«سكن» حزب الله…أم ترميم لمجتمع محافظ ينهار؟!

سكن
يجهد حزب الله في المحافظة على بيئته، ويحرص توسعة قاعدته الجماهرية داخل الطائفة الشيعية. لذا نسمع كل فترة عن انشائه لمشاريع انمائية متنوعة ضمن بيئته والتي كان آخرها جمعية ‘سكن’. فما هو دور هذه الجمعية؟

يلفت الداخل الى حارة حريك إشارة صغيرة الى مركز جديد يحمل عنوان لافت هو “سكن”، قد يظنه المرء للوهلة الاولى شركة عقارية، لكنه يكتشف انها ليست الا جمعية إجتماعية تركز على الأسرة “المسلمة”. هذه الجمعية متواجدة في مقر رابطة النهضة الإجتماعية، ذات الباع الطويل في العمل الإجتماعي. وتتخذ من الامام علي وفاطمة الزهراء قدوتين ورمزين لها في تطوير الحياة الزوجية والعلائق الأسرية.
جميل جدا هذا الطموح، لكن الى ما يشير؟ يشير الى وعي مستجد وإعتراف متأخر بأهمية الأمن الإجتماعي في الوسط الشيعي تحديدا. حيث ان هذه الجمعية تتبع وتسير وفق سياسة المنظومة الدينية الشيعية وتحديدا المنظومة الغالبة حاليّا.

وبحسب البروشور التعريفي فان مركز سكن للإرشاد الأسر “يهدف الى الحفاظ على ديمومة الأسرة وتحقيق السكن لجميع أفرادها وبلورة رؤية حضارية عن المنظومة العلائقية بين أفراد الأسرة في الإسلام. فيؤمن المركز الإستشارات والورشات والدورات اللازمة لجميع أفراد الأسرة بأسعار مخفضة.

ويختم “أسرنا…حصوننا الداخلية”.

سكن

الجملة الأخيرة هي العنوان الأبرز، بل انها إعتراف على ان الحصون الداخلية توشك على الإنهيار، وهي بدأت منذ زمن طويل بالانكشاف بعد تغييرات جذرية في نمط الحياة من إقتصادية الى إعلامية الى نفسية الى علائقية. كما سائر البيئات اللبنانية حيث لم تنفعها مظاهر التدين الكاذبة.
الهيكل المحصن جدا بشعارات المحافظة والتدين، خرقته البيئات الخارجية، ولم ينفع معه المواعظ الدينية، مما اضطر هذه المؤسسات الإجتماعية الى المبادرة والإنطلاق بشكل حثيث كي لا يقع الهيكل على رؤوس الجميع، فمجتمع المقاومة القويّ سياسيا وعسكريا، هو مجتمع ضعيف بنيوّيا وإجتماعيّا.

إقرأ أيضاً: مي شدياق تردّ: هل أصبح انتقاد نصرالله خطيئة عند موقع جنوبية؟!

وأخيرا فعلتها “رابطة النهضة الاجتماعية” العريقة، فقامت بهذا العمل الصغير والمتواضع لبيئة بحاجة لمئات المراكز والمعاهد والإرشاد النفسي والإجتماعي في الوقت الذي راهن فيه القيميون على هذا المجتمع المحافظ على مواعظ المُعممين الذين يطلوّن ليلا نهارا من على الشاشات ليقدّموا النظريات دون ان ينزلوا الى أرض الواقع.

وكان حزب الله قد أسس لنظام دعم اجتماعي سُمي حملة “قيم” في فترات سابقة بالتعاون مع بلديات الضاحية الا ان الفشل كان حليفها نظرا لغياب الجانب العملي وكان أمين عام حزب الله شخصيا قد أشرف على هذه البرامج التي دُعمت بحملة إعلامية هائلة في بلد كل ما فيه يعمل ضد السلطات.

سكن

فبعد حملة (النظام من الإيمان) في العام 2010 أطلقت جمعية “قيم” حملة ثانية تتعلق بالحياة العائلية، تحمل عنوان (أسرتي- سعادتي) “من أجل مواجهة التفكك والمخدرات وفساد الإعلام”. “فأخطر ما نواجهه هو ذلك الجنوح المفرط نحو الفردية، مما سبّب الانحلال الأخلاقي، اضافة الى الأسباب الاقتصادية والاجتماعية التي تؤدي إلى تفكك الأسر”.. على حد قول السيد هاشم صفي الدين.

إقرأ أيضاً: تجربة خاصة: أنا وعيد العمال وقلمي والطغاة

هذا الفلتان الأخلاقي ينشط على خط الشباب بشكل غير معقول، وما أكد ذلك هو مبادرة مدارس المصطفى والبتول التابعتين لجمعية التعليم الديني التي يُشرف عليها الشيخ نعيم قاسم الى توجيه الفتيان والفتيات الى موضوع كان يُعتبر تناوله من المُحرمات وهو “العقد المؤقت” أو زواج المتعة كما هو معروف، وذلك في سبيل الحد من المغالطات التي يقع بها الشباب والشابات اليوم. اضافة الى سلسلة محاضرات توعوية ناشطة تقيمها حاليا التعبئة التربوية في الجامعة اللبنانية ضمن التوجه نفسه كي لا يقع الهيكل على الرؤوس. علما ان برنامج التوعية الجنسية في المدارس الرسمية كان حزب الله أول من واجهه ومنع إدخاله الى المناهج التربوية تحت حجة عدم تناسبه مع مجتمعاتنا!

ومن المعروف عن المجتمع العربي والإسلامي تاريخيا انه مليء باشكال من العلائق الجنسية، بدليل امتلاء قصور الأمراء بالإماء والجواري والسراري وغيرهن..

اليوم يرتفع الصوت عاليا بعد ان اختبأ المعنيون سابقا وراء أصابعهم.

السابق
مسؤولية أوروبا تجاه نفسها وضحاياها ….
التالي
فلسطيني ولبنانيان شاركوا بإقصاء أول رئيسة للبرازيل