّا أن نتقاتل أو تنتخبوننا.

إقرأ أيضًا: الناخبان السني والشيعي: مستاء من قيادتي، لكن أحتاج إليها
يكفي أن يعلم الناخب، وهذا يعلمه كلُّ الناخبين، أنّهم تعرضوا في بلداتهم لعملية مصادرة منظمة للأملاك العامة وللمشاعات بتنسيق وتواطؤ متبادل بين طرفي الثنائية. وهذا يمكن ملاحظته في معظم الأقضية ولا سيما بلدات قضاء مرجعيون وبنت جبيل والزهراني. هذه العملية التي تمت بتغطية من المتنفذين في المجالس البلدية ولصالح متنفذين في الأحزاب من أبناء وأصهرة وزوجات وغيرهم. ولأنّ الخصم في هذه القضية هو الخصم والحكم، فقد تمت على مدار الدورات البلدية الثلاث، تغطية هذه السرقات. ولم يتحرك القضاء ولا حتى مخافر الدرك. إنّها أرض “المقاومة” التي مع الأسف باسمها تتمّ عمليات المصادرة والنهب وبها يستقوي كل الشبيحة الذين يعرفون كيف يكونون مع المقاومة ويفعلون ما يشاؤون بالبلاد والعباد.

إقرأ أيضًا: بلديات الجنوب منذ 2004: أكبر سرقة للأرض تحت ظلال «المقاومة» والثنائية
على أنّ الكارثة التي أنتجتها الثنائية الشيعية على مستوى المجالس البلدية، دفعت العديد من المستقلين إلى التصدّي لهذه المصادرة وهذا الإستغباء، ولإسقاط مفهوم التزكية المفروض بسطوة السياسة والأمن. لذا تشهد بلديات الجنوب بروز لوائح ومرشحين مستقلين لا يجمعهم إنتماء حزبي أو سياسي، بل إرادة في مواجهة احتلال الثنائية لإرادة الناخب. إذ تبين بوضوح انقلاب مقولة “سنخدمكم بأشفار عيوننا” التي كان حزب الله يرفعها شعارًا في الإنتخابات البلدية السابقة. وبات حزب الله لا يعنيه من المجالس البلدية إلاّ السلطة وتقسيم الجبنة بين مناصريه ومؤيديه، فيما التنمية ومكافحة الفساد وتطوير العمل البلدي ليست في برنامج اهتمامه، بقدر اهتمامه بابتلاع أكبر قدر ممكن من المواقع البلدية والإختيارية. والحجة دائمًا “المقاومة” والرد على “داعش”.

السابق
كتلة المستقبل: حزب الله يشكل خطرًا على الأمن المصرفي
التالي
مقدمات نشرات الاخبار التلفزيونية المسائية ليوم الثلاثاء 17-5-2016