نديم قطيش: من عاقب من في بيروت؟

نديم قطيش

ملاحظات عامة على نتائج إنتخابات بيروت بإنتظار المزيد من معطيات الفرز:
أزمتان رئيسيتان كشفت عنهما إنتخابات بيروت: أزمة الاستابلشمنت وأزمة استعصاء ولادة بدائل.

اقرأ أيضاً: نديم قطيش: ما يعنيني زعامة الحريري لا الاعتراضات الدلوعة

التأكيد على الثقة المهزوزة “بالاستابلشنت السياسي”:
لأنها بيروت، كان الاعتراض الاوضح هو ذاك الاعتراض الصامت على الحريرية السياسية في نسخة ما بعد العام ٢٠٠٩. لجأ البيارتة الى العزوف العقابي وليس التصويت العقابي. أي نصف عقاب. لا تنفع هنا المقارنة مع انتخابات العام ٢٠١٠، حيث أن التجييش هذه المرة كان غير مسبوق.
والعزوف العقابي له معناه، وهو أن الحريرية، رغم الاعتراضات عليها، لا تزال تشكل عامل إطمئنان للناس، وهم لن يستبدلوها كيفما كان وعند اول “بديل كوول” يلوح على الساحة!
ابعد من الحريرية، هناك انعدام ثقة بكامل الاستابلشمنت. تأجيل الانتخابات البرلمانية بدا عبثياً، ومافياوياً، في ضوء اجراء الانتخابات البلدية.
الضرر الواقع على القوى المسيحية ليس قليلاً ايضاً!
إئتلاف عون مع الحريري في بيروت يسقط من الخطاب العوني “عاشورائيته”، أي “أننا ضحية الالغاء”. التوازن الديموغرافي في بيروت يتيح للحريري الغاء التيار او تحجيمه لكنه لم يفعل. وبذا سقط العنوان الالغائي للدعاية العونية حول الرئاسة وكشف، المكشوف، أن التعطيل هو وليد صراع لمصلحة شخص وليس لحماية المسيحيين من الالغائية الحريرية الوهمية! (تلتين معاقبة الحريري أنه ليس الغائي بالمناسبة!!)

الدكتور سمير جعجع، الذي رفض المشاركة في الحكومة نتيجة وجود قوى محددة، عاد وإئتلف في البلدية مع هذه القوى نفسها (حزب الله حاضر عبر حركة أمل رغم كل التوريات)، رغم ان المشاركة في الحكومة أهم وأجدى لحزب كحزب القوات اللبنانية.
التأكيد على صعوبة ولادة بدائل:
أي تصور لبديل لا يكون حالة سياسية تتجاوز لعبة “البراندينغ” والماركتنغ”، هو تجاهل وجهل تام بالقواعد التقليدية للعبة السياسة في لبنان، التي يختلط فيها الطائفي بالزعامي بسلالة طوية من العصبيات العميقة في المجتمع.
بيروت مدينتي هي آخر إختبار فاشل لإستبدال السياسة بالبراندينغ.
في “البراندينغ” نجحت “بيروت مدينتي” في انتزاع لواء الحداثة من الحريرية التي قادت ١٤ آذار بوصفها المعبر الكاسح عن كل ما هو حديث في السياسة والمجتمع والاقتصاد. “المشهدية الأم خالدية” في النادي الرياضي، هو ارتكاس الى قعر “بلدي” في مقابل حداثة بيروت مدينتي. لكن الحداثة وحدها لا تكفي. كما أن فقدان الحداثة وحده لا يلغي مشروع سياسي.
العطل الاساس في بيروت مدينتي أنها إئتلاف إنشقاقات ومشتقات كثيرة. انشقاق ١٤ آذاري عن ١٤ آذار. وبين الاسماء ١٤ آذاريين وحبة مسك. اعرف منهم شخصياً العديد ولكن أكتفي بذكر الاحبة، نادين لبكي (وخالد مزنر أكيد)، والدكتور وليد علمي، والكثير ممن يدورون في فلك اللائحة، (وائل لادقاني)! (بالمناسبة راس الارغيلة تاريخيا في بيروت ما إسمو راس ارغيلة. اسمو أعطيني واحد لادقاني)
وفيها انشقاق سني، انتي حريري، منذ ايام الجامعة والعمل الطلابي مثل السيد جاد شعبان، أحد عرابي بيروت مدينتي. هذا انشقاق لا علاج له. سيركب في اي انتي حريرية، او انتي شو ما كان اذا فيها حريري!
وفيها بقايا الحراك المدني الوليد من رحم ازمة النفايات. وفيها مشتقات يسارية وإنشقاقات يسارية.
الاهم أن “بيروت مدينتي” التي كان يمكن لها أن تكون “تي بارتي ١٤ آذار”، على غرار حزب الشاي في اميركا، بوصفها انشقاق ضميري وقيمي وشعبي عن ١٤ آذار، سقط خطابها في فخ “النيو-لحودية” نسبة الى الرئيس السابق إميل لحود.
“النيو لحودية” تقوم علي إختصار كل الازمات بهتك الحريرية “وخود من بعدها ع نتيجة”!
من حيث لا يريد عدد لا بأس به من مكونات “بيروت مدينتي” أجهضوا التجربة في هذا المكون بالذات.

اقرأ أيضاً:طريق الجديدة انتخبت «البيارتة» بديمقراطية… وكسل!‏

أمنية:
أرجو ان تمد البلدية الجديدة يدها لبيروت مدينتي في السنوات الست المقبلة. ولتكن هناك حكمة في التفاعل الخلاق مع طاقات حقيقة من هذا المكون الجديد. وأتمنى أن لا يسقط هؤلاء في فخ التعالي الطفولي على الاستابلشمنت، دع عنك التعالي على الناخب الذي “أغرق مديحاً قبل ايام وسيغرق بهدلة في الايام المقبلة بإعتباره أخو شرموطة ما بيستاهل”!

السابق
الاصلاحيون يتمددون في البرلمان الايراني الجديد
التالي
القارة الإسلامية تنفجر (5): الحضارة الاسلامية بين الحوار أو الانتحار